
عيش وقتك الحاضر بكل لحظاته
بقلم الدكتورة/ رضوى إبراهيم

بنظرة سريعة لأطفالنا الصغار وهم يلعبون تراهم مستغرقين تماما فيما يفعلونه ، فهم – على الارجح – يعيشون وقتهم بكل لحظاته بصورة طبيعية .
إن محاولة المرء أن يعيش وقته الحاضر بكل لحظاته ليس بالمسعى الغامض أو المستحيل. فكل ما يتطلبه ذلك هو أن تقلل من اهتمامك بالأمور التى تثير القلق والندم ، وألا تركز على الأخطاء ، وبما يجب عمله ، وألا تهتم بالأشياء التى تثير ضيقك بالمستقبل
أو بالماضى .
والعيش فى اللحظة الحاضرة يعنى مجرد التركيز على اللحظة الراهنة دون أن تسمح لعقلك بالاهتمام بأمور بعيدة كل البعد عنها . وعندما تقوم بذلك ، فإنه لا يعود عليك فحسب بالاستمتاع باللحظة الحاضرة الى أكثر درجة ممكنة ، بل وكذلك الى إخراج أفضل درجة من الإبداع والأداء ، ويرجع ذلك إلى قلة انشغالك برغباتك ، واحتياجاتك والأمور المختلفة التى تثير قلقك .
ويعرف من يشعرون بالسعادة أنه بصرف النظر عما حدث فى الماضى أو ما سيحدث فى المستقبل ، فإن اللحظة الحاضرة هى الوقت الوحيد الذى يمكن أن تجد فيه السعادة . ومن البديهي أن هذا لا يعنى عدم علمك أو تأثرك بما حدث فى الماضى ، ولا يمنعك من أن تخطط للمستقبل فى أى أمر من أمور حياتك ، بل يعنى مجرد أن تفهم أن أكثر طاقة لها فاعلية وقوة وإيجابية هى طاقة اليوم ، أى طاقة اللحظة الحاضرة . وأن تعلم جيدًا – عادة – أن شعورك بالضيق يرجع الى شئ ما مر وانقضى وأصبح ماضيًا ، أو ربما إلى أمر لم يأتى بعد فى حياتك .
ومن الجميل أن ندرك أن الأطفال بفطرتهم يعيشون حياتهم الطبيعية ، وهم قادرون على الاستمتاع بحياتهم فى لحظاتهم الحاضرة إلى أقصى درجة ممكنة ، وعلى نفس الدرجة من الأهمية . فهم ينغمسون فى الحاضر ، ويمنحون كامل انتباههم للشخص الذى يتحدثون إليه ..
فى تصورك : كم مرة يمكن للإنسان البالغ أن يفعل ذلك بصورة فعالة ؟؟
عادة .. الشخص الذى تغمر السعادة حياته سيدرك أن مواقف الضيق أو ما شابهها من مواقف ضايقته وأزعجته أو اثارت قلقه ، قد تكون مؤقته ، ويمكنه رفضها فى لحظتها ، ثم عليه الانتقال بعدها الى أمر أخر ، ويمكنك التركيز على اللحظة الحاضرة ، …
ياله من إدراك واعى ، وقد يكون درسًا رائعًا يمكنه تعلمه ، بل يمكننا جميعًا تعلمه أيضا ..
عندما تتقن ممارسة هذه الاستراتيجية بصورة تامة وجيدة ، ستكتشف إن القدرة على الانغماس فى اللحظة الحاضرة هى حالة تستحق ما يبذل من عناء لأجل الحصول عليها . فهذه ” الحالة ” تمنحك القدرة على أن تعيش اللحظات العادية بصورة غير عادية .
وفى نفس الوقت سيقل ما تقضيه من لحظات فى الشعور بالقلق بشأن متاعب الحياة ، وفى هذه اللحظات سيتسنى لك وقت أكبر للاستمتاع بوقتك الحاضر بكل لحظاته ، كما سيقل ما تستهلكه من طاقة فى إقناع نفسك بسوء حالك فى الوقت الراهن ، فى حين سيزيد ما تقضيه من وقت فى الاستمتاع باللحظات الخاصة فى حياتك ، ألا وهى اللحظة الحاضرة .