
إرادةٌ بِلا خوف
بقلم الأديبة/ منى عاشور

في لحظةٍ مَهيبة، رفع الرجُل المطرقة فوق الجمل، اختبارًا للثقة، وامتحانًا للوفاء، لم يتحرك الجمل، لم يجزع، لم يهرب، وكأن قلبه مطمئن لصاحبه، واثق أن اليد التي تُرفع لا تؤذي، بل تحمي.
ينحني صاحبه يُطوقه بِذراعيه، يُقبله، وكأنما يقول:
” شكرا على هذا الحب الصامت، على هذه الطمأنينة التي لا تقال “.
وإذ بأيلٍ شامخٌ يقف بين الطبيعة، تَجلت فيه عظمة الخالق، انسكب الجمال على جسده المتناسق، قرونه المرتفعة كشجرة في السماء، يُسبح في خَلقهِ كلَ مَن رآه .
جَوارح تُحلق في الأعالي، أعيُنِها لا تُخطئ، وأجنحتِها لا تَهتز..
خيولٌ في الجليد، تَجُر العربةَ بثبات، وخيولٌ أُخرى تَعدو وسط الثلوج، لا تعبأ بالبرد ولا بالرياح، فيها من العزيمة ما يُوقظ في القلب حنينًا للحرية، وللركض نحو المجهول بلا خوف.
في قلب مدينةٍ مَزقتها الحرب، في ليلةٍ سوداء، هزت أصواتُ القنابل أركانُها، في صدمةٍ قاسيةٍ، ودموعٌ بِلا نهاية، يُولدُ الصمت القاسي.
خَلف هذه المشاهد المُذهلة، صوت الحق يعلو، صوتُ الحرية..