السعودية نوال أبوالعلا: هي و المستحيل

“دع الأيام تفعل ما تشاء

وطب نفسًا إذا حكم القضاء

ولا تجزع لحادثة الليالي

فما لحوادث الدنيا بقاء” 

عندما تواجه الإنسان تحديات كبيرة في حياته، فإن العزيمة والإصرار يمكن أن يكونا مفتاحًا لتحقيق المعجزات. هذه قصة البطلة السعودية نوال أبوالعلا، رمز العزيمة و الإصرار، الملهمة التي استطاعت بفضل قوتها الداخلية أن تتغلب على الصعاب وتحقق ما اعتبره الأطباء مستحيلًا. 

وُلدت نوال أبوالعلا بحالة من التشوه الخلقي في عظام القدمين و عضلاتهما وأوتارهما، مما جعلها غير قادرة على المشي بشكل طبيعي. كانت حالتها معقدة للغاية، و لم تستجب حالتها للعلاج و عانت من صعوبات شديدة في المشي و آلام حادة مزمنة ، فضلًا عن معاناتها النفسية لاسيما بعد أن صارت أمًا مما ولد لديها إحساسًا بالذنب لعدم قدرتها على القيام بواجبتها نحو أولادها على نحو طبيعي ، فهي دائما حبيسة الجبائر أو تحت تأثير المسكنات ، حتى أن حالتها كانت مثار جدل في مستشفى جون هوبكنز بعد أن خضعت لنحو عشرين عملية جراحية و في الأخيرة بتر الأطباء القدم و أعادوها من جديد ليقرروا استحالة قدرتها على المشي.

لكن البطلة نوال أبوالعلا لم تستسلم و اتخذت القرار الذي كان وقوده مشاعرها كأم قوية، استجمعت قدراتها الكامنة بداخلها و تسلحت بالإيمان و شقت طريقًا للصعود من هوة المرض و الألم و ما يبعثانه في النفس من خزلان و قنوط… ذات يوم و هي في سبيلها للخلود للنوم، بعد أن تناولت المسكنات كالعادة، سقطت على الأرض و في تلك اللحظة أُصيب ابنها بحالة من الحزن و الهلع شديدين، فتمالكت نوال نفسها و هدأت من روع الصغير و قررت أن تنهض واتخذت قرارها بالاستغناء عن المسكنات و البحث عن سبيل آخر للخروج من محنتها، و قررت مواجهة المرض. راحت تقرأ في الأبحاث العلمية عن حالتها، و هي لا تنكر تعرضها لخيبات أمل كثيرة ، ولكن ما وهنت عزيمتها و لا ضعفت و تسلحت بالإيمان و التزمت بنظام حياة صحية قوامه تمارين رياضية معينة و هي جالسة على الأرض و النوم و الأكل الصحي و استمرت على ذلك النهج مؤمنة بفاعلية ما تقوم به في تحسن حالتها. و بالفعل بدأت تستشعر تحسنًا تدريجيًا،  و ما جزاء الصبر إلا الجبر فكانت المكافاة و المعجزة من الله تعالى إذ استطاعت المشي بعد ٨ أشهر فقط. 

 تخصصت نوال في الرياضة بشكل عميق بعد أن أدركت فوائدها العظيمة، و صارت مدربة متخصصة للعضلات، والتغذية الرياضية المتقدمة، وتخرجت كمدرب رئيس، وحصلت على الاعتماد الأوروبي والاعتماد السعودي، ونالت أكثر من ٢٠ شهادة ضمن الاعتماد الأمريكي والدولي والسعودي،و هي اليوم نائب مدير عام للفنون القتالية في إفريقيا والشرق الأوسط، ومديرة تحرير SMENEWS، وهي صحيفة إماراتية، ومدير إقليمي لتطبيق CLIPPER في الشرق الأوسط، 

وتقول نوال أبو العلا عن تلك المعجزة : ” رغم فقدان الأطباء الأمل بأنني سأمشي من جديد، فكنت على يقين أنني سأمشي وسأكمل حياتي بشكل طبيعي كبقية الناس، وسأكون أقوى وأنجح… أنا أؤمن أن ذلك أشبه ببرنامج موجود في العقل، أنت ما الذي تريدين تحقيقه في حياتك، هل تريدين أن تكوني كسولة ومرتاحة كل الوقت من دون حركة ستكونين، تريدين أن تعيشي بالألم والأدوية المسكنة والأمراض المزمنة ستكونين تريدين أن تكوني صحية ونشيطة ورياضية ولديك قوام جميل وصحي ستكونين كذلك.. أنت تقررين ما الصورة التي تريدين أن تصبحين عليها.” 

أما عن رسالتها لكل امرأة،  فتقول نوال أبوالعلا: ” أريد أن أقول لكل امرأة إذا كنت أنا مررت بكل هذه المعاناة وتمكنت من أن أقوم منها وأن أحافظ على ثباتي وعلى طموحي وأن أصبح الشخصية التي أنا عليها الآن، فأنت إيش عذرك؟!!”