أينشتاين والضغط النفسى

WhatsApp Image 2025 03 13 at 11.45.22 3e960d4d

أينشتاين والضغط النفسى

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم  

WhatsApp Image 2025 03 13 at 11.45.22 3e960d4d


 ما كل هذه الجلبة والحيرة بخصوص موضوع الضغط والتوتر ؟ لماذا يساورنا القلق تجاهه ؟ وما هو هذا التأثير الذى يمكن أن يتركه علينا ؟


قد نستطيع الإجابة على هذه الأسئلة – فى رأيى – عن طريق دراسة أحد القوانين الأساسية فى الفيزياء والتى تحكم العالم .


نعلم ان القانون الأول من علم الحركة الحرارية هو إن ” الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم ، لكن يمكن أن تتغير من صورة لأخرى ” .

ولهذا القانون مسمى آخر وهو      ” قانون حفظ الطاقة ” . فعندما تضع ، على سبيل المثال ، عودا خشبيًا داخل مدفئة ، سيكون مصيره الاختفاء نهائيًا داخل النار مع العلم بأن طاقته قد تحولت الى ضوء ًوحرارة . فالطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم ، والدليل هو تحول الخشب فقط من صورته الأصلية الى نار .


وأنا أعتقد بأمكانية تطبيق نفس هذا القانون على الضغط العصبى . فقانون  أينشتاين : ” الطاقة = الكتلة  x  مربع السرعة ، هى خير دليل على أن جميع المخلوقات الحية تتكون من نسب مختلفة من الطاقة. فعند التعرض بشكل واع أو لا واع لطاقة الضغط أو التوتر ، فلا نستطيع التخلص منها بسهولة ، ولكن فقط نستطيع تحويلها لأحد الأشكال الإيجابية للطاقة ، حيث تظهر فى صورة محادثة أو ممارسة أحد الفنون أو التمارين أو الكتابة. والى حد ما ، تمثل عملية التحول هذه أساسًا لبعض الطرق العلاجية مثل العلاج النفسي أو العلاج بالفن . حتى أن نوبة من الصراخ قد تستطيع المساعدة فى التنفيس عن الطاقة السلبية للضغط والتى تراكمت عبر الزمن . 


ومن ناحية أخرى ، فإن طاقة الضغط المزمنة والتى لا يتم التنفيس عنها ، يمكن أن تتحول الى أشكال ضارة للطاقة حيث تؤثر على الجسم مسببة آلامًا مزمنة .  وضيقا فى التنفس ، وطفحًا جلديا . وقد تؤدي طاقة الضغط المكبوتة هذه من خلال التغيرات الكيميائية بالمخ الى مشاكل نفسية مختلفة مثل الاكتئاب والقلق والاضطرابات الجسمية .


ويمكننا أن نتصور أن هذه التفاعلات النفسية  ما هى الا :  بقاء ضغط الطاقة . 

وقد يساعدنا فى تفسير هذا المفهوم تجريبيا أننا لدينًا قدر من الخبرة العملية التى قد تساندها . فعلى سبيل المثال ، عندما كان ” مهند ” فى السابعة من عمره ، بدأ فى الشكوى من الآم فى معدته ، ولم تتفق أعراضه مع أى مرض معروف تاركا والديه وطبيبه المعالج فى حيرة متناهية . وعندما فحصه مجموعة من الأطباء المتخصصين ، أعطوا تشخيصات مختلفة مثل : ارتجاع حمضى  ، قرحة بالمعدة ، اضطراب معوى ، حساسية من الألبان ، صداع نصفى وأخيرص تهيج القولون .

فقد فشلت جميع الفحوص والطرق العلاجية فى علاج الطفل  ” مهند ” مما أدى الى إصابة والديه بالإحباط .  وفى النهاية لجأوا الى طبيب أمراض نفسية والذى تمكن سريعًا من إكتشاف مصدر مغص ” مهند ” . فالطفل يعانى ضغطًا عصبيا نتيجة دفع والديه له كى يصبح الأول دائما على فصله . وكان قد التحق لتوه بالصف الثالث . لذا فقد عانى “مهند ” بلا داع بسبب فشل الأطباء فى التوصل أو حتى التخمين بأن أعراض هذا المرض كانت نفسية وليست بدنية . وبعد فترة قصيرة منً المشاورات العائلية فى أسرة ” مهند ” ، قرروا الذهاب لعيادة استشارات عائلية حيث اختفت آلام المعدة عند “مهند ” – مع استمرار تفوقه بالمدرسة . فبمجرد أن بدأ يتحدث عن مشاعره ، أخذت مشكلة ضغط الطاقة لديه تتحول من شكلها الهدام الى شكل آخر بناء .


وعلى الرغم من غموض العلاقة بين العقل والجسم ، فإنها موجودة وبدون شك . وإذا كنت لا تؤمن بوجود هذه العلاقة ، حاول فقط أن تتذكر آخر موقف حرج مررت به . ستكون النتيجة إحمرار وجهك ، والشعور بسخونة ، وربما التصبب عرقًا وزيادة سرعة ضربات قلبك وذلك فقط لأنك فكرت فى هذا الموقف . فقد تسببت هذه الفكرة فى سريان كمية كبيرة من الهرمونات والمواد الكيميائية المرتبطة بالتوتر داخل جهازك الدورى . وتؤثر تلك  المواد بمجرد انتشارها داخل جسمك على كل عضو أو خلية فى طريقها مثل : القلب ، والكلى ، والمخ ،وشرايين الدم ، والرئتان ، والعينان ، والأمعاء، والجهاز المناعى ، والغدد العرقية . وتكون النتيجة وقوع جزء لا بأس به من جسدك فريسة للاضطرابات الهرمونية والكيميائية .


ومن المعروف حاليا أن الاستجابة لضغوط الحياة اليومية بنفس درجة الاستجابة للتهديدات الكبيرة تجعل الجسد يقتل نفسه ببطء ، حيث إن المواد البيوكيميائية تؤثر على جهاز المناعة ، ممهدة الطريق للسرطان والامراض المعدية والعديد من الامراض الأخرى . كما تؤثر هرمونات الضغط هذه على وظائف الجهاز الهضمي والرئتين وكذلك تسبب القرح المستعصية وضيق التنفس . وقد تضعف القلب مما يؤدي الى حدوث الجلطات أو أمراض القلب الأخرى .


وقد اثبت الدليل العلمى على مر السنوات أن للتوتر تأثيرا عميقًا على صحة الانسان البالغ وتطور المرض لديه . فقد اكدت الدراسات ، على سبيل المثال ، أن نسبة الإصابة بالبرد تتضاعف لديك إذا ما تعرضت لضغط عصبى لمدة تزيد عن شهر . وقد يكون الكثير منا قد لاحظ هذه المعلومة . 


ويطلق بعض الناس على هذه الحالة اسم ” أعراض التوتر ” ، كأشارة للطريقة  التى يؤثر بها الضغط العصبى ، والتوتر على وظائف الجسم . كما أظهرت مجموعة من الدراسات الحديثة مدى تأثير الضغط علىً الصحة بشكل عام .


وهناك الكثيرون ممن يؤمنون بإن للتوتر صلة وثيقة ببعض الأمراض المؤدية للوفاة بالولايات المتحدة ، مثل السرطان ، وأمراض القلب ، وإصابات الحوادث ،  وارتفاع ضغط الدم . هذا ونستطيع الربط بين التوتر وبين عدة أمراض أخرى  كضيق التنفس ، والتيبس بمختلف  انواعه و أمراض السكري ، وقرح المعدة  حتى أن هناك تقريرا يؤكد أن الضغط قد يؤدي الى تغييرات فى المخ والتى قد تؤثر على صحة الفرد العقلية .


مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ar Arabic