لم أراه قادما فى الافق، أو كما يقال، لم يكن فى الحسبان أو حتى بمخيلتى أن أقوم بالمساهمة فى إعداد وترجمة ومراجعة هذا العمل العلمى العظيم للقاموس الموسوعى فى العلوم النفسية والسلوكية والطب النفسى، ذلك لم نتوقعه قادما سواء انا وزميلى واستاذى وزوجى الاستاذ الدكتور عبد الستار ابراهيم، أن يكون فى طريقنا كمشروع علمى ضخم تطلب العديد من السنوات كى يتم نشره وترجمته واعداده ..

كيف وجدنا أنفسنا فى خضم هذا العمل الضخم لهذا القاموس، (قاموس جمعية علم النفس الأمريكية، فى علم النفس، الذى أشرف على وضعه جارى فاندنبوس Gary Vendenboss) والذى يبهر النظر بضخامة حجمه وعدد صفحاته  التى اشتملت على مايقرب من 1025 صفحة من الحجم الكبير والبنط الصغير، وكل صفحة من صفحاته مقسمة إلى عمودين. 

ولى أن أعود بكم لبدايات عرضه علينا وكيف كانت مقدمات العمل عليه وتبنى مسؤولية هذا المشروع العلمى الهام، كترجمة وإعداد  ومراجعة كى يكون من أولى الموسوعات النفسية فى اللغة العربية، فقد كانت هناك دعوة للعشاء فى منزلنا فى مدينة 6 اكتوبر بالقاهرة، لأحد الأصدقاء القدامى للدكتور عبد الستار  إبراهيم وهو الدكتور/ جابر عصفور صديق عمره،  وزوجته السيدة ثريا، وكان د. جابر عصفور اثنائها رئيسا للمركز القومى للترجمة… 

قضينا أمسية جميلة فى حديقة منزلنا، وامضينا وقتا سعدنا بما كان كلا من د. جابر عصفور ود. عبد الستار يتبادلاه من أحاديث مشوقة بينهما، وما تحمله صدورهم  من ذكريات جميلة مضت..

وتحدث د. جابر إلى صديقه العزيز د. عبد الستار  وأفضى إليه بإن لديه مشروع ضخم للترجمة للقاموس الموسوعى الأجنبى الذى أعده “جارى فاندنبوس” وأن هذا القاموس لن يتم إلا من خلال علماء جادين ذو خبرات عالمية فى عالم الترجمة وفى المهن النفسية.. وأخبرنا  بأن  المركز القومى للترجمة سيكون على أهبة الاستعداد للتعاون معنا حتى يُنجز هذا المشروع الضخم.. 

وهكذا تم الاتفاق ورحلة العمل  على ان نقوم بالإعداد لترجمة القاموس الموسوعى  فى العلوم النفسية والسلوكية والطب النفسى، و هو قاموس شامل وجامع فى علم النفس، لا يهتم فقط بترجمة المصطلحات الأساسية،  بل يمتد ليشمل إلى جانب ذلك تعريفات، ومصطلحات،  وتواريخ،  وأسماء علماء، ومدارس فى علم النفس، وما يرتبط به من علوم وتخصصات وفروع، ومجلات علمية، ومؤسسات شاملة لمختلف،أن لم يكن جميع التخصصات النفسية والسلوكية والتحليل النفسى، والعلاج النفسى، والإحصاء، وكل فروع علم النفس الراهنة والطب النفسى،فضلا عن السير الشخصية لرواد هذا العلم شرقا وغربا.

كانت رحلة عمل تخطينا فيها حواجز وصعوبات لم تكن بالأمر اليسير، أكثر من عشر سنوات أمضيناها فى هذا المشروع المهم، أكدت لنا ولمن عملوا معنا من الزملاء الأفاضل الذين ساهموا بترجماتهم لأجزاء قيمة فى الكثير من هذا القاموس العظيم بأجزائه المتعددة، أن المعرفة قوة..ومن القوة تنبثق القدرة على مواجهة التحديات بثقة، وبمزيد من المعرفة والعلم والتواصل  بكل الحضارات العالمية.

كانت رحلة المعرفة والعلم والعمل فى هذا القاموس الموسوعى بمثابة السعى الجاد للمعرفة بكل مستوياتها، وأكدت لنا أن العظمة لا تسعى إلا لمن يسعى اليها، فتسعى إليه بدورها، لتمنحه أسرارها ومكامن قوتها.

وتعلمت منها شجاعة ارتياد المجهول، وناديته بينى وبين نفسى أن هذا هو المطلوب منا وهذا المطلوب متسع وممتد