فدوى طوقان - مناضلة الكلمة
بقلم : نهى عاصم
” _كفاني أموت عليها وأدفن فيها، وتحت ثراها أذوب وأفنى_فدوى طوقان
فيما تستمر غزة في مواجهة المحتل ، تحين هذه الأيام ذكرى رحيل شاعرة فلسطين ، مناضلة الكلمة ،فدوى طوقان ( ١٩١٧- ٢٠٠٣) ” سنديانة فلسطين” الملقبة كذلك ب ” أم الشعر الفلسطيني “.
خلال حياتها، تركت فدوى طوقان إرثًا من 8 دواوين شعرية وسيرة ذاتية في كتابين، بالإضافة إلى كتابها المبكر ” أخي إبراهيم “. على مدى عقود طويلة، أسهمت في مسيرة الشعر الحديث، لتصبح الصوت الأنثوي الأبرز الذي يعبر عن صمود الشعب الفلسطيني وكفاحه وهمومه. في سيرتها المؤثرة، كشفت عن الكثير من صعوباتها وإخفاقاتها، حيث كانت تعبر عن المشاعر والأسرار الدفينة التي كانت المرأة العربية تكتمها وتخفيها، لعل بوحها يكون درسًا للأجيال الجديدة، ويساعد في تخفيف المعاناة التي أثرت في نفسيتها وتكوينها.
وكانت فدوى مرهفة الإحساس ، و وجدت في الشعر سبيلًا لتعبر عن مشاعرها و معاناتها ، في وقت حبست فيه شخصيتها الاجتماعية في إطار التقاليد إذ عاشت في أسرة ارستقراطية محافظة ، لم يكن فيه للمرأة صوتًا مسموعًا ، فضلًا عن معاناتها من طفولة بائسة و عاشت طفلة منبوذة من والديها اللذين لم يرغبا في إنجاب أنثى ، لاسيما الأب الذي كان يفاخر بإنجاب الذكور، حيث حُرمت من استكمال دراستها و فُرضت عليها الإقامة الجبرية في المنزل ، و لكن بفضل شقيقها إبراهيم الذي كان يشجعها و يحنو عليها و يمدها بالكتب و المراجع تمكنت فدوى من تثقيف نفسها بنفسها، فضلا عن اهتمام إبراهيم بتلقينها دروس اللغة العربية و قواعدها ، كما شجعها على الكتابة و نظم الشعر، و واصلت فدوى مسيرة نهلة العلم و درست العلوم الاجتماعية و الفلسفة و علم النفس و تبحرت في دراسة الأدب العربي في عصوره المختلفة، حتى أنها كانت تنظم قصائد و تنشرها بأسماء مستعارة خشية العقاب ، و من هذه الأسماء” أم تمام ” ، ” الدنانير” ، ” المطوقة” .
و قد فتح سفر فدوى إلى لندن في بداية الستينيات أمامها آفاقًا جديدة للتواصل مع الثقافات الإنسانية المختلفة و الإطلاع على مظاهر الحضارة الأوربية المعاصرة، و تمكنت بعدها من حضور الندوات الثقافية و المؤتمرات التي التقت فيها بشعراء الفلسطينين كبار و منهم محمود درويش الذي لقبها ب ” أم الشعر الفلسطيني ” .
ستظل تجربة فدوى طوقان من أبرز التجارب النسوية في الشعر العربي الحديث لاسيما أن تجربتها تميزت بالصدق الشديد و بالتعبير عن الذات ، فضلا عن الاهتمام بقضايا أمتها فكانت قصائدها مرآة للواقع المرير للقضية الفلسطينية.