المشروع X بين غواصات وسرّ الهرم… سينما مذهلة أم تشويه متقن؟

صورة واتساب بتاريخ 1447 01 07 في 19.25.39 d14513d1

المشروع X بين غواصات وسرّ الهرم… سينما مذهلة أم تشويه متقن؟

بقلم الدكتور /  حسين عبد البصير- عالم آثار مصرية ومدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية 

صورة واتساب بتاريخ 1446 12 29 في 13.29.42 7eb063ea


تم عرض فيلم المشروع X وسط ضجة كبيرة باعتباره أحد أضخم الإنتاجات السينمائية في تاريخ السينما المصرية والعربية. وقد جرى تصويره في خمس دول، باستخدام غواصات حقيقية، وطائرات حربية ومدنية، إلى جانب توظيف أحدث تقنيات العرض مثل IMAX، و4DX، وDolby Atmos، وScreenX

لكن خلف هذا البريق التقني، يبرز سؤال جوهري عن الوعي والهوية والمصداقية التاريخية: هل قدم الفيلم الحضارة المصرية القديمة برؤية علمية حقيقية؟ أم أعاد إنتاج خرافات الاستشراق الغربي عن المصريين القدماء؟

من يوسف الجمال إلى “مؤامرة الطاقة”: حبكة خطرة على الوعي

يقوم النجم كريم عبد العزيز بدور “يوسف الجمال”، عالم المصريات الذي ينطلق في رحلة ملحمية تبدأ من قلب القاهرة إلى الفاتيكان وأعماق المحيطات، في محاولة للإجابة عن سؤال: هل الهرم الأكبر مجرد مقبرة، أم أنه يخفي سرًّا مفقودًا يتعلق بمصدر طاقة خارق؟

هذا الطرح، رغم جاذبيته البصرية، يُمثل انزلاقًا نحو خيال غير مسؤول. ففكرة “الهرم كمحطة طاقة” هي من بنات أفكار نظرية المؤامرة التي روجتها كتب هامشية وتسجيلات مشبوهة، ولا علاقة لها بالعلم القائم على الأدلة والنصوص والنقوش المصرية الأصلية.

الحضارة كديكور سينمائي


في مشاهد مليئة بالحركة، نرى الفيلم يتنقل بين مطاردات تحت الماء، وقفزات بين العواصم، وغواصات حقيقية، في مغامرة ضخمة من حيث الإنتاج. لكن للأسف، فإن هذه المغامرة تُفرغ القصة من مضمونها الثقافي والتاريخي.

تم توظيف الحضارة المصرية كخلفية سينمائية لا أكثر، واستُخدمت رموزها وكأنها تعاويذ غامضة، بدلًا من تقديمها كدلالات روحية ودينية وفلسفية عميقة.

أداء لامع في إطار سيناريو باهت

كريم عبد العزيز قدّم شخصية جذابة، ومعه نخبة من النجوم مثل ياسمين صبري، وإياد نصار، وعصام السقا، وأحمد غزي، وهنا الزاهد، بالإضافة إلى ظهور مميز لماجد الكدواني وكريم محمود عبد العزيز.

لكن جميع الشخصيات كُتبت بمنطق المغامرة لا المعرفة. بدا “عالم الآثار” أقرب إلى عميل في مهمة سرّية، لا باحثًا حقيقيًا في تاريخ ومعتقدات مصر القديمة.

التقنية المبهرة لا تُبرر التزييف المعرفي

يُحسب لبيتر ميمي جرأته في استخدام تقنيات سينمائية غير مسبوقة في مصر، لكن هذا لا يعفيه من غياب الرؤية الثقافية.

تقديم الهرم الأكبر، أحد أعظم إنجازات الحضارة الإنسانية، كـ”محطة طاقة غامضة”، هو تشويه معرفي خطير يُكرّس الجهل والخرافة، لا الإعجاب المشروع.

أين علم المصريات؟ أين النقوش؟ أين فلسفة الموت والبعث؟ أين دور الكهنة والمعماريين في بناء هذا الصرح العظيم؟ للأسف، غابت كل هذه الملامح لصالح الأكشن السريع.

مشروع ضخم بلا وعي حضاري


فيلم المشروع X هو إنجاز إنتاجي وتقني، لكنه سقطة معرفية كبيرة. إنه يُقدم صورة مضللة عن الحضارة المصرية، تروّج للخرافة وتبتعد عن العلم، وقد يُصدّقها الجمهور من الشباب بوصفها “حقيقة سينمائية”.

لسنا بحاجة إلى “فراعنة خارقين” من خيال المؤامرات، بل إلى دراما صادقة تنبع من عمق مصر وجمالها وفكرها الخالد.


مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *