تعلم من أطفالك

صورة واتساب بتاريخ 1446 12 22 في 17.27.25 71279797

تعلم من أطفالك

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم- استشاري نفسي 

صورة واتساب بتاريخ 1446 12 16 في 15.17.39 1a196eb0


هناك بعض المبادئ الهامة والفعالة التي نسمع عنها كثيرًا وتتكرر في الأحاديث، ولكننا لا نؤمن بها أو نتبناها إلا بعد أن نسمح لأنفسنا بتجربتها وممارستها، حتى نصل إلى القناعة بأنها من أهم المبادئ التي كانت غائبة عن أذهاننا ولم نكن نعطيها الاهتمام أو التركيز الكافي لتطبيقها.


ومن هذه المبادئ، أن ترى طفلك ليس مجرد امتداد لك أو شخصًا تحتاج إليه أو مسؤولية يجب الاعتناء بها فحسب، بل أن تنظر إليه ككائن بشري ، إحدى مهامه أن يعلمك بعض نواحي الحياة التي لم يكن من الممكن تعلمها بدونه. وقد يكون تبني هذا المبدأ من الأساسيات التي ستساعدك على أن تتعلم من طفلك وتقدره أكثر مما كنت تظن.


في حقيقة الأمر، أطفالنا هم أفضل معلمين لنا بغض النظر عن أعمارهم، ولديهم القدرة على تعليمنا بعضًا من أهم دروس الحياة، مثل الصبر، الحب غير المشروط، الاحترام المتبادل، حل المشكلات بطريقة إبداعية، قبول حتمية التغيير، وحتى تقبل الحياة كما هي. ويمنحنا أطفالنا كل يوم وكل لحظة تجربة جديدة نتعلم منها دروسًا دائمة النفع والقيمة.


إن من لديهم أبناء يدركون أن تربية الأطفال هي أصعب وأفضل تجربة في الوقت ذاته. ولا أحد يمكنه إثارتنا وتحريك مشاعرنا واختبارنا عاطفيًا وانفعاليًا كما يفعل أطفالنا. لذا، في المرة القادمة التي تشعر فيها بالغضب أو الانفعال، حاول أن تنظر إلى الموقف بطريقة مختلفة. بدلاً من التصرف المعتاد، قم بتجربة صغيرة: ابحث عن الدرس الذي يمكنك تعلمه من طفلك، واسأل نفسك: كيف يمكنني الاستفادة من طفلي كمعلم؟


لقد طبقتُ هذه الفكرة مؤخرًا، وإليك ما حدث: من أكثر الأمور التي تستفزني أن يتحدث إليّ أحد أبنائي بأسلوب صفيق أو غير محترم، وكان ذلك يمثل تحديًا بالنسبة لي أكثر من أي شيء آخر. وكان رد فعلي المعتاد هو البدء في إلقاء محاضرة على الابن أو الابنة، ولكنني أدركت أن ذلك لا يحسن من السلوك في الحاضر أو المستقبل. هذه المرة، حاولت أن أنظر إلى الأمر من زاوية مختلفة، وسألت نفسي: هل هناك شيء يمكنني تعلمه من هذا الموقف؟ هل تحاول ابنتي – بشكل غير واعٍ – تعليمي شيئًا ما؟


كانت الإجابة نعم.

أولًا: كان ينبغي أن أكون أكثر صبرًا، لأن ردة فعلي تكون سريعة بمجرد أن أشعر بوجود نوع من الوقاحة، مما لا يساعدني في فهم تعليقات ابنتي على نحو صحيح. وبعبارة أخرى، عندما أتحلى بالصبر، ألاحظ أن تعليقاتها ليست وقحة كما كنت أتصور، وأنني كنت أبالغ في تقدير الأمر.

ثانيًا: اكتشفت أن ابنتي تعلمت أسلوب الحديث من خلال تعاملها معي، وأحيانًا لا أكون مستمعة جيدة، ومع ذلك أطالب ابنتي بأن تكون مستمعة جيدة لما أقول. وعندما نظرت إلى الأمر بصدق، أدركت أنها تبدو حزينة عندما تشعر أننا لا نستمع إليها كما ينبغي. واكتشفت أنني بحاجة إلى أن أكون قدوة أفضل، وليس مجرد شخص يلقي المحاضرات. وحين بدأتُ في تحسين أسلوبي، أصبحت ابنتي ألطف وأقل حدّة. رغم أن لكل موقف ظروفه الخاصة، إلا أنني أؤمن أنك ستكتشف قيمًا عظيمة إذا نظرت إلى طفلك على أنه معلمك.


جرّب هذه الطريقة إذا شعرت بالإحباط بسبب سلوك أبنائك، وأعتقد أنك ستتفق معي على أن التعامل مع طفلك كمعلم سيمنحك فوائد عظيمة لك ولأطفالك ولعلاقتكم معًا.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *