قليل من الصمت

إلى الذين ذهبوا إلى الضفة الأخرى دون وداع، وتركوا رائحتهم تشي بالغياب.

له نَزِقٌ صوتُ الريح المرتبك
له الأفق الغافي على كل الاتجاهات
له الأجنحة المعلقة بالسكون
وله فضاءات الكون الواسعة
صدى المواويل التي سقطت في النسيان
وكل ما لا جدوى منه.

مطرٌ يضرب سقف البيت
طاعنة أنا في الحزن كهذا السقف العتيق
أراقب شرفة البيت بريبة
كيف أفلت وجهها من قبضة الاسمنت

يقول الغريب:
لنتقاسم ملح الغياب
والفخ الأزلي لحنين رائحة القهوة
وفداحة صوت فيروز عند الصباح
ورائحة الأمهات المنهكات من الرحيل

لا شيء يتوهج في رأسي
عدا ألف فكرة غير قابلة للاستهلاك
أغرق في عبثية الفكرة
أتلاشى في مهب كلمات دون معنى
أمر بالمجاز..ولا أصغي لأنينه الأبدي

فيتكسر المعنى بين أصابع السكوت

أمسافر أنت يا قلبي؟
ماذا سأصنع برائحة الياسمين التي أخفيها في شغافك، وهي تنسل على رخام ضوء يتكسر على المسافات
ما بين منفى، وآخر
وتبقى ضائعا دون وطن

قليل من الصمت
كي أجهش بالذكريات
بصوت أبي، يأتي حزينا، ومنخفضا كما كان دائما
بنشرة أخبار الصباح، وأصوات الباعة الجوالين
برائحة الخبز الساخن
قليل من الصمت
حتى وإن لم تنتظرني الحياة