رسالة من أمي

رسالة من أمي

بقلم الكاتبة الدكتورة/ علياء إبراهيم

ابنتي التي كبرت وصارت صديقتي …
اسمحي لي أن أفكر معك من خلال هذه الرسالة، ولانني أفكر فدعيني أسألك هل فكرتِ في مدى تأثير الكلمة التي نرددها في الآخرين،هذه الكلمة التي تنطلق من أفواهنا ربما في أقل من الثانية، ولكن تأثيرها ربما يستمر سنوات وفي مثل عمرك -انستي الجميلة- أتذكر انه كانت لي صديقة في المدرسة دائما ما ينطلق لسانها بأجمل الكلمات التي تخترق القلوب، و كانت مثار إعجاب المعلمات والزميلات ودائما ما كانت تشيد بها أحد المعلمات بصورة مستمرة و تردد علينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم “الكلمة الطيبة صدقة” ما أجمل هذا الدين السمح الذي جعل من مجرد كلمة طيبة لن تستغرق ثانية صدقة، والآن العالم كله يؤكد على أهمية تأثير الكلمة في المستمع بل وتأثير الكلمة التي نرددها نحن على أنفسنا .
ولعلك تتذكرين الآن وأنتِ تقرأين هذه الكلمات كم كلمة رقيقة أطرت بها عليكِ معلمتك أو معلمك فحفزتكِ للدراسة وحب المادة وأستذكارها وكم كلمة إيجابية تلقيتها مني أو من أبيك فشعرت بسعادة وسرور، وفي المقابل كم من كلمة قاسية خدشت بها أحد الزميلات شعورك، وأجرت الدموع من عينيكِ..
كلما قارنت بين الكلمة الطيبة والكلمة القاسية تذكرت أحد المقولات الرائعة التي وردت في كتاب عن فن الحوار “أن العصى والحجارة تكسر عظامك لكن الكلمات يمكن أن تكسر القلوب “

فالكلمات ليست مجرد حروفا فحسب إنها رسول إلى القلوب وهي االتي تذيب الجدار بيننا وبين أي شخص غريب نقابله بل وفي كثير من الأحيان  تضمد الجراح في  عندما نواسي بها مريض او شخص حزين .

ومؤخرًا قام بعض علماء اليابان بتصوير بلورات الماء بالمجهر بعد إلقاء كلمات طيبة على هذا الماء مثل الحب والتسامح والسلام فظهرت بلورات الماء على هيئة أشكالا هندسية متناسقة وجميلة بينما تشكلت البلورات الخاصة بالماء الذي تم إلقاء كلمات سيئة عليه في أشكال متنافرة، وهنا علينا ان ندرك ان خلايا جسم الانسان تتكون من أكثر من 70% من الماء فلكِ أن تتصوري معي مدى تأثير الكلمات الرقيقة والجملية أو تلك السيئة والقاسية سلبًا أو إيجابًا على نسبة الماء التي توجد في أجسامنا .

ولذلك الكلمة التي تخرج من أفواهنا قد تمد جسرًا من الود بيننا وبين الآخرين وقد تبني جدارًا سميكًا بيننا وبينهم …

والأخطر من تأثير  الكلمات التي نوجهها للآخرين هو مدى تأثير الكلمات التي نرددها في أنفسنا فأحيانا -ابنتي الحبيبة- في حديثكِ مع نفسك ترددين عليها  “أنا كسولة جدا” أو “أنا فاشلة في اللغة العربية”  “أنا عصبية” فتنعكس هذه الكلمات على سلوكك وتصدقين أنك كسولة أو فاشلة أو عصبية وتتصرفين بناء على هذه الكلمات السلبية  التي تردديها دائما على نفسك، وفي المقابل هناك صديقة لكِ دائمًا ما تردد على نفسها أنها ” نشيطة”  “ويمكنها ممارسة الرياضة اليوم لتزداد نشاطا ” “وأنها قادرة على استيعاب مادة الفيزياء بعد بذل بعض المجهود ” “وأنها ستكون أكثر هدوءا ويمكنها السيطرة على عصبيتها” وهذه الكلمات تؤثر على سلوكها  بشكل إيجابي، إذا أكدت القول بالعمل. 

لذلك ما رأيك أن تدربي نفسك على حسن انتقاء الكلمات مع نفسك ومع الآخرين  حتى في أحلك الظروف فتلك مهارة تدعم علاقاتك الاجتماعية بأفراد أسرتك وصديقاتك و….، وتخيري كلماتك عندما توجهين النقد إلى صديقتك أو أحد أخواتك، وابتعدي حبيبتي عن إيذاء الآخرين بالكلمات القاسية والنقد اللامع عندما تتعاملين مع مواقع التواصل الاجتماعي.

وهمسة في أذنك -ابنتي الحبيبة- اختاري الكلمات الطيبة وانت تتعاملين مع الخادمة والسائق ومن يقومون على خدمتك هنا الكلمة الطيبة فهم في امس الحاجة للكلمة الطيبة. 

الآن ما رأيك ان تجيبي على هذه الاسئلة وأن تشاركي بها أسرتك وصديقاتك.

تذكري أجمل خمس كلمات تلقيتها من أحد أفراد أسرتك. 

تذكري كلمات تلقيتها من صديقة في لحظات حزن أوضيق وأشعرتك بالارتياح.

اكتبي خمسة كلمات رقيقة لخمس شخصيات (أفراد الأسرة –صديقات –معارف)

أقترحي عشرة كلمات تودين أن يتعامل بهم الأساتذة مع الطلاب والطالبات بالمدرسة، وترين أن هذه الكلمات سوف يكون لديها تأثير إيجابي عليكم. 

أذكري الكلمات التي تتمنيين ألا تتعامل بها والدتك او والدك معكِ.

أذكري الكلمات التي تشعرك بالضيق سواء في المنزل أو في المدرسة.

والى اللقاء -يا ابنتي- في رسالة أخرى.

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ar Arabic