*أسرار السعادة(١) : الزوج المتسلط
بقلم الأستاذة الدكتورة / رضوى إبراهيم- استشاري نفسي
7/11/2024
جاءتني متسائلة، هل يمكننى أن أسعد فى حياتى؟
العيون مملوءة بالدموع، والحيرة و الإرهاق يبدوان على وجهها البرىء .. سيدة فى عمر السابعة والثلاثين ، متزوجة ولديها طفلان صغيران منتظمان فى الدراسة .
قالت : ” زوجى رجل محترم وناجح فى عمله ، ولكن هناك مشكلة شعرت بها منذ بداية ارتباطي به وهى رغبته الشديدة فى السيطرة والتحكم فى كل أمور حياتنا الزوجية والعائلية وحتى أدق تفاصيلي الشخصية. هو لا يترك لى أية مساحة للتعبير عما أريده أو أرغب فيه ..
حتى لو كان أمرًا بسيطًا كشراء بعض الملابس لأطفالنا. و عندما أحاول مناقشته والتعبير عما أريده، عادة ما يتحول النقاش إلى انفعال وتتغير نبرات صوته ويغضب فألوذ بالصمت أو ألجأ إلى تغيير الموضوع حتى لا تتطور المناقشة إلى شجار وبعدها يبتعد ويتجنبني وقد يصل الأمر إلى خصامه لي لعدة أيام حتى أذهب إليه وأحاول فض الخصام و أسترضيه بجهد مضن .
هذا أحد الأمثلة البسيطة للغاية من الكثير من هذه المواقف التى تتكرر مرارًا وتكرارًا فى تعاملنا اليومى.. أشعر بأننى غير مرتاحة نفسياً ، أشعر بالعزلة وعدم الرغبة فى الذهاب حتى لأقرب الناس.. ليس لدى أصدقاء فقد كان زوجى يرفض التعرف على أزواج صديقاتي بحجة أنهم في غير مجال عمله و كان يتذرع بأي سبب لرفضه وجود صديقات لي.”
هذه المشكلة التي نحن بصددها هي نموذج من المشاكل الحياتية التي تواجه الكثيرات من النساء فى علاقتهن الزوجية ، و نتيجة للتعرض لمثل هذه الأساليب المسيطرة، تظهر لديهن مشاكل نفسية كالقلق أو الاكتئاب وأعراض سلبية تقضى على سير حياتهن على نحو طبيعي ، فهن يفتقدن الشعور بالأمان والاستقرار النفسي والاجتماعي فى الحياة.
وعندما نتعرض لتلك النماذج الصعبة يكون من الضرورى مواجهتها بطرق علاجية وإيجاد حلول مناسبة للتعامل معها.
فهناك حلول يمكن أن تساعد على التغلب على هذه المشكلة وتتمثل فى عدد من النقاط التالية :
١) عند الانتباه إلى وجودنا فى علاقة متسلطة أو علاقة مسيطرة من جانب الزوج أو فى اى علاقات أخرى تبدو عليها بوضوح علامات السيطرة والتحكم والتسلط ، يجب علينا التعرف على أهم مؤشراتها وهى :
أن نعرف بأن تعرضنا لهذا الأسلوب المتسلط سيترك آثارًا سلبية عميقة في نفوسنا ، لن ندرى طبيعتها أو نعلم عنها بوعى كاف أثناء تعرضنا لها.
٢) يجب التعرف بوعي على طبيعة المشكلة و التعامل معها وعدم تجاهلها.
٣) الإدراك بأننا بحاجة لمساعدة نفسية متخصصة للتعامل مع هذه المشكلة.
٤) الانتباه والتعرف جيدًا على أفعال الزوج أو الشخص المتسلط و تصرفاته.
٥) الانتباه للمؤثرات الخارجية المحيطة بكِ أثناء تواجدك فى هذه العلاقة ، أي التعرف على المناخ العام من الآخرين المحيطين بكِ، مثل مايدور من آراء الأقارب ورؤية ومتابعة ما يدور حولك من مفاهيم سائدة ، والتمييز بين ما هو مقبول اجتماعيًا أو مرفوض من المجتمع المحيط بأشكاله المختلفة.
ثم هناك نقطة ذات أهمية كبرى لابد أن تؤخذ فى الاعتبار من جانبك وهى:
١) تعرفى على مخاوفك أو الموانع التى تعيقك من التعامل الصحيح والمواجهة الصريحة لهذه المواقف المتسلطة ولماذا تتقبلين الاستمرار فى هذا المناخ المسموم، والعلاقة المتسلطة والمرفوضة من جانبك.
٢) ارفضي وانتبهى إلى عدم الانزلاق فى الدائرة المغلقة من الإساءة أو الإيذاء الجسدى العنيف، أو الإساءة اللفظية، أو الإساءة السيكولوجية.
٣) تعرفى بذكاء وحددى إلى أى مدى تغيرت العلاقة والتى أصبحت تدور فقط حول هذا الزوج أو الشخص المتسلط.
٤) تعلمى أن تفرقى بين حدودك وحدود زوجك فيما تقومون به من افعال وتصرفات بشكل واعى ومدروس .
٥) ابدئي فى التعرف على نواح ونقاط قوتك الشخصية وحاولى تذكير نفسك بها.
٦) تعرفى وفرقى بين الأفعال المسيئة نفسيًا أو جسديًا من الإساءات التى تتعرضين لها.
٧) حددى خسائرك الشخصية والنفسية التى تتعرضين لها نتيجة استمرارك فى الاحتكاك والحياة مع هذا الزوج المتسلط.
وفى النهاية:
تذكرى جيدا ان استعادة نفسك ونواحى قوتك ستكون الملاذ الأخير والناجح لنفسك.
غيرى من مفاهيمك الخاطئة التى جعلتك تقبلين الاستمرار فى علاقة غير متكافئة.
اعلمى جيدا أن لكِ كيان مستقل ومن حقك استعادته بكل بساطة، وحاولى تحديد أهدافك الشخصية وما ترغبين فى عمله وتحقيقه فى حياتك وخطواتك القادمة.
ونقطة أخيرة مهمة:
اخلقي شبكة من العلاقات الإيجابية والمساندة والداعمة حتى تستطيعي أن تستعيدي ثقتك بنفسك و تحمي ذاتك من العزلة الاجتماعية لمواجهة الضغوط النفسية التي تحيط بكِ لكي تخطى هذه المرحلة الصعبة فى حياتك.