الأواني الكانوبية و أبناء حورس الأربعة
بقلم الأستاذة/ يسرية الغندور – كبير باحثين بدرجة مدير عام- وزارة السياحة والآثار- مصر
كان الابن الأول يُدعى “إمسيتي” ويحمل رأس إنسان، وكانت مهمته حماية كبد المتوفى، وكانت تحميه أمه الإلهة “إيزيس”.
أما الابن الثاني فكان يُدعى “حابي” وكان له رأس قرد، وكان مسؤولاً عن حماية رئتي المتوفى، وكان محميًا من قبل الإلهة “نفتيس”.
الابن الثالث كان يُدعى “دواموتف” وكان له رأس ابن آوى، وكان حارسًا لمعدة المتوفى، وكانت تحميه الإلهة “نيت”. بينما الابن الرابع “قبح سنويف” كان له رأس صقر، وكان مسؤولاً عن أمعاء المتوفى وكان تحت حماية الإلهة “سرقت”.
كانت الأواني الكانوبية مرتبطة بأبناء حورس الأربعة الذين يمثلون النقاط الأساسية، وكان يُعتقد أنها تحمي أعضاء المتوفى لضمان مروره إلى الحياة الآخرة بأمان. بتصميماتها ونقوشها الفريدة، كانت تشكل جزءًا مهمًا من طقوس الجنازة، وكان يُعتقد أنها تمتلك قوى سحرية قادرة على حماية أعضاء المتوفى.
الغطاء العلوي للأواني الكانوبية الذي كان يعكس كل من أبناء حورس الأربعة كان يتغير ويتحول مع الزمن تبعًا للتحول المستمر في شكل الآلهة، وهو ما يفسر الاختلاف بين الأواني الكانوبية من فترة لأخرى منذ بداية الدولة القديمة حتى نهاية العصر الهلنستي. كانت الأواني الكانوبية تصنع من مواد مختلفة مثل المرمر، الفخار، الخشب، والحجر الجيري.
في المملكة القديمة لمصر (2686-2181 قبل الميلاد)، لم تكن هناك نقوش أو كتابات على الجرار الكانوبية. في عصر الدولة الوسطى (2025-1700 قبل الميلاد)، بدأوا في وضع نقوش أو كتابات أو ترانيم للمتوفى.
في الأسرة الثامنة عشرة، بدأوا في تزيين كل جرة كانوبية برأس مختلف لأبناء الإله حورس، إله السماء الأربعة. كانت الأواني الكانوبية في الأفلام والبرامج التلفزيونية الحديثة عاملاً أساسيًا في المشاهد الرئيسية أثناء عملية التحنيط لاحتواء الأعضاء الحيوية للحياة الآخرة. في الفيلم الشهير “المومياء” الذي صور الحياة المصرية القديمة، يمكنك رؤية وجود الأواني الكانوبية الأربع التي أصبحت عنصرًا مهمًا في الدفن المصري.
لماذا لم يوضع القلب في الأواني الكانوبية؟
كان المصريون القدماء يحافظون على أعضاء معينة باستثناء القلب، لأنه يُعتبر أهم عضو في الجسم كله، وهو المصدر الرئيسي لأعمال الإنسان الصالحة والسيئة. كان وزن القلب مهمًا في الحياة الآخرة لأنه يحدد ما إذا كان المتوفى سيذهب إلى الجنة أم سيأكله الوحش. كان يُعتقد أن هذه العملية تتم عن طريق الإلهة “ماعت” إلهة القانون والعدالة والتوازن.
ريشة الإلهة ماعت “عملية الحكم”
أثناء عملية الحكم، إذا كان قلب المتوفى أخف من ريشة الإلهة “ماعت”، فإن المتوفى سينتقل إلى الجنة التي تسمى “حقل القصب”، حيث الفرح والسعادة وحياة أفضل مع من يحب. إذا كان قلب المتوفى أثقل من ريشة الإلهة “ماعت”، فإن روح المتوفى ستعلق في العالم السفلي، وسيأكل جسده الوحش المخيف “الإلهة أموت”، فيضيع المتوفى إلى الأبد. كان لدى قدماء المصريين هدف أساسي في الحياة؛ أن يكونوا أناسًا طيبين حتى يكون القلب أخف من الريشة، وكانوا يرغبون في ارتكاب أعمال صالحة لتجنب الانقراض والعقاب في الحياة الآخرة.
Facebook
X-twitter
Youtube
Whatsapp