
دراسة تحليلية نقدية للمجموعة القصصية حصار وضرب نار للكاتبة أمينة الزغبي
بقلم الكاتبة/ شروق مجدي

أجد هنا أن العنوان معبر؛ ففي القسم الأول وجهت ضربات للأسر جميعها، أرى في قصة الحب الضائع تلك الأم المحصورة بين الأربع حيطان؛ تتحسر على زهر وثمرات شبابها سهرت لراحتهم ورفضت أن تعيش لنفسها، في النهاية يتواصلون معها عن طريق العالم الافتراضي، ويعتذرون لها بحجة الانشغال والتعب، تركها في منتصف الطريق تركها حينما يجدها ترفضه في كل مرة وإنما روحه ترفرف حولها وأنه مات، وأهم ما يميز تلك المجموعة هو الخيال الواسع والإثارة والتشويق والنهاية المفتوحة، كما تميزت بوجود التناغم بين الحروف مثل ونيس ووحيد؛ فوحيد يعبر عن وحدتها تلك السيدة التي فقدت ابنها وزوجته وأحفادها لا يتبقى منهم إلا صورة، مجرد ذكرى وهي الونيس، مليكة هي ملكة البيت الصغيرة المحبوبة من حماتها وزوجها، فاطمة دعاء رجاء أن تكبر أمامها حفيدتها وتحمل وتلد وترضع وتفطم علي رمز السمو والرفعة؛ فكانت تتمنى رؤية حفيدها في مكانة مرموقة رافعًا من شأن بلده، حسام سيف رمز القوة والشجاعة فكانت تدعو راغبة أنه يمزق الغاصب نصفين، أما عن قصة مسافر فتذكرني بالفيلم الهندي بيكيه بطولة عامرخان فإنه ليس حصارًا ولا ضرب نار، وإنما صراع أفكار، فكرة بسيطة وليست بسيطة خارج الصندوق، يتمنى من قلبه كل فنان مرهف الحس أن يعيش بعيدا عن الواقع في أرض يعم بها السلام، فإن الكاتب يعبر عن ما بداخله وان رأى أشباحًا فهي وجوه الخير المختفية، ولم نعلم سبب اختفائها وأهم ما يميز تلك المجموعة أيضا الأسلوب السردي الأقرب إلى الرواية كما أبدعت في تصوير المشاهد خاصة القسم الثاني آلام درامية حتى أني تخيلت نفسي مكان هؤلاء الأبطالكما اختارت عناوين دالة معبرة لكثير من القصص داخل الكتاب، مثل قصة بعنوان عيد ميلادها، عيد ميلاد لهذه الطفلة الصغيرة التي أنارت كالشمعة بشمس متوهجة بالأمل والحياة روح الروح؛ فتلك هي الطفلة المشاغبة المدللة يتعلق بها جدها فيريد عودة الروح إلى بلدهم الحبيب، وهذه هي الطفلة الصغيرة روح سجينة تبحث عن الحياة والحرية، تتمرد بكل براءة وفي قصة عيد الميلاد سبع سنوات عجاف بين صبر وحرب، حتى ينالوا ما يتمنون . وأجد الكاتبة قد استخدمت أسماء لها سميائية مثل جهاد ونضال وباسل، ووليد ذلك الطفل الصغير الذي اشترى له والده حصانا قطنيا يتمنى بعدما يكبر؛ أن يكون فارسًا مغوارًا، استشهد والده وأمه ترضعه وعمره ثلاث سنوات، صدرها لا يجف إشارة للخير والحنان، ضربه المستعمرون وهو وليد. تريد والدته أن يعود إلى لعبه ويولد مرة أخرى ينبض قلبه بالحياة المفعمة بالحب والحرية والبراءة، كما تميزت الكاتبة في مجموعتها بوحدة الجو النفسي والإبداع في تصوير المشاهد، ومن المشاهد المؤثرة طفل في المخيم يطلب من والدته إعداد الشاي للمراسلين وكم هو مقدر مدى تاثير الكلمة في العالم، ومن بين الكلمات التي لها رمزية جزيرة ومن الأسماء عز وصبري وأمل، يغيب عز لسنوات لا تعلم عنه شيئًا، تتمسك بالصبر حتى عاد عز، وأرى الكاتبة وضعت إصبعها على مشكلات يواجهها المجتمع مثل تمييز الذكر عن الأنثى والفوارق في الطبقات الاجتماعية مثل ما رأيناه في قصة وفاق أم نفاق وكلنا انخدعنا في شخصية شيرين ولا نعلم حقا أنها تشعر بأنها غريبة ولكن ظلت صامتة خوفا على مشاعر عمر، أم هي ضعيفة تعجز عن اتخاذ قرار وطوال الوقت يقدم عمر مشاعر حب واهتمام وشيرين هل عندها برود عاطفي؟ أم هي لم تستطع أن تحبه؟ لكن كانت نهاية غير متوقعة صادمة كان من الممكن تكون هذه النهاية لكن بطريقة لطيفة وإنما هذا وفقا لعنوان القصة فيكون الجواب حقا إنه نفاق لكن أرى أن أهم ما يميز القصة هو تسلسل الأحداث؛ كل شيء تم بسرعة دون أن يعرفها جيدا ولا أهلها، يلبسها أبوه الشبكة ويتابع عمر من خلال وسائل التواصل ولكن كل ما بذله عمر من عطاء لم يحرك مشاعرها أم هي لا تستطيع أن تحبه؟
كل الشكر والتقدير لمبدعات عربيات، وللناقدة المميزة أستاذة شروق مجدي.. تمنياتي بالتوفيق للجميع.
أمينة الزغبي