
قبة ومئذنة جامع القبارى
بقلم الأستاذة/ يسرية الغندور- كبير باحثين بدرجة مدير عام- وزارة السياحة والآثار

جامع سيدي القبارى
ولأن الإسكندرية الجميلة مليئة بالحكايات، وخصوصًا الحكايات الدينية، فاليوم نكمل سلسلة المساجد ونتحدث عن جامع القبارى.
من هو الشيخ القبارى؟*
هو أبو القاسم محمد بن منصور بن يحيى المالكي السكندري ، أحد كبار شيوخ الصوفية والزهاد في الإسكندرية.
– مولده ووفاته: وُلد عام 587 هـ (1191 م)، وتوفي عام 662 هـ (1264 م)، ودُفن في الإسكندرية.
– لقبه: يُقال إنه لُقّب بـ”القبارى” نسبة إلى ثمرة القبار النادرة التي كان يزرعها في بستانه ويبيعها.
– حياته: عاصر الدولة الأيوبية، وكان من شيوخ الوقف في الإسكندرية. ورث بستانين من والده، واختار العيش في أحدهما بمنطقة تُعرف اليوم بـ”حي القبارى”، حيث عاش حياة زاهدة متعبدة، مكتفيًا بالخبز والبقول التي يزرعها بنفسه.
من أقواله وتلاميذه*
من أقواله التي تُظهر صفاء نفسه وحبه للخير:
> “ما أشتهي لأحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا خيرًا، وأود لو كان الناس كلهم على الخير، وأحب لكل أحد ما أحب لنفسي.”
تتلمذ على يديه عدد من كبار العلماء والمتصوفة في الإسكندرية، منهم:
– أبو الحسن الشاذلي
– أبو العباس المرسي
– ياقوت العرش
مسجد وضريح القبارى*
– التاريخ: دُفن الشيخ القبارى في داره وسط بستانه، وأُقيم على ضريحه مسجد صغير، قام الخديوي محمد سعيد باشا بتوسعته في القرن التاسع عشر.
– الوصف المعماري:
– يتكون المسجد من ساحة صلاة كبيرة تبلغ مساحتها 252 مترًا مربعًا.
– يحتوي على مدخلين رئيسيين يؤديان إلى فناءين واسعين.
– تقع المئذنة في الجهة الشمالية، وتعود إلى القرن التاسع عشر، وتتميز بدورتين رشيقتين وشرفة للمؤذن.
– يقع الضريح بجوار المئذنة، وهو عبارة عن حجرة مربعة تعلوها قبة تعود أيضًا إلى القرن التاسع عشر.
قصة الشيخ القبارى مع السلطان الظاهر بيبرس*
تُروى قصة مشهورة عن لقاء الشيخ القبارى بالسلطان المملوكي الظاهر بيبرس ، الذي زار الإسكندرية عام 661 هـ (1263 م).
حين طلب السلطان أن يرى الشيخ، كان رد الشيخ متواضعًا ومباشرًا:
> “من أراد أن يراني فليحضر إلي.”
وبالفعل، ذهب بيبرس إلى الشيخ في بستانه، وسأله إن كان يريد شيئًا منه. فكان جواب الشيخ يعكس اهتمامه بالصالح العام وسلامة المدينة، حيث قال:
> “أريد منك أن تهتم بتحصين الإسكندرية.”
بعد هذا اللقاء، خرج السلطان بيبرس وعاين أسوار المدينة بنفسه، وأصدر أمرًا فوريًا بترميمها وتحصينها.
الخلاصة
تُبرز هذه القصة جانبًا من شخصية الشيخ القبارى؛ فلم يكن فقط زاهدًا ومتصوفًا، بل كان أيضًا مهتمًا بشؤون مجتمعه، يدعو إلى التواضع، ويُجسّد صفاء القلب وحب الخير.