
تقديرك لشريك حياتك يعينك على متاعب الحياة
بقلم الدكتورة/ رضوى إبراهيم

يتساءل الكثيرون إن كان الحال فى بيوتهم دائما تسوده الألفة ؟ ومعظمنا فى اللحظات صعبة نقر بأن الحال على غير ذلك ! فعندما نقرأ فى بعض الاحيان عنواين الكتب التى تلفت الانتباه إلى العلاقات بين أفراد العائلة وكيفية التعامل مع عائلتك وحياتك الأسرية بمزيد من الكياسة والتقبل واليسر،
وياتى السؤال الذي دائمًا ما تتجاهله بينك وبين نفسك أن العلاقات فى اسرتك تتسم بشئ من الصعوبة على مختلف مستوياتها ، سواء كان ذلك مع الأطفال أو الزوج إو الزوجة أو الأقارب أو الآباء أو مع احد الشباب المراهقين بالعائلة ، أو مع اكثر من طرف مما ذكرنا .
فالألفة الزائدة ، والعادات المستحكمة ، وتوقعات الآخرين منا ، والتضحية ، والرغبات المتعارضة ، والخلافات والمسؤوليات ، وغيرها من الأمور العائلية ، يمكن ان تسهم فى خلق بيئة عائلية متوترة . وعلاوة على ذلك ، فآن إفراد العائلة – أكثر من غيرهم – يعرفون كيفية إثارة غضبك . ولو أضفنا الى العلاقات الأسرية شتى المسؤوليات والمضايقات التى تحيط بنا – كنفقات المعيشة ، والفواتير ، وغسيل الأطباق ، وتنظيف البيت ، وأكوام القمامة ، والمكالمات الهاتفية ، والحيوانات الإليفة ، والضوضاء ، والصيانه والى ما ذلك – فسوف تؤدي هذه الأشياء إلى الإصابة بانهيار عصبى .
ومن باب الأمانة ، فإن انتماء الفرد الى أسرة هو بدون شك ميزة ، وأمر له فوائده ، غير أنه يتسم بالصعوبة ، حتى عندما تسير الأمور على خير حال . فإن كنت ترغب فى التمتع بحياة عائلية فعالة ومفعمة بالحب ، فعليك بالصبر ، وألا تدع الأمور الصغيرة تفقدك صوابك ، وتسيطر على تفكيرك . ودون أدنى شك ، فإن حياتنا الأسرية تعج بالصعوبات التى علينا ان نتعامل معها،فإن تركت نفسك للقلق بشأن الأمور الصغيرة ، فسينتهي بك الأمر الى الإصابة بإنهيار عصبى .
وفى اعتقادى أن هذا الموضوع من الموضوعات المهمة التى تستحق ان نناقشها ، وذلك لأنها تتعلق بالألفة والسكينة فى منازلنا ، بل وتتعلق كذلك بصحتنا النفسية .
ولهذا قد نقوم بالتركيز على بعض الاستراتيجيات التى تفيد بعضا من أكثر مصادر الإحباط شيوعًا ، وكذلك من اجل استعادة بهجة الحياة الأسرية التى فقدناها فى خضم الإحباط والإنشغال الذى يسود حياتنا .
فإن من أهم هذه الاستراتيجيات التى يجب التركيز عليها ، هى : تقديرنا لشريك حياتنا الذي يعتبر من أهم المفاهيم التى تعينا على التغلب على الكثير من متاعبنا الحياتية .
وقد وجدت من خلال ممارستى فى جلسات العلاج الأسري أن قلة من الأزواج يستفيدون إو ينتفعون مما تعود به هذه الاستراتيجية من نتائج باهرة . وبيت القصيد هنا ، يكمن فى أن إحساس شريك الحياة بالسعادة وبتقديرك له سيولد عنده رغبة فى مد يد العون لك . وعلى العكس ، فإن شعوره بالتعاسة ، واستخفافك به لن يجعله يفكر مطلقًا فى تسهيل الأمور عليك .
ويجب أن أوضح هنا أننى لا أقصد من ذلك تحميلك مسؤولية إسعاد شريك حياتك . فكل إنسان منا مسؤول عن تحقيق سعادته بنفسه . إلا أن لكل منا دورَا مهمًا فى إحساس شريكه بتقدير الآخر له .
والآن ، تأمل لحظة موقفك من هذه الناحية ، كم مرة قلت فيها “شكرًا ” من القلب لشريك حياتك على كل ما قام به من جهد مضن نيابة عنك ؟ لقد صادفت المئات ممن لم يفعلوا ذلك مطلقًا ، فى حين أن جميع من قابلتهم تقريبًا لم يفعلوا ذلك على نحو متكرر .
إن شريك الحياة بالمعنى الصحيح ، هو أو هى شريك له فى كل شئ . وأفضل أسلوب لمعاملة الشريك هو معاملته كصديق حميم،فعلى سبيل المثال ، فإن قال لك أحد الأصدقاء : ” إننى أود أن أرحل وأخلو بنفسى لبضعة أيام ” ، فبماذا سترد عليه ؟ على أغلب الظن أنك سترد عليه قائلا : ” تبدو هذه فكرة رائعة ، أظنك تستحق هذا ، عليك أن تقوم بذلك ” ، ولكن لنفرض أن شريك حياتك طلب منك نفس هذا الشيء، فهل سيكون رد فعلك بالمثل ؟ أم ستفكر فى أثر طلبه عليك ؟ هل ستشعر بالضيق أم الرفض أم الغيظ من طلبه ذلك ؟
من البديهي ، أنك لا تستطيع معاملة شريك حياتك بنفس الطريقة التى تعامل بها أصدقائك الأوفياء ،ذلك أن إدارة شؤون الحياة الزوجية والمنزل ، وميزانية الأسرة تنطوي على قدر هائل من المسؤولية .
فلنفرض ، مثلًا ، أن صديقًا حضر إلى بيتك وساعد فى تنظيفه ، ثم قام بطهي طعام الغداء ، فماذا ستقول له ؟ كيف سيكون رد فعلك ؟ ألا تعتقد ان شريك حياتك يستحق أن تقدم له الشكر والعرفان بالجميل عند قيامه بنفس الشيء . والإجابة على ذلك تكون بالإيجاب التام . فجميعنا يحتاج الى الشكر والتقدير ، ويستوى فى ذلك قيامنا بالعمل سواء فى البيت او فى خارجه أو الجمع بينهما . وعندما لا يستخف الآخرين بنا ، فإننا نميل بالفطرة الى تقديم العون لهم .
إن استجابة الناس لتقدير الآخرين لهم تأتى فى صورة متعارف عليها ومحددة . فعندما يجمع بين الأزواج شعور متبادل بالتقدير ، ويحاولون دائما تذكر ألا يستخف أحدهم بالآخر مطلقًا . عادة ما يجعل قيام كلا منهم بأى جهد شاق أو أى إسهام كبير شيئا يعشق عمله وتأديته نيابة عن الآخر – ولن يكون عمله هذا فقط بوازع المسؤلية ، بل لأن كلًا الطرفين يعلم علم اليقين أن الآخر سيقدر عمله هذا .
فإن كنت تطبق هذه الاستراتيجية فعلا ، فعليك بالمضى على هذا النهج ، وإن كان غير ذلك ، فما زال أمامك الفرصة كى تبدأ فى انتهاج هذا الأسلوب . ولتسأل نفسك عما بوسعك أن تفعله للتعبير عن تقديرك لشريك حياتك بصورة أكبر مما تقوم به الآن ؟ وفى الغالب ، فإن لهذا السؤال إجابة غاية فى السهولة : عليك أن تبذل جهدًا متواصلًا كى تعبر عن شكرك للطرف الآخر ، على أن يكون شكرًا نابعًا من القلب . ولابد أنك شاهدت ما يقوم به الأزواج السعداء ، فكلما زاد شعور شريك حياتك بتقديرك وشكرك له ، كلما زاد مقدار عونه لك .