المبدعة العربية وجائزة نوبل !!
بقلم الأديبة الأستاذة/نهى عاصم
12/10/2024
الكاتبة الكورية هان كانج الفائزة بجائزة نوبل للآداب ٢٠٢٤ توقع لإحدى القارئات
بعد قراءتي لخبر فوز الكاتبة الكورية هان كانج بجائزة نوبل في الآداب لعام ٢٠٢٤ ،تذكرت سؤالًا ٌٌطرح علي في إحدى الندوات وكان يقول:
هل أنصفت الكاتبة العربية نفسها من خلال الرواية ؟ ولماذا لا يوجد
حتى الآن روائية واحدة تتصدر المشهد الثقافي والروائي كالرجل ؟
وكان ردي:
نعم أنصفت بعض الكاتبات العربيات أنفسهن من خلال الرواية:
ألم تتصدر أعمال رضوى عاشور المشهد برائعتيها الطنطورية وثلاثية غرناطة في حياتها، وأثقل من رضوى والصرخة بعد موتها..
في ظني لم نتصدر نحن النساء المشهد الثقافي والروائي كما الرجال لسبب رئيسي مهم:
المرأة ابنة وأخت وأم وكنة.. تجد هذه الكاتبة المرموقة تتقوقع لسنوات بعيدًا عن الكتابة حتى تستطيع مراعاة والديها أو أحدهما، أو ناقدة مثلًا تنشغل بتزويج ابنتها، أو هذه الكاتبة التي كنا نعتبرها مثلًا بداية قاصة ذات شأن لديها ابن من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو أنا مثلًا حينما قضيت ما يقرب من عام إلى جوار ابن من أبنائي بعد تعرضه لحادث تسبب في ضرر شديد في ساقه وقتها.
نحن حقًا قوارير وقلوبنا لا تحتمل سوى كل ما هو صحيح ولا نستطيع إلا احتضان من نحب حتى ولو كان هذا بالتضحية بما نحب كالإبداع..
وبالعودة إلى السبب الأساسي لكتابة هذا المقال وهو جائزة نوبل والنساء، فالمبدعة العربية لم تغزو نوبل حتى يومنا هذا، إذ فازت ١٨ مبدعة أجنبية بهذه الجائزة، بدءًا من عام ١٩٠١ منذ إنشائها وحتى يومنا هذا، مثل توني موريسون وآني إرنو وهان كانج. ويفترض بالكُتاب الفائزين بها أن يكونوا قد ابتكروا العمل الأكثر تميزًا في الاتجاه المثالي في مجال الأدب وهو المعيار الذي حددته وصية ألفريد نوبل السويدي الجنسية الذي أراد بهذه الجائزة تكريم المبدعين في مجالات عدة.
وبالطبع فإن الفوز بالجائزة يتطلب مسؤوليات مهمة ثقيلة على الفائزات بالجوائز الأدبية، إذ تكلف النساء الفائزات بكتابة أعمال تبرز التجارب الأنثوية مثلًا، ويصبحن ممثلات لدولهن والجميع لاسيما النساء..
أما هان كانج، فهي شاعرة وروائية من كوريا الجنوبية، حاصلة على جائزة البوكر الدولية عام 2016 عن فئة الرواية المترجمة إلى الإنجليزية عن رواية (النباتية)، ولدت هان كانج عام 1970، لأب كاتب روائي مشهور، وهي كاتبة مهتمة بالفنون والموسيقى أيضًا، كل هذا كان له تأثير على إنتاجها الأدبي الذي خرج من المحلية الكورية إلى العالمية، تضع مجتمعات بعيدة عنا- بعاداتها وتقاليدها- تحت مجهر الروائي . بدأت كانج حياتها المهنية عام 1993 بنشر عدد من القصائد في مجلة “الأدب والمجتمع”. ثم أصدرت عام 1995 مجموعة قصص قصيرة “حب يوسو”، ثم أصدرت روايات وقصص قصيرة. أذكر منها “الغزال الأسود”، “دروس اليونانية”، وكذلك رواياتها “النباتية” و”أفعال بشرية” و”الكتاب الأبيض” التي ترجمت إلى اللغة العربية. وكان لاهتمامها بالفن صدى واضح في رواية ؛ “يديك الباردة”.
للكاتبة الفائزة بنوبل أسلوب مميز في أعمالها إذ أنها دائمة البحث في الدواخل الإنسانية، تعبر عن آلام البشر الجسدية والنفسية، كما أن لها شفافية واضحة فيما يتعلق بالروح الإنسانية والموتى.
ففي روايتها “النباتية” بدأت الكاتبة العمل بجملة لزوج يتحدث عن زوجته قائلًا:
“لم أكن أرى شيئا مميزًا في زوجتي قبل أن تصبح” نباتية” لنكتشف أن الأمر كان ناتجًا عن حلم شاهدته تلك الزوجة أدى إلى مشاهد روائية رائعة متمازجة بين البشر والطبيعة، والضرر الذي أصابها على يد هؤلاء من عمروها فخربوها، وكل ما يؤدي من تبعات وأضرار على الطبيعة والإنسان سواء بسواء..
اقتباس من الرواية:
“لم يبدُ عليها أي اندهاش رغم أن الموقف كله كان غريبًا، وكان يبدو أنها تستطيع أن تتعامل جيدًا مع أي شيء يوضع في طريقها برباطة جأش ودونما صخب. قد يكون ذلك بسبب حدوث الأشياء داخلها أولاً؛ أشياء مفزعة لا يستطيع أحد تخيلها، ومن ثم يصبح من المستحيل بالنسبة إليها أن تخوض غمار أمور الحياة اليومية. إن فعلت، لن تبقى لديها أي طاقة”.