أحزان صغيرة

صورة واتساب بتاريخ 1447 02 04 في 20.28.29 82321b7f

أحزان صغيرة

بقلم الدكتورة/ رضوى إبراهيم

صورة واتساب بتاريخ 1447 01 15 في 19.32.08 5e24cc1d


هل يمكن أن نصف الأحزان بأنها صغيرة؟ أم أنها — في الحقيقة — أحزان كبيرة، مهما وصفناها أو استهان بها الآخرون؟
ولكننا — أيضًا — نحتار في كيفية التعامل معها.
كيف نتعايش معها ونمنعها من السيطرة على حياتنا وتدميرها؟

تساؤلات كثيرة تتبادر إلى أذهاننا عندما نتعرض نحن أو أحباؤنا لأزمة أو لفقد عزيز، أو عند الشعور بالوحدة وعدم الثقة بمن حولنا، أو حتى عندما نختلف مع أبنائنا ونحاول أن نكون الطرف الأكثر تعقلاً وقوة.
وفي هذه الأحوال، عادة ما نبحث عن الدعم النفسي… ربما من الأصدقاء أو المقربين، وفي بعض الأحيان نلجأ إلى الصمت حمايةً لخصوصيتنا.

لا يمكن إنكار أن النفس البشرية معقدة للغاية، والتعامل معها أشبه بالسير في طريق وعر مليء بالصخور والطرق المسدودة، فنشعر بحاجة إلى مرشد واعٍ يضيء لنا الطريق بدلاً من أن نفقده إلى الأبد.

وهنا تأتي أهمية الحصول على دعم نفسي، ويفضل أن يكون من متخصص أو متخصصين يتّسمون بسرعة الاستجابة والجدية الشديدة في التعامل مع مثل هذه الظروف الخاصة والحساسة، مع الحفاظ على البيانات الشخصية وطريقة التعامل معها.

ويؤكد الخبراء في كبريات المؤسسات الطبية العالمية ضرورة الاهتمام الكبير بالطب النفسي والعلاجات النفسية، التي للأسف وعلى مدار عقود لم تحظَ بالاهتمام المطلوب في مصر، وكذلك في كثير من الدول الأخرى، بل كانت سيئة السمعة في كثير من الأحيان، حيث يُنظر إليه على أنه يعالج المجانين والمضطربين نفسيًا، ناهيك عن خطورة البوح لأحد الغرباء بأسرارك الشخصية.

لكننا اليوم ندرك بوعي أن هذه الحالات الخاصة والاضطرابات النفسية قد تبدأ من التعامل الخاطئ مع تجربة قاسية أو أزمة مررنا بها في الطفولة، وندفع ثمنها طوال العمر.
أو بسبب شعور بعدم الثقة أو حزن أُسيء التعامل معه، وربما يقود البعض إلى هوّة الفشل أو الإدمان أو حتى الانتحار.
وهناك حالات أخرى تستدعي التدخل بسبب نقص في إفراز مواد كيميائية في الدماغ أو هرمون معين.
كما أنه من المعروف للجميع أن تدارك الأزمات والأحزان الصغيرة في بدايتها أشبه بعلاج جرح صغير جدًا قبل أن يصيبه الالتهاب ويتحوّل إلى كارثة صحية يمكن تفاديها مبكرًا.

جراحنا ربما تكون الباب الذي يفتح الطريق لأفضل أيام حياتنا، لنرى أنفسنا في مرآة أفضل.
ويجب أن نحرص على أن نتفاعل مع كل جوانبها بشكل صحيح ومناسب عند حدوثها أو التعرض لها.

فقد يكون من المهم للكثيرين منا ألّا ينتظروا الأخبار السيئة ليتعرفوا على قيمة حياتهم.
فعندما نُذكّر أنفسنا بأن الحياة قصيرة، وأن الأمور تتغير بسرعة، سنجد قدرًا كبيرًا من النور فيها.
فمن الممكن أن يكون أحدنا لديه زوجة وأطفال، وفي لحظة يفقدهم. وقد يعتقد أنه سيعيش للأبد، ثم يكتشف غير ذلك فجأة.
وقد يمتلك بيتًا ثم يفقده إثر حريقٍ مفاجئ.
أعتقد أن الصورة قد اتضحت بشكل معقول.

ومن الواضح أن هناك طريقتين للنظر إلى قِصر الحياة وعدم دوامها:
– الطريقة الأولى: الشعور بالهزيمة والخوف من حتمية التغيرات، بما فيها المؤلمة؛
– والطريقة الأخرى، الإيجابية: أن نستغل عدم دوام الحياة لنتذكّر أهمية الشعور بالامتنان.

إذًا، من المهم دائمًا أن نتقبل التغيير، وسوف تحدث تغيرات جذرية في حياتنا. فالتغيير أحد الثوابت القليلة في هذه الحياة.
وحينما نقاوم الشيء الحتمي، فإننا نُسبب لأنفسنا قدرًا كبيرًا من الأسى والألم، ونفقد فرصة عظيمة للتمتع بالفرح في حياتنا.

فتقبّل التغيير يمنحك إحساسًا بالأمان والطمأنينة.
وبدلًا من الإصرار على العيش بطريقة معينة، تبدأ رحلة التقدير والقبول لكل مرحلة على حدة.
وهكذا تصبح الحياة مغامرةً فريدة، تُعطى فيها كل خطوةٍ أهميةً وخصوصيةً مختلفة.

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *