علامات الخطر في الحياة الزوجية

صورة واتساب بتاريخ 1447 03 12 في 23.15.58 8c10bce0

علامات الخطر في الحياة الزوجية

بقلم الدكتورة/ رضوى إبراهيم- استشاري نفسي 

صورة واتساب بتاريخ 1447 03 12 في 23.11.50 f6003fd5


في إحدي الدراسات البحثية التي شاركت فيها في العيادة النفسية الجامعية التي أشرف عليها قمنا بسؤال ما يقرب من 65 زائرًا عن أسوء خبرة مرت عليهم في الأيام الأخيرة التي سبقت زيارة العيادة . ذكر أكثر من نصفهم ( 53 % ) أمورًا وخبرات مرتبطة بوجود مشكلات أسرية وخلافات من بينها الانفصال والهجر والطلاق والخلافات مع الأبوين وأهل الزوج أو أهل الزوجة .

أي أن الخلل في العلاقة الأسرية يعتبر مسؤلا ربما عن أكثر من نصف الحالات النفسية المرتبطة بالضغوط والتوتر الذي يتطلب اللجوء للعيادة النفسية وربما الي الطلاق والانفصال …

فما هي علامات الخلل وانهيار العلاقة الزوجية ؟ ولماذا تحدث الخلافات بين الزوجين وتتطور بصورة قبيحة يتعذر خلالها استمرار الحياة الزوجية ؟

استطاع « جان جوتمان » أن يجيب عن هذا السؤال بطريقة حققت له الثروة والشهرة وجعلت من بحوثه مصدرًا مهمًا لكل من يود الرجوع لموضوع العلاقات الأسرية وانهيارها في العصر الحديث . وقد استطاع «جوتمان» من خلال دراساته أن يحدد مظاهر الاختلال في الأسرة ، وأن يتنبأ بالأسر المختلة التي ستنتهي العلاقات فيها إما بالانفصال أو الطلاق الفعلي أو في أحسن الأحوال الطلاق العاطفي “بمعني وجود زوجين متزوجان رسميا ويعيشان معا تحت سقف واحد ولكن لا يحملان لبعضهما البعض أي مودة أو تقبل ” ، وذلك من خلال الملاحظة المباشرة لأنماط التفاعل بين مئات من الأزواج والزوجات لفترة 24 ساعة مقسمة علي يومين في داخل المركز العلاجي الذي كان يديره . ومن الطريف أنه استطاع أن يتنبأ بطلاق وشيك لأكثر من 90 % من الأسر إذا اتصفت العلاقات بين الزوجين بوجود أربعة أنماط من التفاعل بين الزوجين هي :

1. التبرم الدائم أو انتقاد الطرف الآخر دون وجود شكوي فعلية :

بالرغم من أن أي أسرة لا تخلو من وجود شكاوي وخلافات ، فإن هذه الشكاوي لا تعتبر دائما مؤشرا علي الاختلال والتصدع الأسري . ولكن من السهل أن تنزلق الشكاوي الي النقد والتبرم الدائم من العلاقة الزوجية ، خاصة إذا لم يتحقق تغيير حقيقي في السلوك المثير للخلاف . ولهذا فإني أحذر من النقد الدائم ، فمن عيوب النقد أنه يتعلق دائما بعموميات غامضة مثل التبرم الدائم من سمات شخصية في الطرف الآخر قد لا يمكن تعديلها أو تغيرها . وعلي العموم فإن العلاقات القائمة علي النقد تخلق مناخا عدائيا وتعكس جوانب دفينة من الغضب في الشخص الذي يشكو ، ومن ثم فهي تعطل أي تواصل إيجابي في صالح العلاقة الزوجية .

2. التصغير من شأن الطرف الآخر :

وهو يحتل درجة أعلي من النقد في عملية التفاعل ، حيث إن التصغير من الطرف الآخر قد يتحول تدريجيا الي تعمد احتقار شريك الحياة الزوجية والتصغير من شأنه أو شأنها . ومن مظاهر التصغير ما يردده أحد الزوجين عن الآخر من أنها أو آنه مثلا أصم لا يسمع أو غبي أو من بيئة حقيرة الي غير ذلك من التصورات التي إن اعتقناها عن شخص ما يصبح من السهل علينا أن ننزلق في عملية امتهانه وتحقيره أو علي الأقل عزله عن حياتنا العاطفية .

ولعل أسوأ ما في سلوك التمادي في التحقير والتصغير ، أنه قد يتحول بسهولة الي عملية متبادلة بين الاثنين . وعندها يصبح كل شخص مهتما اهتماما خاصا بالبحث عن الجوانب السلبية في شخصية الآخر مع تجاهل الجوانب الإيجابية فيه أو فيها بشكل يؤدي الي المزيد من الامتهان والعزلة العاطفية .

ومن مظاهر التصغير أيضا : الإهانات اللفظية والعبارات البذيئة ، والاعتداء البدني ، والسخرية والتهكم ، واستخدام التعبيرات البدنية التي قد تنطوي علي التحقير من الآخر (كالصوت العالي ، التواصل البصري العدائي ، الإشارات السلبية البذيئة والمهينة للطرف الآخر) . وغني عن الذكر أن التصغير قد ينقلب الي علاقة امتهان متبادلة ، تتحول إذا تمكنت بشدة من أفراد الأسرة الي مصدر من مصادر التوتر والهدم للتماسك الأسري .

3. الاستجابة الدفاعية الحادة لأي نقد أو توجيه :

وبالرغم من أن من المتوقع أن يكون الشخص حساسا ودفاعيا عندما يواجه دائما بالنقد والتصغير من الشأن ، فإن الدفاع بطريقة انفعالية مماثلة سيؤدي الي مزيد من تفاقم المشكلات ، التي تتحول العلاقات بمقتضاها الي علاقات خاسرة لكل الطرفين . فكل منهم الآن يشعر بأنه ضحية للطرف الآخر . ويقترح « جوتمان » أن الانفلات من حلقة التدمير الأسري تكمن في معالجة الخلافات مهما اشتدت بطريقة تحمي من التدمير الكامل للعلاقة الزوجية بعدم المبالغة في الاستجابة الانفعالية لتوجيهات أو انتقادات الطرف الآخر .

4. افتقاد الرغبة في التواصل :

من الأمور التي تساهم في تفاقم العلاقة بين الزوجين سوءا ، أن يعزف أحد الطرفين أو يصم أذنيه أو أذينها عن سماع أي رغبة في التواصل . ومن العلاقات المرتبطة بافتقاد الرغبة في التواصل : التزام الصمت الكامل والتوقف عن الاستجابة الدالة علي تبادل التفاعل والتواصل . وبالرغم من أن من الممكن انقاذ بعض الزيجات ، فإن الوصول لهذه المرحلة السلبية في العلاقة الزوجية تبدو مؤشرا للدخول في أسوأ مراحل العلاقة المؤذية الي التدمير والخلل ، والتي قد لا يمكن إنقاذها إلا بالقيام بجهد خارق قد يتطلب اللجوء للعلاج الأسري علي يد مهني متخصص .

وبلغة سلوكية نفسية تتطلب الحياة الزوجية الفعالة أن نتوقف عن الأساليب الخاطئة من التفكير والتفاعل الضار بحسن التواصل بشريك الحياة ، ولا نغفل أيضا عن أن نمد هذه العلاقة بما تحتاج إليه من رعاية وتصرفات إيجابية تستعيد الحياة الزوجية من خلالها بهجتها وقدرتها علي تعزيز رسالة الحب والتقبل الضروري لتحقيق التماسك الأسري .

وهنا نتساءل ما هي الحدود الفاصلة بين نجاح العلاقات الزوجية أو فشلها؟
وللإجابة عن هذا السؤال سيكون محور مقالتنا القادمة من عدد مبدعات عربيات .

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *