
التقلبات المزاجية حقيقة يجب الانتباه لها
بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم- استشاري نفسي

من المعروف أن التقلبات المزاجية هى إحدى حقائق الحياة الحتمية الغامضة غير معروف أسبابها ،وهى فى نفس الوقت تبعث على الشعور بالضيق ، ومن الضروري على كل منا أن يتعامل معها .. وقد يساعدنا كثيرا محاولة فهم التقلبات المزاجية حتى يمكننا تجنب الكثير من الأمور التى تبعث على الضيق، مما يجعل حياتنا أكثر راحة وهدوءًا .
فالتقلبات المزاجية هى بمثابة المناخ داخل المرء ، لا يثبت على حال .. وتتغير نظرتنا للحياة مع تغير حالاتنا المزاجية ..
– وبشكل عام تبدو الحياة رائعة عندما تكون فى حالة مزاجية جيدة ، رغمًا عن وجود نفس العيوب التى تكون غير راضي عنها سواء فى الأسرة والبيت ، فتجد نفسك تشعر بتقبل تجاهها كما تتقبل حياتك – فى الغالب – علي ما هى عليه ، وتحاول قدر جهدك أن تستمتع بها ، ولا تبدو لك المشكلات وكأنها نهاية العالم .. كما إنك تجد الحلول بسهولة وبساطة ، وتشعر بالسعادة لأن لديك أسرة ومنزلًا خاصًا بك ، وأن كان لمنزلك حديقة خاصة ، فسوف تنظر لها براحة وسعادة ، كما أيضًا بسبب الحالة المزاجية الجيدة تتقرب وتتواصل مع أولادك وزوجتك بحب وتشعر بالرضا والفخر بطريقة تعاملكم معا وما يسود المنزل من حب، وتتحمل مسؤولياتك باجتهاد وجدية ، وتتناسى المضايقات اليومية التى يجب أن تتعامل معها ، وعندما تظهر بعض الاخطاء تتجاهلها وتجد لها الاعذار أو تتغاضى عنها ، بإيجاز ، فإنك دائما – أثناء الحالة المزاجية الجيدة – تضع الأمور فى نصابها الصحيح ، وتتحلى بروح الدعابة والمرح وتحمد الله على هبة الحياة التى اعطيت لك إلى ابعد الحدود.
– أما عندما تكون فى حالة مزاجية سيئة ، فإن الوضع يختلف تمامًا ، فقد يبدو كل شيء كأمر عاجل وملح . وتجد نفسك نافذ الصبر وقليل التسامح تجاه العيوب ، وبدلًا من تقبل الحياة على علاتها ، يكون لديك ميل للتذمر والشكوى من كثرة عيوبها . وعلى الرغم من حبك وتقبلك لأولادك ، إلا أنك تتضايق بسهولة من الاهتمام الذى يطلبونه منك ومن كثرة احتياجاتهم ، ويبدو لك بيتك كعبء ثقيل بدلًا من أن يكون هبة تنعم بها ، كما قد تلاحظ وتفكر فى عيوب زوجتك ، وتلقى عليها باللوم على كل ما يواجهك من مشكلات . وعندما تحدث تلفيات ما فى المنزل – حتى أن كان طفيفة أو بسيطة- فإنك تضخمها وتبالغ من شأنها ، علاوة على ذلك ، تنظر إلى كل شئ كأنه عبء ثقيل ، وخلاصة القول ، فإنك تضخم الأمور البسيطة أو الصغيرة بشكل مفرط ومبالغ فيه .
لذا .. أنصحك بتهدئة نفسك ، فجميعنا لنا أوقات ينشرح فيها مزاجنا وأخرى يتسم مزاجنا فيها بالسوء – وبشكل ما – فإن حالاتنا المزاجية هى مصدر أفعالنا وليست نتاجًا عنها .بعبارة أخرى ، حالتنا المزاجية تحدد الطريقة التى بها ننظر إلى حياتنا ، فعندما تتحسن حالتنا المزاجية ، تبدو لنا الحياة على نحو أفضل. ولكن عندما تسوء ، تبدو حياتنا على صورة أسوأ وأكثر صعوبة . ولكى نزيد من توضيح مدى أهمية تقلباتك المزاجية ، عليك أن تلاحظ كيفية نظرتك إلى الأمور تبعًا لحالتك المزاجية .
وهنا من المهم أن نعلم أن تعرفك على حالتك المزاجية والعمل على تغييرها سيكون له أثرٍ كبير في حياتك ، وأنه يقلل من ردودك الانفعالية بصورة كبيرة – ما يهم – هو أن تضع نصب عينيك أن تغيير حالتك المزاجية من الأمور المسلم بها فى الحياة ، إضافةً إلى حتمية تعرضك للحالات المزاجية السيئة ، وتذكر عند تغيير حالتك المزاجية ، أن هذا مجرد تغيير فيها وليس فى حياتك بأسرها .
إن تذكر هذه الحقيقة يساعدك على وضع الامور فى نصابها الصحيح وبصورة كبيرة ، كما يمكنك أن :
– تتعلم من خلالها أن تتوقع رؤية الأمور من منظور سلبى عندما تسوء حالتك المزاجية ، وعادة يسمح لك هذا التوقع أن تنظر إلى ما يضايقك بصورة أقل جدية .
– وفى إمكانك كذلك أن تتعلم أن تلقى بمشكلاتك وترجعها إلى حالتك المزاجية بدلًا من أن تلقيها على حياتك وأسرتك ؛
– كما انك من الضروري أتصل نصب عينيك ، أن كان هناك شئ فعلًا مسؤول عن مشاعرك السلبية ، فلن يكون له الأثرٍ الدائم عليك ، ولن يكون بصورة دائمة فى حياتك ، لأنه فى حقيقةً الآمر هذا السبب الذى أدى بك إلى الشعور بالمزاج السلبى ليس له وجود من الإساس..
– كما يجب الانتباه أنه فى حقيقةً الآمر ، إنً الغالبية العظمى من الأمور السلبية التي تسبب لك الضيق عندما تكون فى حالة مزاجية سيئة ، هى أشياء تكون لك القدرة على تخطيها بيسر وسهولة عندما تكون فى حالة مزاجية جيدة .