الحياة مع الزوج السلبي

صورة واتساب بتاريخ 1447 04 25 في 00.18.00 baefafea

الحياة مع الزوج السلبي

بقلم الدكتورة/ رضوى إبراهيم- استشاري نفسي

صورة واتساب بتاريخ 1447 03 12 في 23.11.50 f6003fd5


تعاني بعض الزوجات من سلبية الزوج في التعامل مع مشكلات الأسرة، فهو لا يهتم كثيرًا بالتفاصيل، ولا يتدخل في أي أمر يخص البيت أو الأبناء، ولا ينشغل إلا بنفسه، ويعتقد أنه قد أدى ما عليه بمجرد توفير الاحتياجات المادية، ملقيًا العبء الكامل على كاهل الزوجة التي تضطر للقيام بدور الأب والأم معًا. وغالبًا ما يكون متساهلًا مع الأبناء لأنه لا يريد أن يزعج نفسه، فتجد الزوجة نفسها تتقمص شخصية الأم الحاسمة المسيطرة، التي تتحمل كل مسؤوليات الأسرة وتتصدى للمشكلات داخل المنزل وخارجه.


وتكون في حالة غضب دائم من تراخي الزوج وتراجعه عن أداء دوره المتوقع، مما يسبب لها ارتباكًا نفسيًا نتيجة تبديل الأدوار داخل الأسرة، وقد يؤدي ذلك إلى نتائج خطيرة وغير مرغوب فيها في كثير من الأحيان.


وتؤكد الدراسات والأبحاث الأسرية والتربوية أن لهذه السلبية آثارًا شديدة الخطورة على الأسرة والأبناء، خاصة إذا تخلى الزوج عن دوره في الإنفاق واعتمد اعتمادًا كليًا على زوجته. وقد لا يعمل أو حتى يبحث عن عمل، مبررًا ذلك بأعذار مختلفة، منها الأزمة الاقتصادية العامة، مدعيًا أنه لا ذنب له ولا حيلة، مستندًا إلى أن زوجته تعمل وتنفق على البيت.


ونجد أن جزءًا كبيرًا من العنف الأسري يحدث نتيجة بطالة الزوج وشعوره بأنه “عالة”، فيحاول إثبات عكس ذلك من خلال ضرب زوجته أو الإساءة إليها لفظيًا ونفسيًا.


وقد تكون هذه إحدى صور السلبية، لكن هناك نوعًا آخر يتمثل في اضطراب الشخصية الاعتمادية، وهو اضطراب نفسي يتميز بالاعتماد الزائد على الآخرين لتلبية الاحتياجات النفسية والجسدية، مع درجة ضئيلة جدًا من الاستقلالية. وتعد المعلومات المتوفرة عن أسباب هذا الاضطراب محدودة، لكنها تشير إلى عوامل ثقافية وتجارب سلبية مبكرة، بالإضافة إلى الميل الوراثي نحو القلق، أو وجود سمات منتشرة في بعض العائلات مثل الخضوع، وانعدام الأمان، والخجل الذاتي.


وعندما يرتبط الشخص المصاب بهذا الاضطراب بشريك حياته، يصبح سلبيًا ويتجنب اتخاذ أي قرار، تاركًا زوجته تدير كل أو معظم شؤون البيت.


الزوج السلبي يخلق حالة من العدائية داخل المنزل، لأن المرأة تنزعج من الارتباط بشخص سلبي، فيسود الصوت العالي والغضب لغة الحوار، وتؤثر هذه الأجواء على الأطفال، فتظهر عليهم اضطرابات مثل التأخر الدراسي، اضطرابات النوم، التبول اللاإرادي، وفرط الحركة وضعف الانتباه والتركيز.


ومن المفيد في هذه الحالات فهم الأسباب الحقيقية وراء تبني الزوج لهذه الحالة، فإذا كانت الأسباب اقتصادية، يجب التركيز عليها وفهمها ومساعدته لتحسين وضعه المالي، وتحفيزه وتشجيعه ليصبح أكثر إيجابية وتفاعلًا، وإشراكه في مسؤوليات الأسرة، مع إظهار التقدير لكل ما يقوم به.


أما إذا كانت الأسباب نفسية، فيُفضل اللجوء إلى استشاري نفسي متخصص في العلاقات الأسرية، لمساعدته باستخدام أساليب العلاج النفسي الحديثة، مثل العلاج السلوكي المعرفي، لتعديل شخصيته وتعريفه بدوره الأبوي داخل الأسرة، فالأب له دور مقدس، ومن حكمة الله عز وجل أنه رزقه صفات الرجولة والقوة ليعمل وينجح ويحمي أسرته، ويكون قدوة صالحة لأبنائه.


ومن خلال العلاج السلوكي، يمكن للزوج أن يتعلم أن الكثير من الآباء تحملوا مسؤولياتهم بجدية، وأن بعض الرجال تعرضوا لضغوط في طفولتهم أثرت على صفاتهم، مما أدى إلى تراجع طاقة الاهتمام لديهم، وظهور صفات مثل التبلد والتباطؤ في مواجهة التحديات، وتركهم لدور الأب الحامي القادر.


وتحذر الدراسات العلمية من تنحي الرجل عن دوره في الأسرة، فعندما تجد الزوجة نفسها في هذا المأزق، وتشعر بالضغط لتلبية احتياجات الأسرة، فإن ذلك يؤثر على دورها كأم، ويؤثر على الأبناء الذين يخسرون نموذج الرجولة السليمة في حياتهم، مما ينعكس عليهم في صورة ضعف، أو عصبية مفرطة، أو هروب من التحديات، أو عدم القدرة على تحمل المسؤوليات، أو فقدان الثقة بالنفس، أو الشعور بعدم الأمان، وحتى صعوبة اختيار شريك الحياة واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.


لذلك، ننصح الزوجة التي تتعامل مع زوج سلبي أن تحاول بقوة سد غياب دوره، وأن تطلب منه بوضوح أن تكون سلوكياته على مستوى الأهداف المتوقعة للحياة الزوجية والأسرية، وأن تصبر وتشجعه على أي خطوة إيجابية، وتظهر له التقدير، مما سيدفعه لاتخاذ خطوات أكثر إيجابية تجاه أسرته. كما يجب الحرص على أن تكون العلاقة الزوجية قائمة على التواصل الفعّال والمستمر بين الطرفين.

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *