
جولة في أسواق اليونان الشعبية لليوم الواحد
تقديم الأستاذ/ أحمد التابعي – اليونان

في قلب أحد الشوارع المخصصة لسوق اليوم الواحد، حيث يلتقي عبق التقاليد بأناقة النظام، تنصب المظلات بلون موحد ( في الغالب برتقالي أو أخضر ليعكس الإحساس بالنضارة و الانتعاش ) دون ضجيج أو صخب، فالباعة يعرضون بضاعتهم بهدوء، وأسعارها مكتوبة بخط واضح وجلي، حرصًا على راحة السكان واحترامًا لأجواء الحي.
تتميز هذه الأسواق بكونها فعالية أسبوعية، تُقام في كل حي في يوم محدد، وفق نظام دقيق يشرف عليه رئيس السوق، الذي غالبًا ما يكون أحد الباعة المخضرمين. ومن مهامه ضمان انسيابية عمليات البيع والشراء، وحل أي مشكلات قد تواجه المتسوقين، إلى جانب جمع رسوم استئجار المساحات المخصصة لكل بائع.
للانضمام إلى هذا السوق، يتعين على البائع التسجيل لدى رئيس السوق، الذي يتأكد من استيفاء جميع المتطلبات القانونية، بدءًا من الرخصة التجارية والسجل الضريبي، وصولًا إلى وجود ماكينة الدفع الإلكتروني. كما يتحقق من دقة الميزان المستخدم، لضمان توافقه مع المعايير القياسية، في تجسيد مثالي للنظام والشفافية التي تشتهر بها الأسواق اليونانية.
إنها تجربة تجمع بين روح التقاليد ونظام الحياة العصرية، حيث يجد الزوار متعة التنقل بين البضائع الطازجة والصناعات اليدوية، في أجواء تنبض بالحيوية والرقي. تتنوع البضائع في السوق بين الأدوات المنزلية المختلفة و مرورًا بالمنتجات الغذائية المتنوعة اللحوم و الأسماك و الخضروات و الفاكهة ، مع وضع المنتجات ثقيلة الوزن في أول السوق مراعاة لسهولة النقل والتحرك. و في الحي الذي أسكن فيه يُقام السوق الشعبي يوم الأربعاء في المكان ذاته منذ ٣٥ سنة.
ما يميز المنتجات ليس السعر، بل مصدرها وجودتها، فمن يفضل علامة تجارية معينة—كزيت الزيتون، على سبيل المثال—قد يجد أن بعض المتاجر لا تعرضها بكثرة، بينما سوبر ماركت آخر يتعامل معها بشكل مكثف، فيختار التسوق منه للحصول على المنتج الذي يفضله.
الأمر ذاته ينطبق على الأسواق؛ فهناك من يبيع طماطم مزروعة في جزيرة كريت، بينما آخر يعرض طماطم من منطقة مختلفة. الفارق الحقيقي يكمن في منشأ المنتج وليس في ثمنه، إذ تبقى الأسعار ثابتة. فعلى سبيل المثال، البطاطس المصرية متوفرة بوفرة هنا، وهناك من يفضلها، في حين يختار آخرون البطاطس اليونانية وفقًا لتفضيلاتهم الشخصية.