الفاكهة المحرمة

WhatsApp Image 2025 03 27 at 16.09.26 59509605

الفاكهة المحرمة

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم  

WhatsApp Image 2025 03 13 at 11.45.22 3e960d4d


أخبرنى الكثير من الآباء أنهم لا يسمحون لأطفالهم بمشاهدة المشاهد العنيفة التى تعرضها برامج التلفزيون أو الأفلام  ، وكذلك لا يسمحون لهم بممارسة ألعاب الفيديو والتى يكون هدفها قتل شخص ( أو شيئًا ما) ، أو حتى الاستماع للموسيقى الصاخبة ، يستحق هؤلاء الآباء الثناء عليهم ، لكنهم غالبًا ما يخدعون أنفسهم ، فنحن لا نستطيع مراقبة أطفالنا طوال أربع وعشرين ساعة فى اليوم على مدار سبعة أيام فى الأسبوع . فسواء شئنا أم أبينا ، سيشاهد الأطفال التلفزيون وسيذهبون للسينما ويسمعون الموسيقى ويقرأون المجلات ويمارسون ألعاب الكمبيوتر ، فقد أثبتت الأبحاث ،  على سبيل المثال ، أن الطفل الامريكى العادى يقضى حوالى ٢٨ ساعة فى الأسبوع أمام التلفزيون وحوالى ساعة على الأقل يوميًا فى ممارسة ألعاب الفيديو أو الدخول على شبكة الإنترنت. هذا بإلإضافة إلى عدة ساعات أخرى يضيعها الطفل أسبوعيا فى مشاهدة الأفلام والفيديو والاستماع للموسيقى.


وعلى الجانب الآخر ، قد يكون لوسائل الإعلام بعض التأثير الإيجابي في أطفالنا كمجرد وسيلة تبعث على الاسترخاء وازاحة الهموم عن كاهلهم . ويمكن لوسائل الإعلام المتنوعة أن تكون وسيلة مفيدة لتعليم الأطفال وتشجيعهم ، أو حتى إعطائهم أفكارًا ملهمة . ولكن للآسف ، عادة ما يكون التأثير السلبى لوسائل الإعلام هو سيد الموقف . وقد لاحظت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن أكثر من الف دراسة أثبتت بشكل قاطع وجود علاقة سببية بين كل من العنف فى وسائل الإعلام والسلوك العدوانى لدى بعض الأطفال … وهذا التأثير واضح وطويل المدى . بإلإضافة إلى أن المشاهدة المستمرة للعنف فى وسائل الآعلام تقلل الحساسية تجاهه فى الحياة الطبيعية . 


فمشاهدة مصارعة المحترفين على الرغم من إنها قد تكون مصطنعة فى إستخدام العنف فيها ، إلا أن دراسة حديثة أمريكية أثبتت أن الأولاد المراهقين عندما يشاهدونها كثيرًا على شاشة التليفزيون ، يكونون أكثر ميلًا لصفع أو ضرب أو حتى الاعتداء  الجنسى على  الآخرين . وقد أتهم صبى عمره ثلاثة عشر عامًا مؤخرا بقتل فتاة عمرها ست سنوات وذلك عندما طبق عليها بعض حركات المصارعة التى تعلمها خلال مشاهدته مصارعة المحترفين على التلفزيون. ومن المتوقع أن يقضى هذا الطفل بقية حياته خلف القضبان . 


إن قلة الحساسية تجاه ظاهرة  العنف جعلها تنتشر فى المدراس الامريكية بشكل كبير . فهناك بعض الأطفال الذين يشعرون بالغربة والاضطهاد بالمدرسة ، حيث تعتبر أكبر المشاكل المدرسية لدى أكثر من نصف الأطفال ممن تتراوح أعمارهم ما بين ثمان سنوات وإحدى عشرة سنة ، وثلثى الأطفال ممن تتراوح أعمارهم ما بين أثنتى عشرة – هى مشكلة المضايقات وممارسة البلطجة عليهم . 


وتتفاقم هذه المشكلة مع نمو الأطفال ، ومع ذلك يشعر الكثير منا بأن المدرسة تمثل المكان الأمن والمستقر لدى الأطفال حتى فى حالة عدم استقرار العالم من حولهم .


وماذا عن الجنس الذى لا يخلو منه مكان فى المجتمعات الامريكية بداية من الأفلام الى أغلفة المجلات وحتى كلمات الأغاني ؟ فلا يستطيع الطفل الامريكى التنقل بين قنوات التلفزيون بدون التعثر فى آشارة جنسية ( من أحاديث عنه أو مغازلة ) ، وقد أوضحت بعض الدراسات الامريكية فى هذا الجانب ، أن المشاهد الإباحية للمراهقين قد تضاعفت ثلاث مرات لكى اصل الى نسبة ٩٪؜ ، بينما يؤكد برنامج واحد من مجموع عشرة برامج على مخاطر الجنس ومسؤلياته .


ومما يزيد الأمر سوءا أن الدراسات قد أثبتت أن الآباء غالبا ما يترددون فى التطرق آلى أحاديث شائكة مثل الجنس والمخدرات  والعنف مع أبنائهم . وحتى فى حالة عدم الخوض فى مثل هذه الموضوعات بالمنزل ، يشكو الأطفال الصغار بأنهم يشعرون بضغط هذا الموضوع فى المدرسة . وربما هذا هو السبب الرئيسى فى أن معدلات حمل المراهقات فى الولايات المتحدة على الرغم من أنها بدأت فى الانخفاض. إلا إنها لا زالت الاعلى بين جميع الدول الغربية الآخرى  . 


ويتساءل الاكاديمين والمثقفين هناك عن ايجاد الحل أو الحلول ؟ فهم لن يستطيعوا السيطرة على صناعة الأسطوانات أو اختيار نوعية الأفلام التى تنتجها ” هوليود ” ، وكذلك لن يمكنهم منع وقوع حوادث العنف العشوائية ، فستبقى تلك الضغوط الاجتماعية دائما بعيدة عن نطاق السيطرة ، وهمهم الرئيسى هو محاربة قوى الاضطراب هذه كى لا تصل الى أطفالهم  . فتربية طفل هادئ فى مثل هذا العالم المضطرب  يتطلب مهام صعبة ، وقد يؤدى الفشل فى تحقيقها الى عواقب وخيمة على أطفالهم .


مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ar Arabic