تقبّل نقدهم، فهم أفراد عائلتك

صورة واتساب بتاريخ 1447 01 08 في 18.05.42 676fe112

تقبّل نقدهم، فهم أفراد عائلتك

بقلم الدكتورة / رضوى إبراهيم

صورة واتساب بتاريخ 1447 01 08 في 17.47.11 e94d6a58


كثيرًا ما أسمع أشخاصًا يشكون من أن أفراد عائلاتهم يعاملونهم بطريقة تختلف عن معاملة الآخرين لهم. ويشعر كثيرون منا بالغضب والإحباط، لأن أفراد العائلة أحيانًا ما يستخفّون بهم، ويقاطعونهم في الحديث، ولا يُصغون إليهم، ولا يعاملونهم بالاحترام الذي يحظى به الأصدقاء أو زملاء العمل، بل وحتى الغرباء. ويتعجّب كثير من الناس من أن الانتقاد الذي يتلقّونه من عائلاتهم يفوق ما يأتون به من الآخرين.


وإذا كنت ترغب في حياة عائلية هادئة، فمن الضروري أن تتفهم هذه الحقيقة التي لا غنى عنها: أفراد عائلاتنا، أولئك الذين نكنُّ لهم أعظم الحب، يعاملوننا بطريقة مختلفة لأنهم يعرفون جوانبنا كلها، إيجابياتها وسلبياتها، ونحن كذلك نراهم كما هم. ومن الطبيعي أن نشعر بالارتياح بينهم ونتعامل بعفويتنا لأننا نثق أنهم دائمًا معنا، ولن نفقدهم. هذا ما يجعلنا نتصرف بحرية أكبر، إذ نعلم أن تعبيرنا عن الغضب أو المشاعر لن يؤثر في حبهم لنا.


وتُعدّ هذه نقطة محورية ومهمة: أننا لا نخشى فقدانهم. عمومًا، نشعر في محيط العائلة أننا لسنا مضطرين لتغيير طباعنا أو التصنّع بما لا نملك.


وغالبًا ما يُخرج أفراد العائلة الجوانب السلبية منّا، بينما لا يفعل الغرباء ذلك. ويعود السبب ببساطة إلى الألفة ؛ فالعائلة تشعر براحة أكبر معنا، وترى مواضع قوتنا وضعفنا بوضوح، ولهذا فهي تلاحظ أخطاءنا كما هي. وبدلًا من أن نستاء من هذه الحقيقة، يمكننا أن نتعلم تقديرها. فمن المُريح أن نعلم أننا محبوبون رغم عيوبنا، دون أن نُغيّر أنفسنا.


وبلا شك، فإن أطفالي يدركون سلبياتي وإيجابياتي أكثر مما يعرفه الآخرون. وأحيانًا أشعر بالإحراج—وقد يكون الأمر ممتعًا بالنسبة إليهم—أنني أعلّم الناس فن الاسترخاء، بينما أكون في لحظة ما جزءًا من نقاش محتدم مع ابنتي، ثم أخرج مباشرة لإلقاء محاضرة. وفي إحدى المرات، قالت لي ابنتي بنبرة ساخرة وأنا أغادر: “كل ما تفعلينه هو تعليمهم الاسترخاء، يا ماما!” وقد كانت محقّة تمامًا.


والطريقة الوحيدة لتجنّب الغضب من هذه المواقف هي تقبّلها كجزء من الحياة اليومية، ومعرفة أنها تحدث للجميع. وأعلم أنه لا استثناءات في هذا، ولا ضرر فيه أيضًا. بل إن فيه فائدة عظيمة؛ فهو يعلّمنا التواضع، ويجعل من الحياة العائلية تجربة مميزة ومختلفة.


فكّر في هذا جيدًا: أنت لا تسمح للغرباء أن يخاطبوك بالطريقة التي يتحدث بها إليك أطفالك أو شريك حياتك. فإذا بدأت بتقبّل هذه الحقيقة بدلًا من مقاومتها، سترى جانبًا من البراءة والمتعة يغمرك، وتدرك أنك تتعامل مع أفراد عائلتك بالطريقة ذاتها.


لذلك، دع أفراد عائلتك يتصرفون على سجيتهم. ومهما حدث بينكم، ومهما شعرت تجاههم، فهم يحبونك بصدق. وغالبًا ما تكون تصرفاتهم هبة خفيّة من السماء، تنتظر فقط أن تعيها وتقدّرها.


مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *