حين يضيق القلب بما لا يُقال

صورة واتساب بتاريخ 1447 01 28 في 18.38.58 2023fe69

حين يضيق القلب بما لا يُقال

بقلم الأستاذة/ ذكرى زيد 

صورة واتساب بتاريخ 1447 01 21 في 17.01.23 7bcfed1a

 

 

كأنّني سكونٌ عالقٌ بين زحام الأصوات، ظلٌّ شاحب يمشي بين الناس ولا يرى نفسه في المرايا.

كأنّ شيئًا ما في قلبي انكسر بصمت، ولم أُفلِح في لملمته، ولا في البكاء عليه.

كلّ شيءٍ بي ساكن… لا حزنٌ يصرخ، ولا فرحٌ يُعلن نفسه، فقط فراغٌ يتنفس، ووجعٌ هادئ يشبه الموت البطيء.

 

إنه الشعور حين تُصبح مشاعرك كالحجارة، لا تنبض، لكنها ثقيلة، تحشو صدرك فلا تقوى على التنفس، ولا تقدر أن تُلقيها بعيدًا.

تلك اللحظات التي تمشي فيها بين الزحام وأنت غائب عن كلّ شيء… عن الحياة، عن نفسك، حتى عن أسماء أحببتها.

حين يتحدث الناس إليك ولا تسمع، يضحكون حولك ولا تبتسم، يقتربون ولا تشعر بوجودهم…

كأنك جالسٌ في مقعد العالم الأخير، لا أحد يراك، ولا أحد يعرف أنك هناك.

 

أنا لا أبالغ حين أقول إنني خالية من كل شيء، خالية حتى من قدرتي على الحنين.

فالحياة تسحبني رويدًا دون مقاومة، والليل يمرُّ عليّ بطيئًا كأنّه يسير على أطراف قلبٍ منهك.

الأحلام التي كنت أرسمها على جدران خيالي، تهاوت، وانطفأت ألوانها، صارت باهتة كأحاديث المجاملة.

وحتى الدموع، تلك التي كانت تهرب خلسةً لتبوح بما في داخلي، لم تعد تزورني.

صرت أنظر إلى السقف طويلًا دون سبب، كمن ينتظر شيئًا لا يعرف ما هو، ولا متى يأتي… أو هل يأتي أصلًا؟

 

يظنّ البعض أن الوجع لا يُقال إلا حين يُبكى، لكن هناك وجعٌ صامت، لا دموع له، لا صوت له، لا ملامح،

يوجعك لأنك لا تعرف كيف تصفه، ولا تجد أحدًا يفهمه دون أن تشرحه،وكلّما حاولت أن تكتبه، شعرت وكأن الحروف تخونك، كأن الكلمات لا تتسع لحجم ما في داخلك.

 

أنا تلك الفتاة التي لا تُحسن التعبير عن حزنها، التي تضعف في الليل وتتماسك في الصباح، التي تقف أمام المرآة لتطمئن أنها ما زالت موجودة،

ثم تمضي لتُقنع الجميع بأنها بخير، وأن اليوم سيمر، كما مرّ الذي قبله،

مع أنها لا تتذكر كيف مرّ أصلًا.

 

تخيل أن تعيش بداخلك حربًا صامتة، تنهشك في كل لحظة، وتخرج للناس بهدوء لا يشبه ما بداخلك.

أن تنام وجسدك متعب، وروحك أضعف من أن تحلم، فتستيقظ وكأنك لم تنم، وكأنك عدت من معركة لا يراها سواك.

أن تتحدث وتبتسم، بينما صوتٌ داخليّ يقول لك “كفى… لا طاقة لنا بالمزيد.”

 

وكلّ هذا لا يُرى… لأن الحزن الصامت، لا يترك دليلًا واضحًا.

لكنه يسكن العين، يجعل نظرتها باهتة، يسكن الصوت، يجعله مكسورًا حتى وهو يضحك،يسكن التفاصيل، يجعل كلّ شيء بلا طعم، بلا شعور، بلا حياة.

 

أتساءل أحيانًا، هل سأخرج من هذا الخواء؟ هل سيمرّ؟

لكنني في أعماقي لست أنتظر شيئًا، ولا أملك طاقة الرجاء.

كلّ ما في الأمر أنني أكتب…

ربّما لأُخبر نفسي أنني ما زلتُ هنا،

وأنّ في هذا الصمت، شيئًا يشبه الحياة، ولو كُتب بالحبر لا بالدمع.

 

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *