مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي ، إلى أين…؟

صورة واتساب بتاريخ 1446 12 16 في 14.11.42 0137f514

مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي ، إلى أين...؟

بقلم الكاتبة/ فاطمة قوجة- الإمارات 

 

صورة واتساب بتاريخ 1446 12 16 في 14.13.08 432a91a4

 

كُل شيء في هذه الحياة له سلاح ذو حدينّ، أما أن نكون قد أدركنا مضمونهُ ،وأما أن نكون في ظل معارك المجهول ،نتطور لندرك أن الحياة لا تتوقف ،بل في كُل يوم يكون هناك اختلاف ،سواءً كان ذو طابع إيجابي، أو طابع سلبي

فالقرار بيد البشر 

مهما كانت العوائق نحن من نحدد المسير بطرق سليمةٌ وصحيحةٌ

أو بمخاطر وعرةٌ ، فالطريق مُخير

 والهدف محدد..

 

في زمنٍ أصبحت فيه الشاشات نوافذنا إلى العالم، نسينا أن النوافذ لا تُغني عن الأبواب…

وسائل التواصل الاجتماعي قرّبت البعيد، لكنها باعدت بين القلوب القريبة. إنها مساحات مفتوحة تُغرقنا بالضوضاء، تُشبع فضولنا ولا تُشبع أرواحنا. نقارن أنفسنا بصورٍ مُنتقاة من حياة الآخرين، فنشعر بالنقص رغم امتلاكنا ما يكفي. نطلب الإعجاب بنقرة، ونهرب من الوحدة بالتمرير. لكن الحقيقة أن كثرة التواصل الرقمي قد تُفقر التواصل الإنساني الحقيقي. الخطر الأكبر ليس في الكذب الذي نراه، بل في الحقيقة التي نفقدها عن أنفسنا. فمن يُعرّف ذاته بعدد المتابعين، قد يضيع إن أُغلقت الحسابات. احذر أن تتحول من مستخدم إلى مُستخدم، ومن متواصل إلى متورّط. فوسائل التواصل ليست سيئة بذاتها، لكن استخدامها بلا وعي قد يصنع عزلةً وسط الزحام. وسائل التواصل الاجتماعي ليست “جيدة” أو “سيئة” بحد ذاتها، بل تعتمد على طريقة استخدامنا لها. إن استخدمناها بوعي واحترام ومسؤولية، أصبحت أداة عظيمة للتطور والاتصال. أما إذا أُسيء استخدامها، فقد تؤدي إلى آثار سلبية جدًا على الفرد والمجتمع.

في زمن أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لا بد من التوقف قليلاً والتفكير في الجانب الآخر من هذه الوسائل، وهو جانب المخاطر. فرغم ما توفره من تواصل سريع وسهولة في الوصول إلى المعلومات، إلا أن استخدامها دون وعي قد يؤدي إلى نتائج سلبية على المستوى الشخصي والاجتماعي والنفسي. أول ما يجب التنبه له هو مسألة الخصوصية. فالكثير من المستخدمين يشاركون معلوماتهم الشخصية دون إدراك أن هذه البيانات قد تُستغل من قبل جهات مجهولة أو أفراد سيئين النية. وما يُنشر على الإنترنت لا يختفي بسهولة، بل يبقى عرضة للاستخدام وإعادة النشر في أي وقت. كما أن التأثير النفسي لوسائل التواصل الاجتماعي لا يقل خطورة. فالمقارنات المستمرة مع حياة الآخرين – التي تبدو مثالية من خلف الشاشات – قد تزرع شعورًا بالنقص أو القلق أو حتى الاكتئاب، خاصة لدى فئة الشباب والمراهقين. ومع الوقت، قد يتحول الاستخدام الطبيعي لهذه الوسائل إلى إدمان يؤثر على جودة الحياة ويعزل الفرد عن واقعه وعلاقاته الحقيقية. 

لذلك، من المهم أن نستخدم هذه الوسائل بوعي ومسؤولية، وأن نُعلّم المجتمع أن يكونوا أذكى من أن يتحولوا إلى ضحايا في عالم رقمي لا يرحم الغافلين.

 

تأتي العوامل بشتى اختلافاتها نتعمق بها لنعرف ما الذي يجعلنا أكثر عرضة لمخاطر التواصل الاجتماعي…؟

 

خداع الصورة… وغياب الحقيقة

وسائل التواصل تملأ حياتنا بالصور اللامعة، بالابتسامات المزيفة، وباللحظات المنتقاة بعناية. نظن أننا نرى الحقيقة، لكننا في الواقع نعيش وسط وهم بصري جماعي. كل صورة تحمل خلفها ما لا يُقال: توتر، تعب، حزن، أو حتى فراغ داخلي كبير. عندما نقارن أنفسنا بما نراه هناك، ننسى أن ما نراه ليس حياة الآخرين، بل مجرد واجهتها.

 

المقارنة… سُمّ العصر

من أخطر ما تفعله وسائل التواصل أنها تجعلنا نُقارن أنفسنا باستمرار. نقارن وجوهنا، حياتنا، إنجازاتنا، وحتى علاقاتنا العاطفية بما يُعرض أمامنا على الشاشات. لكن الحقيقة أن المقارنة بين ما نعيشه فعلاً، وما يُعرض علينا من “مظاهر”، ظلم لأنفسنا. هذا الشعور المستمر بالنقص قد يؤدي إلى الإحباط، الاكتئاب، فقدان الثقة بالنفس، وكره الذات.

وهم العلاقات

لدينا آلاف المتابعين، لكن لا نجد من نصارحه بقلقنا. نشارك منشورات عن السعادة، ونحن نبكي ليلاً دون أن يشعر أحد. وسائل التواصل تمنحنا شعورًا زائفًا بالقرب من الآخرين، لكنها لا تمنحنا دفء العلاقات الحقيقية. العلاقات الرقمية تتغذى على التفاعل، لكنها لا تنمو إلا في الواقع. نحن بحاجة لعناق حقيقي، لصوت حيّ، لنظرة صادقة، وليس فقط لتعليق أو “لايك”.

الإدمان الخفي

كل إشعار يوقظ داخلنا رغبة في التحقق… هل أحدهم أعجب بما نشرنا؟ هل كتب أحدهم تعليقًا؟ هل تابعني شخص جديد؟ دورة لا تنتهي من الترقب، الانشغال، والاستجابة. وهكذا تبدأ رحلة الإدمان الصامت. إدمان لا نراه ضارًا، لأنه مقبول اجتماعيًا. لكنه يسرق وقتنا، تركيزنا، طاقتنا، ونومنا. بل ويمنعنا أحيانًا من أن نعيش لحظاتنا الحقيقية.

 

التأثير على الصحة النفسية والعقلية

أثبتت دراسات كثيرة أن الإفراط في استخدام وسائل التواصل مرتبط بالقلق والاكتئاب. خصوصًا عند المراهقين والشباب الذين لم تتشكل لديهم بعد “حصانة نفسية”. الضغوط الاجتماعية، التنمر الإلكتروني، اللهاث وراء المثالية، كلها أعباء نفسية ثقيلة. تجعل العقل في حالة استنفار دائم، والجسد في حالة توتر مزمن.

 

 

فقدان الهوية

حين نقضي ساعات طويلة نراقب الآخرين، ننسى من نحن. نفقد صوتنا الداخلي في زحام الأصوات.

نبدأ في تقليد الآخرين، في الحديث مثلهم، في نشر ما يثير إعجابهم، لا ما يُشبهنا. بمرور الوقت، نصبح نسخًا مكررة، ونخسر خصوصيتنا وتفردنا.

 

سرقة الوقت

تفتح الهاتف لدقائق، فتضيع منك ساعات. تتصفح فيديوهات قصيرة، فتكتشف أنك أضعت يومًا كاملاً.

وسائل التواصل تُسرق وقتك على دفعات صغيرة، دون أن تشعر. لكنها في النهاية تسرق ما هو أثمن من الوقت: تسرق فرص الإنجاز، النمو، التأمل، والهدوء الداخلي.

 

 

الخصوصية… السلعة المجانية

كل ما تنشره يصبح جزءًا من آلة ضخمة تجمع المعلومات عنك. اهتماماتك، أماكنك، عاداتك، حتى مزاجك… كلها تُستخدم لتُوجّهك، لتُباع لك منتجات، أو لتُصاغ لك أفكار. نظن أننا نستخدم التطبيقات مجانًا، لكن الحقيقة أن الثمن هو “نحن”.

 

 

الحل ليس الهروب… بل الوعي

وسائل التواصل ليست شرًا مطلقًا، لكنها سلاح ذو حدين. يمكن أن تكون مصدر وعي، معرفة، إلهام… لكن بشرط: أن نستخدمها بوعي. نحتاج إلى فترات راحة رقمية، إلى توازن، إلى استعادة تواصلنا الحقيقي مع الذات والآخرين.

 

 

مهما كثرت تلك العوامل لابد من إدراك الوعي لنتعلم لكل ما يأتي يمكننا ان نكون ضمن عتبة المسؤولية.

 

مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي متعددة، وتعود إلى عدة أسباب تتعلق بطريقة استخدامها، وطبيعة المحتوى المتداول، وتأثيرها على النفس والمجتمع. تلك أهم الأسباب التي تجعل هناك مخاطر على التواصل الاجتماعي:

 

انتهاك الخصوصية

• يمكن مشاركة معلومات شخصية دون وعي، مما يسهل استغلالها من قبل الآخرين (مثل المخترقين أو المحتالين).

• تطبيقات التواصل تجمع بيانات المستخدمين لأغراض تجارية أو سياسية.

 

التنمر الإلكتروني

• توفر المنصات بيئة سهلة لإخفاء الهوية، مما يسهل على البعض ممارسة الإساءة والتنمر.

• قد يؤدي هذا إلى آثار نفسية خطيرة، خاصة على المراهقين.

الإدمان وتضييع الوقت

• تصميم التطبيقات قائم على جذب الانتباه والإبقاء على المستخدم أطول فترة ممكنة.

• يؤدي ذلك إلى إدمان الاستخدام، وقلة التركيز، وانخفاض الإنتاجية.

المقارنات والضغط النفسي

• رؤية “الجانب المثالي” من حياة الآخرين قد يسبب الإحباط، أو الشعور بالنقص.

• هذا يسبب مشاكل مثل القلق، الاكتئاب، وانخفاض تقدير الذات.

 

نشر المعلومات المضللة أو الكاذبة

• الأخبار الكاذبة تنتشر بسرعة عبر وسائل التواصل.

• قد تؤثر على الرأي العام، أو تسبب ذعرًا أو تضليلاً في أوقات الأزمات.

 

التأثير على العلاقات الاجتماعية الواقعية

• قضاء وقت طويل على التواصل الافتراضي قد يقلل من جودة العلاقات الواقعية.

• يمكن أن يؤدي ذلك إلى العزلة أو ضعف التواصل الإنساني الحقيقي.

 

التعرض لمحتوى غير لائق أو ضار

• قد يتعرض المستخدمون، خاصة الأطفال، لمحتوى عنيف، جنسي، أو يحرض على الكراهية.

• الرقابة قد تكون غير كافية.

رغم التخوف من العوامل المتعددة لمخاطر التواصل الاجتماعي، إلا أننا يمكننا بعدة طرق التقليل منها من خلال بعض الخطوات: –

 

الوعي والتثقيف

• تعلّم كيف تعمل المنصات، وما هي سياسات الخصوصية.

• كن على دراية بالمخاطر النفسية والاجتماعية والتقنية.

ضبط إعدادات الخصوصية

• حدّد من يمكنه رؤية منشوراتك أو التواصل معك.

• لا تشارك معلومات شخصية مثل الموقع، رقم الهاتف، أو صور حساسة.

تنظيم الوقت

• حدد وقتًا يوميًا محددًا لاستخدام التطبيقات.

• استخدم تطبيقات لمراقبة الوقت الذي تقضيه على الهاتف.

 

عدم تصديق كل ما يُنشر

• تحقق من مصادر الأخبار والمعلومات.

• لا تشارك محتوى مشكوك فيه قبل التحقق.

عدم المقارنة بالآخرين

• تذكّر أن كثيرًا مما يُنشر يمثل “الجانب المزيّف” أو المُنتقى من حياة الآخرين.

• ركّز على تطوير ذاتك بدل المقارنة المستمرة.

التبليغ عن المحتوى المسيء

• استخدم خاصية الإبلاغ (report) لأي محتوى فيه تنمّر، تحرّش، أو معلومات خاطئة.

• شجّع الآخرين على بيئة رقمية صحية.

حماية الأطفال والمراهقين

• راقب استخدامهم بشكل غير مباشر.

• استخدم أدوات الرقابة الأبوية.

• ناقش معهم مخاطر الشبكة وكيفية التصرف في المواقف غير المريحة.

 

أخذ فترات راحة 

• خذ استراحة دورية من وسائل التواصل لتصفية الذهن وتقوية العلاقات الواقعية.

 

تعزيز الوعي الذاتي

• راقب مشاعرك بعد استخدام وسائل التواصل: هل تشعر بالتوتر؟ الحسد؟ القلق؟

• إذا لاحظت تأثيرًا سلبيًا، حاول تقليل الاستخدام أو تغيير نوعية المحتوى الذي تتابعه.

 

عدم السعي وراء التقدير الخارجي

• لا تربط قيمتك بعدد “الإعجابات” أو “المتابعين”.

• استمدّ ثقتك من نفسك لا من ردود فعل الآخرين.

 

تنمية التفكير النقدي

• لا تقبل كل ما تراه أو تقرأه على أنه صحيح.

• فكّر: من نشر هذا؟ لماذا؟ ما الهدف من المحتوى؟

 

استخدام كلمات مرور قوية

• اجعلها طويلة ومعقدة، وغيّرها دوريًا.

• لا تستخدم نفس كلمة المرور لأكثر من حساب.

تفعيل المصادقة الثنائية 

• تضيف طبقة حماية إضافية للحساب.

 

تحديث التطبيقات والبرامج

• التحديثات تصحّح ثغرات أمنية قد تُستغل للاختراق.

 

الحذر من الروابط المشبوهة

• لا تضغط على روابط غريبة، حتى لو أرسلها صديقك. قد يكون حسابه مخترقًا.

فتح الحوار داخل الأسرة

• تحدث مع الأبناء عن تجاربهم الرقمية، واستمع إليهم دون حكم.

• كن صديقًا قبل أن تكون موجّهًا.

 

تشجيع الأنشطة الواقعية

• حفّز على ممارسة الرياضة، القراءة، أو لقاء الأصدقاء وجهًا لوجه.

 

المشاركة الواعية

• لا تنشر صورًا أو معلومات عن الآخرين دون إذنهم.

• فكر قبل النشر: هل ما أنشره يسيء لأحد؟ هل سأندم عليه لاحقًا؟

 

نشر ثقافة الاستخدام المسؤول

• سواء في المدرسة أو العمل، يمكن تنظيم ورشات وندوات عن هذا الموضوع.

الترويج للمحتوى الإيجابي

• تابع وشارك محتوى يعزز القيم، المعرفة، والتفاؤل.

وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فهي تحمل في طيّاتها فوائد كبيرة ولكن أيضًا مخاطر جدّية، حسب طريقة استخدامها:

 

الحد الإيجابي (الفوائد)

سهولة التواصل والتقارب

• تقرّب بين الناس رغم المسافات، وتساعد في الحفاظ على العلاقات العائلية والاجتماعية.

 

الوصول إلى المعلومات بسرعة

• تُمكِّن المستخدمين من متابعة الأخبار، المقالات، والمستجدات العالمية فور حدوثها.

 

منصة للتعلم والتطوير

• توفر محتوى تعليمي هائل: دورات، فيديوهات، نصائح مهنية، وتجارب ملهمة.

 

فرص العمل والتسويق

• الكثير من المشاريع التجارية والأفراد نجحوا بفضل الترويج على منصات مثل إنستغرام وفيسبوك.

 

حرية التعبير

• تُعطي الأفراد صوتًا للتعبير عن آرائهم ومشاركة أفكارهم مع العالم.

 

وبنظرة كاتب، ما الذي يراه من خلال تلك الحقائق..

 

من وجهة نظري، لا يمكن إنكار الفوائد الكبيرة التي قدمتها وسائل التواصل الاجتماعي في تقريب المسافات وتبادل المعرفة، ولكن ما يقلقني حقًا هو غياب الوعي الكافي عند كثير من المستخدمين بهذه المخاطر التي أصبحت جزءًا من واقعنا الرقمي. المشكلة ليست في الوسائل نفسها، بل في طريقة استخدامها.

نحن بحاجة إلى تربية رقمية حقيقية، تبدأ من الأسرة وتدعمها المدرسة والمؤسسات الإعلامية، لنبني جيلاً يستخدم هذه الوسائل بذكاء ومسؤولية. لا أعتقد أن الحل في الانسحاب من هذا العالم، بل في فهمه جيدًا والتعامل معه بوعي، بحيث نحمي خصوصيتنا، ونحافظ على صحتنا النفسية، ونفصل بين الواقع الرقمي والحياة الحقيقية.

باختصار، وسائل التواصل ليست عدوًا، لكنها تتحول إلى خطر عندما نُفرط في استخدامها دون وعي، أو عندما نمنحها سلطة على عقولنا ومشاعرنا أكثر مما تستحق. المسألة في النهاية مسؤولية فردية ومجتمعية، تتطلب توازناً حقيقياً بين الانفتاح على العالم الرقمي، والحفاظ على قيمنا وصحتنا وسلامتنا.

 

 

وفي نهاية المطاف..

 تبقى وسائل التواصل الاجتماعي أداة بين أيدينا، نحن من نمنحها القوة، ونحن من نحدد أثرها في حياتنا. إن أحسنا استخدامها، كانت وسيلة للتواصل والتطور، وإن أسأنا التعامل معها، تحولت إلى مصدر خطر يهدد خصوصيتنا واستقرارنا النفسي والاجتماعي. فلنكن أكثر وعياً، وأكثر حرصاً، ولنُعلِّم أبناءنا أن العالم الرقمي لا يقل أهمية عن العالم الواقعي، وأن الحذر فيه ضرورة، لا خيار.

لا يسعنا إلا أن نُقرّ بأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت واقعاً لا مفر منه، وجزءاً من تفاصيل حياتنا اليومية، سواء في العمل أو الدراسة أو حتى الترفيه. ولكن رغم هذا الحضور القوي، فإن التعامل معها لا يجب أن يكون عشوائيًا أو مبنيًا على الثقة المطلقة، بل يحتاج إلى وعي ناضج، ونظرة ناقدة، وتوازن حقيقي بين الفائدة والضرر.

إن أكبر خطر يمكن أن نقع فيه هو أن نترك هذه الوسائل تقودنا، لا أن نقودها…! أن نُصبح أسرى للشاشة، ونقيس قيمتنا بعدد الإعجابات والمتابعين، أو نسمح للمحتوى السطحي أن يُشكل وعينا وثقافتنا. فالحياة الحقيقية لا تُقاس بمنشور ولا بصورة، بل تُبنى بالتجربة، بالتواصل الإنساني الصادق، وباللحظات التي نعيشها بصدق دون الحاجة إلى توثيق دائم. لذلك، يجب أن نزرع في أنفسنا فهماً حقيقياً لمخاطر هذه الوسائل، لا من باب التخويف، بل من باب المسؤولية والوعي. فالرقابة الذاتية، والتربية الإعلامية، واحترام الخصوصية، كلها أدوات ضرورية لمواجهة هذا العالم الرقمي المليء بالإغراءات والمزالق.

فلنجعل من وسائل التواصل أداة نبني بها، لا وسيلة نهدم بها علاقتنا بأنفسنا وبالآخرين. ولنحمل هذا الوعي معنا في كل تفاعل، وكل منشور، وكل نقرة، لأن التكنولوجيا وسيلة، أما كيف نستخدمها، فذلك ما يصنع الفرق.

 

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *