المسارج في مدينة كانوب

المسارج في مدينة كانوب

بقلم الأستاذة/ يسرية الغندور- كبير باحثين بدرجة مدير عام بوزارة السياحة والآثار-مصر

تُرى كيف كان الإنسان القديم يحيا عندما يحل الظلام ؟ استطاع الإنسان القديم أن يصل إلى إشعال النار، ومن ذلك تطورت معرفته ليجمع بين الزيوت والفخار ، و قد اخترع من هاتين المادتين ما يعرف بالمسارج الزيتية، أو ما يُطلق عليها بالإنجليزية “oil lamps”.

برع المصري القديم منذ عصر ما قبل الأسرات في صناعة الفخار بجميع أشكاله واستخداماته، لتوفير احتياجاته اللازمة لإعداد الطعام وحفظ السوائل والحبوب والغلال من التلف والضياع. كذلك صنع من الفخار وسائل الإضاءة الخاصة به، والتي كانت تُعرف في ذلك الوقت باسم “المسارج”.
لقد زُيّنت بعض المسارج الزيتية بالكتابات ورموز الحماية أيضًا، بينما جاءت بعض المسارج خالية من الزخارف، لتُستخدم لأغراض الإضاءة أكثر من كونها قطعًا جمالية. ومن الناحية الأثرية، غالبًا ما يُعثر على الجزء الأكبر من المسارج في أماكن المعيشة كالقصور والمساكن وغيرها.

تُعدّ مسارج الزيت المصنوعة من الفخار من أكثر وسائل الإضاءة شيوعًا، خاصة في العصرين اليوناني والروماني، حيث كان هذا النوع من المصابيح زهيد الثمن ويسهل صنعه باستخدام القالب المزدوج. كما وُجدت مسارج مصنوعة من البرونز، وقد شكل بعضها بقدر كبير من الدقة والجمال.

ساعد توافر الطمي، على ضفاف نهر النيل ،المصري القديم في صناعة المسارج ، فتشابهت المسارج في أشكالها سواء كانت مصرية قديمة أو بطلمية أو رومانية، واستمرت صناعتها حتى العصر الإسلامي. لكنها اختلفت من حيث الزخارف؛ ففي العصر اليوناني الروماني كانت تزين سطوحها بأشكال بارزة تمثل أشكالًا آدمية وحيوانات مفترسة وآلهة وأساطير. أما في العصر البيزنطي، فقد كانت تُزخرف ببعض الرموز والعلامات التي ترمز للدين المسيحي مثل الصلبان وعناقيد العنب، وكان الرهبان يصنعونها في الورش الفنية الملحقة بالكنائس والأديرة، وكانت تُضاء بواسطة الزيت والفتيل الذي يُوضع في فتحة مخصصة لذلك، وأحيانًا قد تصل إلى سبع فتحات. وقد عُثر في كانوب على مسارج تحتوي على أكثر من سبع فتحات خُصصت للفتيل وموضع الشعلة.

كان الفارق واضحًا بين المسارج الزيتية المصرية والرومانية من حيث الطينة؛ حيث كانت الطينة المصرية مليئة بطمي النيل، بينما كانت المسارج الرومانية ذات جودة عالية ، حيث شاعت المسارج الرومانية في مصر بعد أن أصبحت ولاية رومانية بعد معركة أكتيوم عام ٣١ ق.م ، وهزيمة الملكة البطلمية كليوباترا السابعة و حليفها القائد الروماني مارك أنطونيو.

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *