الدينُ المعاملة

صورة واتساب بتاريخ 1447 01 28 في 17.07.05 7d39fe07 Copy

الدينُ المعاملة

بقلم الإعلامية/ رانيا التوني

صورة واتساب بتاريخ 1447 01 28 في 16.59.05 5bf2fecd Copy


لا تزال فئة من الناس تتبنى دور الرقيب الأخلاقي، وتمنح نفسها سلطة البتّ في الحلال والحرام، مدّعيةً الوصاية على الآخرين، فقط لأنهم يؤدّون شعائر دينية كالصلاة والصوم. وتحت عباءةٍ سُمّيت زورًا بالإيمان والتقوى، باتت تصرفاتنا وسلوكياتنا الإنسانية عرضةً للأحكام الجائرة، والتصنيفات القاسية.

والواقع أن هؤلاء أبعد ما يكونون عن جوهر الإيمان، لأن الإيمان الحقيقي ليس في الطقوس الظاهرية من صومٍ وزكاةٍ وصلاةٍ وأذكارٍ وأدعية، تُقال قبل الدخول إلى الحمّام وبعد الخروج منه، ولا في الاستشهاد الدائم بأحاديث الرسول ﷺ في كل مناسبة وغير مناسبة.

الإيمانُ الحقّ هو:
– إنسانيةٌ في التعامل
– طيبةٌ في القول
– صدقٌ في النية

ليس من الإيمان أن تُصلّي ثم تُهدم البيوت بلسانك، وتغتاب القريب والبعيد، وتبطن الحقد وتُظهر التديّن. ليس من الإيمان أن ترفع يديك بالدعاء، وفي قلبك كراهيةٌ تتربّص بالآخرين.
ولا أن تُخرج زكاةً، وأنت عاجز عن مواساة من حولك بكلمةٍ طيبة أو لمسةِ حنان.
إن كان هذا ما يسمونه “إيمانًا”، فهو إيمانٌ مزيف، أشبه بصدقٍ مزيّف، يستند إلى مظاهر الدين دون جوهره. طقوسٌ تُؤدّى بلا روح، وشعائرٌ تُكرّر بلا أثر.
أمثال هؤلاء يُقدّمون صورةً مشوّهة عن الدين، ويُسيئون إليه بإفراطهم في الرياء، وانغماسهم في السلوك المنافق.
فالمصلي حين يركع ويسجد، ويضع جبينه على الأرض، ينبغي أن يُدرك تواضع الموقف، وهوان الدنيا، ويفهم أن مآله إلى ذات التراب الذي يسجد عليه.
لو تأمّل المصلّي ربع ما يُتلى من آيات خلال الصلوات الخمس، لعرف ربه حقًّا، ولأحسن معاملة أهله ونفسه ومن حوله، ولأيقظ ضميره في كل صغيرةٍ وكبيرة.
لكننا نعيش بين من لا يملّون التوجيه والانتقاد:
“قولي ولا تقولي، البسي ولا تلبسي، كلي، اشربي، عيشي، لا تعيشي…”
دعواتٌ تُردّدها ألسنةٌ منافقة، تحكم باسم الدين، وتخفي وراءها نفوسًا سقيمة، وعقولًا عاجزة.

رجاءً، قبل أن تُطلقوا أحكامكم، وتنشغلوا بمراقبة الآخرين…
التفتوا إلى أنفسكم:
– كيف تكونون صالحين حقًّا؟
– كيف تُربّون أبناءكم على قيم الدين، والأخلاق، والإنسانية؟
(فثمة أجيال، للأسف، باتت خاوية من كل شيء).

ولا تقنعوا الناس بالدين عبر الترهيب والعقاب… بل عبر الحب. فأن نخاف غضب الله لأننا نُحبّه، لهو أعظم من أن نخافه فقط لعقابه.
وهنا يكمن الفرق الجوهري في ثقافة التفكير التي نفتقدها.
كفانا نفاقًا وتزييفًا… فقد تستطيعون خداع أنفسكم ومن حولكم، وادّعاء الطُهر، لكنكم قطعًا، لن تخدعوا الله عزّ وجل.

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *