هم من يدفعون الثمن !!

صورة واتساب بتاريخ 1447 04 09 في 21.03.19 278360f4

هم من يدفعون الثمن !!

بقلم الدكتورة/ رضوى إبراهيم 

صورة واتساب بتاريخ 1447 03 12 في 23.11.50 f6003fd5

تقف الطفلة الصغيرة حائرة بنظرات الألم والقلق والخوف .. وكلها تساؤل ماذا تفعل ؟

 

برادئها الممزق الثقيل كما لو كان حملا كبيرا يثقل كتفيها ، سارت الطفلة الصغيرة وحيدة هائمة علي وجهها وسط أجواء باردة غائمة ، وهي تبكي بحرقة ، حاملة دمية بأحدي يديها وحقيبة بلاستيكية هي كل ما تملك باليد الأخري . 

 

استوقفني هذا المشهد وأنا اتابع تطورات المعارك والقنابل في غزة ، فهذه الصغيرة التي لا تتجاوز الخامسة من عمرها تدفع ثمن صراعات دولية يعجز عقلها عن استيعابها . فجأة وجدت نفسها ضمن أكثر من ٢٠٠ مليون طفل حول العالم دمرت الحروب عوالمهم الصغيرة ، ودفعت بهم إلي المجهول من سوريا واليمن الي أوكرانيا وسيراليون ومالي والعشرات من دول العالم ونحن نتابع شاشات التليفزيون يعترينا الألم ، ولكننا في الواقع لا نملك لهم شيئا . ونواسي أنفسنا بشعور أن هذه الصغيرة ربما تكون أفضل حظًا من طفل في قلب إفريقيا يعاني الجوع والفقر واضطر لحمل السلاح للمشاركة في صراعات لا يعلم عنها شيئا . ونحن نتابع الأحداث العالمية ، أو حتي في حياتنا اليومية ، نجد أن الأطفال هم دائما الضحية ، يدفعون الثمن لأي صراعات كبيرة كانت أو صغيرة ، فإن للحروب أشكال كثيرة . ففي الوقت الذي ننظر فيه بعجز ونتألم لضحايا الحروب الكبري ، لا نحرك ساكنا لإنقاذ ملايين الأطفال الذين يعانون في صمت في المجتمعات المستقرة . فهم ضحايا المشاكل الأسرية أو التنمر أو الاستغلال بكل أنواعه وسوء المعاملة والانتهاكات ، ولكن أحدا لا يشعر بمعاناتهم حتي أنها أصبحت جزءا من واقعهم  ، كما يصفها كاتبنا بهاء طاهر بقوله :  

الشقاء ندبة في الروح ، إن بدأت في الطفولة تستمر العمر كله . ربما لا يستوعب عقل الطفل الصغير كل ما يحدث حوله ، ولكنه يسجل الكثير من المشاعر السلبية والألم والمعاناة التي يحملها معه للمستقبل ليخلق لنفسه فيما بعد آلية لحماية نفسه ، ربما تتولد لديه روح الانتقام وربما الضعف أو العنف والقسوة .  

هذا الطفل ليس غريبا ، فهو أنا وأنت وكل من حولنا . نحمل في جعبتنا الكثير من ندوب الطفولة ونحن نسير نحو المستقبل ، ونتساءل بتعجب : 

 

لماذا اليوم أسوأ من الأمس ؟  لماذا كانت الحياة أفضل ؟ .. 

 

الواقع أننا اليوم ندفع ثمن أخطاء كثيرة ارتكبها من كانوا قبلنا ، بعضها عن جهل وبعضها كرد فعل للضغوط والمعاناة . 

نحن اليوم بيدنا إنقاذ المستقبل ، فالأطفال هم الغد الذي ينتظره العالم ، ولكننا نعذب طفولتهم بلا رأفة ، متعللين بضغوط الحياة وصعوباتها . لا ندرك أنهم الأمل الباقي بعد ما دمرت الحروب ملايين الأمال .. 

وقريبا ، ستنتهي الحرب ، ويتصافح القادة ” ويبقي أولئك الأطفال ” كما يقول محمود درويش .. حاملي ندبات الشقاء .. يعانون .

 

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *