الإسكندرية : أكبر مدينة للتراث المغمور تحت الماء

صورة واتساب بتاريخ 1447 03 12 في 23.04.00 0ada2790

الإسكندرية : أكبر مدينة للتراث المغمور تحت الماء

بقلم الأستاذة/ يسرية الغندور- كبير باحثين بدرجة مدير عام- وزارة السياحة والآثار- مصر

صورة واتساب بتاريخ 1446 11 03 في 16.23.05 d4164373

تتذكرون معى عندما بدأت أكتب مقالاتي على صفحتكم الكريمة، كانت أولى مقالاتي عن مدينة كانوب الغارقة بشكل خاص والآثار الغارقة بوجه عام واستهليت مقالاتي عن الملك والملكة البطلميين والمعبود حابى اللذين تم انتشالهما من مدينة كانوب عام ٢٠٠١ وسوف يتم عرضهما بالمتحف الكبير فى الافتتاح فى شهر نوفمبر ٢٠٢٥ ان شاء الله.            

 

  وعام 1996 بدأت بعثة المعهد الأوروبي للآثار البحرية  البحث عن الآثار الغارقة في خليج ابو قير 

كانت هناك مصادر تاريخية تتحدث عن المدينة الغارقة هناك كونها مدينة كانوب الغارقة و أخرى هيراكليون. كانت هيراكليون مدينة تجارية ودينية رئيسية قبل أن تغرق، وكانت بمثابة الميناء الرئيسي لمصر عند مصب الفرع الكانوبي لنهر النيل والتى تقبع تحت مياه خليج أبي قير منذ القرن الثامن الميلادي تقريبًا وتحدث عنها المؤرخون وأصبحت مادة علمية شفوية بدون أي إثباتات علمية مادية وكانت عبارة عن نصوص تاريخية فقط تتحدث عن مدينة كانوا كانت هنا في أبى قير ولكنها غير موجودة علي أرض الواقع 

حتى جاء عام 1996 عندما بدأت بعثة المعهد الأوروبي للآثار البحرية للكشف عن بقايا مدينة كانوب الغارقه والتى تعمل تحت إشراف وزارة السياحة والآثار وبعد الإصرار في أعمال البحث التحت مائي عثر علي العديد من القطع الآثار المنقولة مثل التماثيل والأوانى  والحلى والعملات الذهبية والفضية والبرونزيه والفخار والأحجار 

ومدينه كانوب هي في الأصل مدينة مصرية وجدت قبل قدوم الإسكندر إلى مصر بحوالى 500 عام تقريبا وكان يسكنها الصيادين والجنود للحراسه وبفضل الفرع الكانوبي وهو أحد الافرع السبع لنهر النيل ازدهرت هذا المدينة وأصبحت مدينه تجارية ومركزا دينيا لما عثر بها من أرصفة بحرية ومعابد دينية مثل معبد أمون وإيزيس ويعتقد بأن ايزيس عثر علي أخر قطعة لزوجها اوزوريس بهذه المدينه المقدسة.

 وتعد الإسكندرية من أقدم وأكبر المدن في التراث المغمور وفق تصنيف منظمة اليونسكو لذلك بدأنا منذ شهر أبريل الماضى في عمل ورش عمل للتجهيز احتفالية بهذه المناسبة فوقع الاختيار علي يومى 20/21/ اغسطس 2025 ومن الجميل وبشكل متوازى كان هناك اكتشافات نقوم بها في منطقة أبي قير وهو الجزء الغربي من مدينه كانوب حيث ستقام هناك مدينه ابو قير الجديدة داخل البحر فكان لابد من تكاتف جميع الجهات المعنية بتنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع وزارة السياحه والآثار علي متابعه كل شبر بداخل مياة ابو قير أثناء تشيد هذه المدينة الجديدة من مبانى وأرصفة حديثه فنتج عن هذا العمل الذي تضافرت فيه الجهود بين وزارة السياحة والآثار والجهات المعنية والقائمين علي مشروع مدينة أبو قير الجديدة عن اكتشاف بعض التماثيل والتى أعلن عنها السيد وزير السياحة والآثار هذا الأسبوع وقد هذا الحدث العظيم تجهيزات لرفع هذه التماثيل تمهيدا لنقلها الي معمل المسرح الرومانى لاستكمال اعمال ترميم التماثيل 

وبالفعل ظهر للعالم هذا الاكتشاف العظيم وهو عبارة عن:

1- تمثال أدمى بدون ساقين ورأس من الحجر الجرانيت الوردى يرجع للعصر البطلمى طول الجزء المتبقي 220سم 

2-تمثال ادمى من الرخام الأبيض من العصر الرومانى بدون رأس طوله 170 سم / عرض 45 سم

يرتدى زيا ذو طابع يونان معبر عن  التداخل الثقافى في الفترة الكلاسيكيه للرومان

3-تمثال لابي الهول من حجر الكوارتزيت من العصر الأسرة طوله 83سم / عرض33 سم عرض

 4- رحايا  اولينثيوس  وهي من حجر التوفا وهو حجر بركانى مسامى ومؤرخه العصر اليونانى المتاخر  القرن الخامس قبل الميلاد

5- قاعدة لتمثال أدمى تمثل القدمين من الجرانيت الوردى العصر البطلمى بالإضافة الي الكشف عن مجموعه من العملات البرونزية والتى يرجع بعضها الي العصرين  اليونانى والرومان وعدد من أواني الفخار هذا الاكتشاف يمثل إضافة مهمة للتراث الأثري الغارق في الإسكندرية، ويبرز أهمية التعاون بين المشروعات التنموية والجهود الأثرية.    وبهذه المناسبه بجانب الانتشال الآثار من قاع مياة ابو قير البحري  تم تنظيم مؤتمر بمكتبة الإسكندرية وكذلك افتتاح المعرض المؤقت لبعض القطع الآثار الغارقه والتى تم انتشالها من أبي قير والميناء الشرقي بالاسكندريه وعددها 86 قطعه أثرية وتعرض حاليا بمتحف القومى بالإسكندرية لمدة سته أشهر

كما تم تنظيم مسابقه لاختيار أفضل صورة للقطع الآثار الغارقة والمعروضه بمتحف اليونانى الرومانى والقومى ومكتبة الإسكندرية وكانت المفاجأة أنه تقدم أكثر من 750 صورة للمصورين هواة من مصر وخارج مصر وتم اختيار عدد عشر متسابق وسيعلن عنهم قريبا حيث سيحصل الفائزون علي تصاريح مجانية لزيارة كافه المواقع الاثريه مجانا

هذا المجهود يظهر التزامًا قويًا بالحفاظ على الآثار البحرية وعرضها للجمهور، بالإضافة إلى تشجيع المشاركة المجتمعية من خلال المسابقات والفعاليات

 وتبقي الاسكندريه بقصصها وآثارها التي لا يبخل البحر المتوسط اهداءها لنا

يا لها من عبارة جميلة! الإسكندرية فعلاً مدينة لا تنضب قصصها، فكل موجة يلقيها البحر المتوسط على شواطئها تحمل معها حكاية جديدة، وكل قطعة أثرية تظهر من أعماقها تحكي عن تاريخ عظيم.

إنها مدينة تمزج بين الماضي والحاضر، حيث يمكنك أن تمشي في شوارعها الحديثة وتتخيل في الوقت نفسه كيف كانت أيام الإسكندر الأكبر، وكيف ازدهرت في العصر الروماني، وكيف كانت منارة للعلم والمعرفة في العصور القديمة.

تاريخ الإسكندرية ليس مجرد أحداث في كتب، بل هو جزء حي من المدينة، يعيش في شوارعهاو آثارها الغارقة، وفي القلعة، وفي المسرح الروماني، وحتى في حديث أهلها ولنا فى الاسكندرية حبيبتى حكايات وحكايات وآثار ليس لها مثيل ولا نهاية.

 

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *