
يوم على الرزنامة
بقلم الأديبة/ نهلة السحلي

نزلت في الثامنة مساء ، وكان الفرق الزمني هوة سحيقة عشر دقائق عشر دقائق فقط وحملتني الإسعاف .
لم أتخيل قبل أن أترك منزلي أني لن أعود إليه إلا وأنا محملة على طاولة المسعفين بعد شهر كامل ..
لم أتخيل يومها وأنا أتأنق وأختار الحقيبة والحذاء أني سيلتهمني الطريق ..لم أتخيل إلي الآن أن هناك نعم خفية لا نقدرها ولا نعلمها .
مجرد أن تقف علي قدميك نعمة،أن تنام في فراشك بلا مسكنات نعمة،
أن تحرك قدميك نعمة، الوقوف مصلوب القامة نعمة.
ما زلت أخبر نفسى أن هذا أختبار وأني سأعود كسابق عهدي أمشى على قدمي . فمجرد الوقوف في نافذتي حلم …
أن أدخل غرفة أولادي لأوقظهم في الصباح معجزة حتى أني أفتقد أن أصنع لنفسى كوبًا من الشاى .
عشر دقائق هى هوة أحدثت هذا الفرق في حياتي ما قبل الحادث أنت شخص وما بعده أنت مختلف كليًا في كل شىء في الألم والصمت ونظرة الدهشة والتسليم .
لم أتخيل أن تنتابني حالات الزعر والهلع ويظل الخوف يلازمني كلما سمعت صوت عربات الإسعاف ،أصبحت أبكي كلما عبرت هناك شخص ما يتألم ويعاني مثلما كنت .
الأشياء التي كانت تمر مرور الكرام ولا أنتبه لها وأنا معفاة تغيرت ، شكلك نفسه سيختلف وحتى اهتماماتك ستختلف .
أيها السادة : اللامنتمون للمشافى واللامنتمون للألم والأدوية أنتم في نعمة لا تقدرونها .
أيها السادة : تنقلب الموازيين وحركات الساعة ودوران العالم في دقائق معدودات فانتبهوا ، للنعم الخفية التي لا تدركونها.