
الأواني الكانوبية
بقلم الأستاذة/ يسرية الغندور – كبير باحثين بدرجة مدير عام بوزارة السياحة والآثار – مصر

تخيل أنك تمشي عبر أروقة مقبرة مصرية قديمة، مزينة بنقوش معقدة وكتابات هيروغليفية. وبينما تشق طريقك إلى عمق المقبرة، ستصادف مجموعة من الأواني المزخرفة، كل منها مزين بشكل معقد برأس حيوان مختلف. هذه هي الأواني الكانوبية، وهي قطع أثرية رائعة من ممارسات الدفن المصرية القديمة، والتي كانت تُستخدم لحمل أعضاء المتوفى. لم تكن الأواني الكانوبية عملية عادية، بل كانت لها أهمية دينية عميقة في مصر القديمة.
كان للأواني الكانوبية دور كبير في عملية التحنيط، حيث اعتقد المصريون القدماء أن لكل جرة إله يحفظ أعضاء جسد المتوفى. الموت ليس نهاية الرحلة، بل هو فصل جديد لبدء حياة جديدة. انضم إلينا من خلال مقالنا حيث سنأخذك في رحلة لاستكشاف عجائب الأواني الكانوبية وأهميتها في الثقافة المصرية القديمة. سيساعدك مقالنا على معرفة المزيد عن الأواني الكانوبية وتاريخها، وأبناء الإله “حورس” الأربعة، وفن الأواني الكانوبية وأهميتها في الحياة المصرية القديمة.
كانت الأواني الكانوبية الأقدم ذات أغطية بسيطة خلال المملكة القديمة في مصر (2575-2130 قبل الميلاد)، ثم تم تزيينها برؤوس بشرية منحوتة خلال المملكة الوسطى في مصر القديمة (1938-1630 قبل الميلاد). في الأسر التاسع عشرة حتى نهاية المملكة المصرية الحديثة (1536-1075 قبل الميلاد) كانت الأواني الكانوبية تمثل أبناء الإله “حورس” الأربعة. غالبًا ما كانت تُصنع من الحجر الجيري أو الطين أو السيراميك لتخزين الأعضاء الحيوية للمتوفى والحفاظ عليها.
طوال معظم عصور التاريخ المصري القديم، شكلت مجموعة من أربع أوانٍ كانوبية مكونًا مهمًا للدفن. تتميز أعظم الأمثلة على هذه الأواني برؤوس أربعة أبناء معروفين بأبناء الإله “حورس”. يمكن إرجاع تاريخ الأواني الكانوبية إلى الأسرة الرابعة، حيث تعود أول الأواني الكانوبية التي عُثر عليها إلى الملكة “حتب حرس” زوجة الملك “سنفرو” وأم الملك خوفو. كان أبناء حورس الأربعة مجموعة من الآلهة في الديانة المصرية القديمة الذين كان يُعتقد أنهم يحمون أعضاء المتوفى المخزنة في الأواني الكانوبية. كان كل ابن للإله “حورس” مرتبطًا بعضو معين وكان له رمز هيروغليفي فريد من نوعه.
سوف نتابع المزيد في المقالة القادمة…