كونى شمسًا تشرق

كونى شمسًا تشرق - بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة

  بقلم الدكتورة / بسمة حافظ

مع قرب انتهاء الربع الأول من القرن ال٢١ وكل ما حققه الإنسان من تقدم هائل على الأصعدة والمجالات الحياتية كافة  في عصر الحداثة والعولمة ، لم يستطع هذا التقدم العلمي أن يهدي البشرية إلى السلام والرفق والألفة ،  إذ تبقى هناك الكثير من مظاهر الهمجية مترسخة في النفس البشرية لتهدد الإنجازات التي حققها الانسان خلال السنوات الماضية .

إن العنف  ضد المرأة من الأمور التي تستلفت انتباه المتابع للأحداث وخصوصا عندما يحدث على يد  الزوج ، إذ يمثل العنف الزوجي في العصر الحديث ظاهرة سلوكية واسعة الانتشار على المستويين المحلي والعالمي ، والتى قد يمارسها الأفراد بأساليب وأشكال متعددة ومتنوعة في الشدة ،  وسواء أكان التعبير عن هذا السلوك بالعنف أم السيطرة فإنها جميعًا تشير إلى مضمون واحد هو العنف ضد المرأة الذي يعد انتهاكًا لحقوقها وحرياتها الأساسية ، كالحق فى الحياة والحق فى سلامة الجسد والأمن النفسى ، وغيرها ، ويرتبط العنف ضد المرأة بحقوق الإنسانية بصفة عامة ، وبوجه خاص بالحقوق الإنسانية للمرأة كما وردت فى الصكوك الدولية والإقليمية المتعلقة بالمرأة،وتتعدد صور العنف ضد المرأة ، حيث تشير الإحصائيات أن العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية ، توجد فى كافة المجتمعات وبغض النظر عن اعتبارات الدخل والطبقة والمستوى الثقافى .

وينقسم العنف ضد المرأة إلى نوعين : النوع الاول : العنف الأسرى ، والنوع الثانى : العنف المجتمعى . وتتشكل صور العنف ضد المرأة كالآتي :

العنف الجسدى ، العنف الجنسى ، العنف النفسى ، العنف الاجتماعى ، العنف الاقتصادي ، العنف السياسي.

 و مما لا شك فيه أن العوامل المؤدية للعنف ضد المرأة متعددة وخاصة في المجتمعات النامية أو مجتمعات العالم الثالث ، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل وأسباب ثقافية واجتماعية وتربوية و اقتصادية وغيرها تتمثل في أن المرأة أحيانًا تسهم في وقوع العنف على نفسها حين  تفتح المجال للمتسلطين في التدخل في شؤون حياتها وتعنيفها واضطهادها و تصدق أنها بالفعل  الأضعف لاسيما حين تدعم ثقافة المجتمع هذه الفكرة ، فتستسلم للفكرة و لا تبذل أدنى مجهود للتغيير نحو الأفضل. و لعل من أهم أسباب العنف ضد المرأة تتمثل في :

١- المفاهيم والتقاليد المجتمعية السائدة غير الصحيحة تجاه  المرأة ، حيث تلعب الموروثات الثقافية  دورًا كبيرًا فى نظرة المجتمع نحو المرأة ، كذلك نظرة المرأة نحو نفسها .

٢-اختلال توازن العلاقات بين المرأة والرجل فى المجتمع ، حيث لوحظ أن كافة صور العنف ضد المرأة نشأت كأثر لاختلال هذا التوازن .

٣- ضعف الوزاع الديني عند الرجل ، ولذا فقد قيل إن مقاومة العنف ضد المرأة لا تكون بالقانون وحده ولكن لابد من غرس القيم  الدينية .

٤- انتشار البطالة وضعف فرص العمل ، حيث أن الغالبية العظمى من صور العنف الاقتصادى تقع على عاملات المنازل .

٥- تلعب السياسات التعليمية دورًا كبيرًا فى التأثير في المركز الاجتماعى والقانوني للمرأة فى المجتمع ، وهو الأمر الذى ينعكس سلبًا على دور المرأة كشريك اجتماعى أساسي للرجل .

٦- نظرا للارتباط الوثيق بين القانون والمجتمع ، فالكثير من الأنظمة القانونية تتضمن تمييزًا سلبيًا ضد المرأة ومنها حق المرأة المتزوجة فى العمل . 

كذلك العامل الاقتصادي أو زيادة معدلات الفقر، وعدم قدرة المرأة على إكمال تعليمها وخاصة الجامعي منه في بعض المجتمعات النامية يجعلها عرضة للإهانة والسيطرة عليها من قبل الآخرين كونها غير مستقلة ماديًا ، كما أن الضغط المادي والمسؤوليات الواقعة على عاتق الرجل تزيد من ضغطه النفسي وتوتره مما ينعكس سلبًا في علاقته بالمرأة لاسيما زوجته، وهو من العوامل المسببة للعنف ضد المرأة، وغيرها وبناء على ما تقدم نجد أن ظاهرة العنف ضد النساء لا يخلو منها أى مجتمع ، و  قد يكون القضاء عليها ليس من خلال تحقيق المساواة المطلقة ، إنما من خلال تفعيل المبادئ القائمة على التسامح و الرحمة و نبذ العنف و إيجاد قنوات للحوار ، لأنه بالرغم من تجريم القانون للعنف واتخاذ تدابير وقائية لكن الإحصائيات توضح استمرار ظاهرة  العنف  بشكل مقلق ، فمكافحة العنف ضد المرأة يتطلب تعاضد وتعاون بين المؤسسات التشريعية الحكومية والتنظيمات غير الحكومية التي يكون لها دور في متابعة تطبيق الإطار التشريعي على أرض الواقع .

 هذه المقاربة تكون باندماج المبادئ الدولية والنصوص الاتفاقية الدولية لحقوق المرأة على المستوى الداخلي لمناهضة العنف ضد النساء بما يتلاءم وخصوصيات الدولة ،  وذلك بمشاركة السلطات العامة في الدولة وهيئات تنفيذ القانون مع هيئات المجتمع المدني.

لذلك ربما تفيد  المقترحات التالية في الحد من العنف ضد المرأة على الوجه التالى:

١- إنشاء لجان مشتركة من كوادر مؤهلة نفسيا وقانونيا مع الجهات المختصة ومكاتب الاستشارات النفسية والأسرية لعمل بحوث وإحصاءات ودراسات حول العنف ضد المرأة وأشكاله وعلاجه.  

٢-  إعداد وتصميم برامج إرشادية وعلاجية للرجل العنيف والعمل على مساعدته علـى ضبط  

الاضطرابات النفسية والمعرفية والعصبية التي تؤدي لارتكاب سلوك العنف ضد المرأة.  

٣-  إنشاء قاعدة بيانات تتضمن كافة المعلومات عن المعنفات وأسرهن وإحصائيات عن حالات العنف  ضد المرأة وأماكن حدوثها، وكيفية معالجة الآثار التي ترتبت عليها، مع مراعاة الحيادية والسرية  التامة لجميع الاطراف.  
٤-  إعادة النظر في صياغة بعض النصوص القانونية التي تحمي المرأة وتصون كرامتها، وتشريع  بعض القوانين التي توفر الحماية لها وتتماشى مع التغيرات الحاصلة في المجتمع. 
٥-  إيجاد جمعيات نشطة تعنى بمعالجة قضايا المرأة على وجه العموم، وقضايا العنف على وجه  الخصوص، على أن تكون مدعومة من الدول بحيث تمارس نشاطها بفاعلية أكثر، بحيث لا يكون موسميًا  وفي نطاق ضيق، بل يتسع ليشمل المجتمع كله.
وفى نهاية القول نذكر أنفسنا بقول الله تعالى فى سورة النساء(يأيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء. ) صدق الله العظيم.
 

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

1 فكرة عن “كونى شمسًا تشرق”

  1. مقال رائع ..أظهر المشكلة ببساطة ووضوع وناقشها بحيادية وأوضح كل جوانبها وأقتح حلول أري من وجهه نظري انها حلول ممتازة ستسهم ان طبقت في الحد من العنف بمختلف أشكاله علي المرأة في المجتمع مما سيساهم علي أستقرار الأسرة المصرية والحد من كثير من المشكلات القائمة بالفعل في المجتمع المصري ..شكراً علي هذا الطرح المميز 👏🌹

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *