رؤية تحليلية نقدية لرواية رسائل نادية للكاتبة نُهى عاصم
بقلم الأستاذة / شروق مجدي
1/10/2024
لا أدري من أين أبدأ، فبالرغم من قلة عدد فصول الرواية فإنها غنية بالتفاصيل ، و أسلوبها سهل ممتنع.
بلغت الأحداث ذروتها بصراعات تشتعل وكأن الكاتبة تمسك بيدها لوحة لتلون تلك الصراعات؛ صراع مع الغربة وأوجاعها و من عساه يخفف من آلام نادية ؟ و صراع مع زوجها سعد حيث صورت الكاتبة صراع المرأة وكفاحها وصبرها وتضحيتها لكي تحافظ على بيتها، فضلا عن تفانيها في حب أولادها لاسيما حمادة الذي كرهت وصفه بالمتخلف.
صراع لخيط ضعيف يربط بينها وبين زوجها وكان الأولاد لآليء ربطت في هذا الخيط كعقد لا ترغب في أن تنفرط حباته، لكن هذا الخيط قطع وانفرطت حباته وتناثرت.
وهنا نستطيع القول إن الكاتبة قد طرحت مشكلات مهمة يعانيها المجتمع فقد وضعت نصب عينيها قضية مكانة المرأة وقهرها وحرمانها من أبسط حقوقها مثل التعليم واختيار الزوج والرجل الذي تحبه. كما صورت الكاتبة الصراع و كأنه بين الغزالة والذئب والأسد، صراع بين الخير والشر. وهذا هو الذئب الذي يريد أن يفترسها ويلقيها عظمًا لكنها متمردة قوية تقف في وجهه مدافعة عن أولادها لاسيما حمادة ، لتسلط الضوء على أهم القضايا المجتمعية وهي اضطهاد ذوي الاحتياجات الخاصة أو من يعرفون بذوي الهمم، كما صورت كفاح المرأة وقوة تحملها.
إنها رسائل قوة تبث الحماسة في نفوس السيدات لاسيما راعيات ذوي القدرات الخاصة وقد امتدت وتركت بصمات وذكريات جميلة ورسالة سيرة طيبة. حتى بعد موتها فهي تاريخ دونه محمود في خواطر وحول رسائلها لعمل سينمائي ذكرني بالفنان محمد صبحي حينما كتب لزوجته نيفين في يومياته مع حفيده حمادة. وتعود الكاتبة إلى اللوحة وتلون صراع الغربة ومَن يعيش في أحضان الوطن ومتاعب العيشة كما صورت شخصية هبة ومعاناتها مع المحامي وأحلام وأحلامها الضائعة . و حقيقة الأمر ضاعت أحلام العائلة كلها فيما عدا تامر الذي فاز بالشهادة.
وقد وفقت الكاتبة في تعبير عن شخصيتي محمود ونادية بالأغاني مثل: يا غربة رسينا، ويا إسكندرية للفنان محمد منير. كما صورت الضحك والفُكاهة، التي تمثلت في علاقة نادية مع العنود، والمصطلحات السكندرية التي وضعتها متأثرة ببيئتها كما وضعت قصص الأغاني موضحة ثقافة محمود وعشقه للتاريخ والكتابة. وقد أضافت الكاتبة في بعض المعلومات الطبية و تحدثت عنها باستفاضة وقد أحسنت اختيار لعبة الشطرنج فهي من أفضل الألعاب التي تمثل الصراع؛ صراع بين الكتابة على الأوراق الملونة الممثلة للحنين وللطفولة والمرح والتي في نظري انها اختارتها من أجل حمادة كي تشعره بالفرحة وتخفف عنه متاعبه، وصراع المولود الجديد المسمى بالتكنولوجيا الذي كرهته نادية. وقد وفق محمود في إطلاق اسم نفرتيتي على نادية ومعناه “أتت الجميلة ” فقد أتت في غربته ودخلت قلبه . و قد رسمت الكاتبة صورة لمحمود المعجب بنادية من أول نظرة صورهم في الأقصر وكان من الممكن أن يسميها حتشبسوت ومعناه التي في مقدمة الجميلات فهي في نظره في مقدمة الجميلات ولكن نفرتيتي الجميلة أتت؛ أتت كي تخفف عنه وجع الغربة وصعوبات كل الحياة.