عظمة تحتمس الثالث وحتشبسوت
الأستاذ الدكتور/حسين عبد البصير- عالم آثار مصرية
يُعتبر عهدا تحتمس الثالث وحتشبسوت من الفترات الحيوية في تاريخ مصر القديمة، حيث أحدثت تلك الفترات تغييرات كبيرة في مفاهيم الملكية والممارسات السياسية التي أثرت على الحكام اللاحقين إلى القرن الثامن قبل الميلاد.
١. تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي:
أرسى تحتمس الثالث (1479-1425 ق.م.) وحتشبسوت (1479-1458 ق.م.) استقرارًا سياسيًا قويًا من خلال تعزيز السلطة المركزية وتوحيد مصر تحت حكم واحد. قاما بتطوير الاقتصاد المصري من خلال التجارة الخارجية والتوسع في مستعمرات جديدة، مما أتاح زيادة الموارد المالية.
٢. إصلاحات عسكرية:
خلال فترة حكمهما، عززا القوة العسكرية المصرية. تحت قيادة تحتمس الثالث، حققت مصر انتصارات كبيرة في معارك مثل معركة مجدو، مما زاد من نفوذ مصر في المنطقة. أضفى ذلك النجاح العسكري شرعية على حكمهما وأظهر قوة الدولة، مما أثر على الحكام اللاحقين في كيفية إدارة الشؤون العسكرية.
٣. إعادة تعريف الملكية:
أعادت حتشبسوت، بصفتها امرأة تحكم كفرعون، تشكيل مفهوم الملكية في مصر القديمة. كانت تُظهر نفسها في المناظر كفرعون ذكر، مما يعكس قناعة قوية بأن الملكية ليست مقصورة على الجنس. ألهم هذا التغيير في التصور عن الملكية الحكام اللاحقين ليكونوا أكثر مرونة في مفهوم القيادة.
٤. الفنون والعمارة:
أنجز تحتمس الثالث وحتشبسوت العديد من المشروعات المعمارية العظيمة، مثل معبد الدير البحري وعمارة الكرنك. لم تعكس تلك المشروعات فقط قوة الملكية، بل ساهمت أيضًا في تعزيز الهوية الثقافية والدينية لمصر، حيث ربط الحكام اللاحقين أنفسهم بمثل تلك الإنجازات.
٥. الترويج للاحتفالات الدينية:
استخدم الحكام هذين العهدين الدين كوسيلة لتعزيز سلطتهم. قاما بتنظيم الاحتفالات الكبرى والقرابين للإلهة، مما عزز من قوتهم كوسطاء بين الشعب والآلهة. كانت تلك الممارسات الدينية نموذجًا للحكام اللاحقين الذين استخدموا الدين لتعزيز سلطتهم.
٦. الميراث الثقافي:
تُعتبر فترة حكمهما نموذجًا للحكام اللاحقين في كيفية إدارة الشؤون الداخلية والخارجية. تأثرت الأجيال اللاحقة بالممارسات الإدارية والدينية والفنية التي وضعها تحتمس الثالث وحتشبسوت، مما ساهم في تشكيل الثقافة السياسية للملوك في العصور اللاحقة.