أنا ورضوى
بقلم الكاتبة/ نهى عاصم
15/11/2024
“رضوى عاشور الصغيرة”
هكذا أطلق علي صديقي وطبيبي منذ عدة سنوات متنبئًا لي بمستقبل امرأة أبعد أنا عنها أدبيًا بعد المجرات..
تشبهني هذه السيدة رحمها الله، أو دعونا نصحح قولي: كم أشبه هذه السيدة.. ولكن فيم؟:
تقول رضوى عاشور عن نفسها في روايتها أثقل من رضوى واصفة نفسها:
“منذ طفولتي وأنا أُوصف بالمطيورة. في المرحلة الإبتدائية كانت هذه الملحوظة تتكرر في الشهادة الشهرية، مضافًا إليها في الغالب أنني ثرثارة. أنسى أشيائي في المدرسة. أصطدم بهذا الشيء أو ذاك: باب، حائط، شجرة، عمود نور أو حفرة في الطريق أتعثّر فيها. وفي يوم سقطت هكذا فجأة وأنا أقف في فناء المدرسة مع زميلاتي. صِحْنَ: إيه اللي حصل؟ بهدوء أجبت: اتكَعْبِلْت. اتْكَعْبِلْتِ ف إيه؟ اتكعبلت في نفسي. انقلب الفزع إلى صخب وقهقهة، وذهبت العبارة والواقعة مثلًا.”
كنت مطيورة ولا زلت مثلك يا رضوى، لا أمشي على الأرض بل في الهواء.
كثيرة الوقوع والاصطدام، تلتوي قدمي اليمنى في حفرة على باب الفصل يوميًا وكأنها عادة لا أستطيع التخلص منها، فكادت صديقتي وتوأمتي أن تضربني غضبًا مما يحدث لي..
أتحرك بسرعة كما الزمبرك، لا أكل في منزلي إلا وأنا واقفة وأقوم بعمل عدة أشياء أثناء الأكل، لا أستطيع التحدث على الهاتف وأنا جالسة، بل أظل أمشي في أرجاء الأماكن، حقًا مطيورة..
وعندما كتبتِ يا رضوى عن الكتابة قائلة:
“الكتابة فعل أناني وطارد يفرض درجة من العزلة الداخلية، ينفيك عمن حولك أو ينفي من حولك ويضعهم على الرف إلى حين، فعل ينفي الأخرين ليخاطبهم ويكتب حكاياتهم، يقصيهم ليراهم أكثر، يبتعد ليقترب، ويعزلك ليتيح لك تبديد وجودك المفرد وإذابته في وجودهم ومكانهم وزمانهم، عجيب!”
مثلك أنا، حرمت نفسي كثيرًا من لقاءات وزيارات، نفيت روحي وليس عقلي عن المجتمع، رغم أني أعشق أن أكتب عن كل ما في هذا المجتمع من حكايات وأزمات..
واليوم وبعدما وصلتِ أنت حتى بعد وفاتك إلى هذه المكانة، أنظر إلى كل ما كتبته، وأستمع إلى كل ما قلته، وأقارن كل هذا بأعمالي المتواضعة القليلة، وأسأل نفسي:
ترى متى وكيف سيليق بي حقًا لقب: “رضوى عاشور الصغيرة”..