غادري إن استطعتِ

WhatsApp Image 2025 04 03 at 12.58.44 7944bd36

غادري إن استطعتِ

بقلم الأديبة / ريما آل كلزلي 

WhatsApp Image 2025 04 03 at 12.46.08 30411f3f


غادري إن استطعت، فليس كل المواجهات انتصارًا، وليس كل الصمت هزيمة. أحيانًا يكون الرحيل أسمى أشكال الحكمة، وأعمق تجليات القوة. الحياة تجود علينا بلحظات نحتاج فيها إلى التوقف، إلى أن نختار معاركنا بعناية، لأننا لا نملك أن نبدد أرواحنا في ساحات لا تستحق منا سوى الإعراض.  


هناك أولئك اللواتي تغلق عقولهن أبوابها بإحكام، فلا تدع فكرتك تدخل ولا تدع أفكارهن تخرج. قلوبهن متصلبة كالصخر، وألسنتهن تتحرك لا لتُعبّر، بل لتُجادل. إنهن هناك، ليس ليفهمن، إنما ليثبتن وجهة نظرهن، حتى لو كانت مجرد ظلال باهتة للحقيقة. فهل يستحقن أن تُهدري وقتك وطاقتك عليهن؟  


المحادثات ليست مجرد كلمات تُقال، إنها جسور تُبنى بين العقول والقلوب. لكنها تصبح عبثًا حين تجدين نفسك تبنين وحدك، بينما الأخريات يهدمْن ما تصنعينه بلا اكتراث. في مثل هذه اللحظات، يصبح الحديث ثقلًا، والسكوت خفة. يصبح الانسحاب انتصارًا على الفوضى، ورحيلك إعلانًا بأنك أكبر من دائرة الجدال العقيم.  


غادري حين ترين أن الحقائق تُشوّه، وأن المنطق يُلوى ليصبح أداة للجدل لا للفهم. غادري حين تشعرين أن كلماتك تتحول إلى سهام تُرمى نحو جدار صلب، لا صدى لها ولا أثر. غادري حين تدركين أن الحديث ليس حوارًا، بل مباراة عقيمة بين أصداء متعصبة.  


ليست الضعيفة من تختار المغادرة، لكن الحكيمة هي التي تعرف متى تنهي معركة خاسرة قبل أن تبدأ. فالقوة ليست في الانتصار على الأخريات، بل في الانتصار على نفسك، في إدراك أن السلام الداخلي أثمن من أي جدال، وأن الاحتفاظ بكرامتك أسمى من إثبات صحة رأيك.  


غادري إن شعرتِ أن صوتك لا يصل. غادري إن رأيتِ أن الحقائق تُغرق في بحر من الإنكار. غادري لأنك تستحقين أن توجهي طاقتك إلى ما هو أنقى، إلى ما هو أجمل. غادري لأن هناك من يستحق أن يسمعك، هناك من ينتظر كلماتك بشغف، هناك من سيبني معك جسرًا حقيقيًا، حيث تتلاقى الأفكار وتتفتح العقول.  


الحياة أقصر من أن نقضيها في محاولات عقيمة لإقناع من قرّرت ألا تنظر إلا من نافذتها الضيقة. لذا، كوني كريمة مع نفسك، وامنحيها حرية الرحيل. ليس كل معركة تستحق خوضها، وليس كل صمت هزيمة. أحيانًا يكون أقوى ما يمكنك فعله هو أن تمضي، تاركة خلفك كل ما لا يمكن إصلاحه.


مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *