
دنيا أشرف نافست الرجال ولم تفقد أنوثتها
حاورتها الكاتبة / سحر السلاموني

قصة نجاح مُلهمة كتبتها “الأسطى دنيا أشرف” بالإصرار والجهد. “دكتورة العربيات”، كما تحب أن تُنادى، لم تتخيل يومًا أن تصبح من المشاهير في مجال ميكانيكا السيارات، خاصة بعد أن حالت الظروف دون التحاقها بالجامعة.
تقول دنيا:
“بعد انتهاء الثانوية العامة، لم يُؤهلني مجموعي للالتحاق بجامعة في محافظتي، ورفض والدي أن أسافر للدراسة في محافظة أخرى، فمكثت عامًا كاملًا في المنزل. ثم تنازلت عن حلم الجامعة، وقررت الالتحاق بالمعهد الفني الصناعي – قسم ميكانيكا سيارات.”
الحظ كان حليفها؛ فقد حصلت على فرصة تدريب، تلتها وظيفة بأحد التوكيلات الشهيرة. ومن هناك بدأت رحلتها الحقيقية عندما التحقت بمنحة تدريبية مدتها 5 أيام لدراسة أعطال السيارات، في مجمع خدمة الصناعة (المعهد التقني) بالأكاديمية العربية للنقل البحري.
أول اختبار حقيقي
بعد التدريب، خاضت أول منافسة حقيقية في مهنة لطالما ارتبطت بالرجال. شاركت في مسابقة لتحديد العطل في سيارة وإصلاحه بأقل وقت ممكن، وسط عشرة متسابقين، وفازت بالمركز الثالث مكرر. ومن هنا، تم تعيينها كأول مدرّبة في قسم ميكانيكا السيارات بالأكاديمية العربية
دعم الأب ورفض الزملاء.
لم تكن طريقها سهلة. واجهت رفضًا من زملاء المهنة، واحتاجت إلى ورشة تسمح لها بالتعلم العملي. وهنا ظهر دور والدها، الذي ساندها وساعدها في الحصول على فرصة بورشة أحد معارفه.
واجهت في البداية مهامًا شاقة، فقط لإثبات أن هذه المهنة “للرجال”، لكنها حولت التحدي إلى دافع، وصمّمت على إثبات كفاءتها، رغم رفض بعض الزبائن تسليم سياراتهم لها، ومقاومتها لتنمّر المجتمع:
“إيدك هتخشن، حطي مانكير دوكو، هدومك فيها زيت…”
لكنها لم تتراجع. أحبّت المهنة، وجعلت من كل كلمة محبطة، حافزًا. انتشرت قصتها في الإعلام، حتى أُدرج اسمها في قائمة تضم 50 شخصية نسائية ملهمة في مصر.
عن الحب والزواج؟
حين سُئلتها عن الحب، أجابت دنيا بابتسامة:
“لن أتنازل عن حلمي الذي أعيشه، وأي عرض زواج يمنعني من تحقيق أهدافي لن أقبله. لكنني لم أنسَ أنوثتي، فأنا أخصص يوم الأحد لإجازتي والخروج مع صديقاتي.”
فرص لم تكتمل
حصلت دنيا على فرصة لتدريب النساء في أحد المعاهد بدولة عربية. بعد استخراج الفيزا، لم يتقدّم أحد للكورس، وحاولت إيصال الفكرة عبر برنامج زووم، لكن السيمنار لم يحقق الهدف، ولم تُكرّر التجربة.
أحلام المستقبل
بهدوء وثقة، تقول دنيا:
“أمامي الآن فرصة لتولّي منصب المدير التنفيذي في مركز صيانة متخصص في تطوير السيارات الكلاسيكية وإعادة تصديرها لألمانيا. أراه خطوة مهمة تفتح لي بابًا لدراسة السيارات بشكل أعمق، والعمل يومًا ما في أحد مصانع السيارات الكبرى هناك.
نفسي أسافر أوروبا وأشوف الجديد في مجالي.”
وعن سبب اختيارها لهذا المنصب، أجابت:
“عندي 7 سنوات خبرة في الورش، تعلمت خلالها التعامل مع العمال وفهم احتياجاتهم وطريقة تفكيرهم.”
هل عملها كمدربة يعيق طموحها؟
“أحيانًا نعم، لأن عليّ أن أحسب كل خطوة. هو عمل بدخل ثابت يمنحني الأمان المادي، لكن طموحي أن أمتلك مركز صيانة على أعلى مستوى، وأن أنشر فكرة تدريب السيدات على إصلاح الأعطال البسيطة، خاصة في الدول العربية، وتبادل الخبرات مع مدربات أخريات في هذا المجال.”
نتمنى لدنيا أشرف التوفيق في تحقيق أحلامها، ونؤكد أن مصر ولّادة، وبها نساء كثيرات يمتلكن الطموح والقدرة على الوصول إلى ما يطمحن إليه.