الثقة بالنفس وكيفية اكتسابها
بقلم الكاتبة/ فاطمة قوجة
لن تعرف مدى قوتك إلا عندما ترى ما كان بالأمس يخفيك أصبح لا شيء أمامك..
عندما ترى الانتصار في وجه المعارك
عندما تشعر أن لا يمكن لاحد أن يحدد من تكون وكيف تكون!
أن تتحدى ذاتك لتثبت أنك أنت الذي يعرف ما تريدهُ
لا يمكن لشيء أن يقف أمامك ما دمت تعلم أنك أنت القوة والسلام
أنت العزة والإكتمال
لا يمكن لشيء أن يهزمك..
لأن ثقتك بنفسك..
هي التي تجعلك قائد الأزمان..
عندما نقوم بحضور الكثير من المحاضرات والمقابلات نسأل أنفسنا كيف لهذا الشخص أن يكون لديه قوة في الالقاء، والثقة في الحديث، والجرأة في التقديم…؟
فنعلم ان وراء تلك الشخصية المتحدثة.. (الثقة)، نعم.. الثقة بالنفس والقوة وعدم الخوف تزرع لدى المرء عناصر التحدي والنور المشع في حياته، لتجعله يتيقن ان لا شيء يمكن ان يوقفه في مواجهة الحياة بل تجعله يتيقن ان يكون هو ملك زمانه في خلق الظروف وبناء حياة لا يمكن لاحد ان يتجرأ ان ينافسه على أي شيء.
فالثقة بالنفس هي حسن اعتماد المرء بنفسه، واعتباره لذاته، وقدراته حسب الظرف الذي هو فيه، وهي أمر مهم لكل شخص مهما كان، ولا يكاد إنسان يستغني عن الحاجة إلى مقدار من الثقة بالنفس في أمر من الأمور.
فالثقة هي تعطي إيمان للإنسان بقدراته وإمكاناته وأهدافه وقراراته، أي الإيمان بذاته، فهي العمود الفقري لشخصية الإنسان، إذ بدونها يفقد الإنسان احترامه لذاته، ويصبح عرضة لانتقاد واستغلال من حوله، وبالتالي يعيش حياة بائسة، وعكس ذلك فالشخص المتمتع بالثقة في نفسه تجده محط احترام الجميع، وتكون نظرته للحياة متفائلة.
فدائماً لا يوجد إنسان لا يخطئ فعندما نرتكب خطأ ما لا ينبغي أن تهتز ثقتنا بنفسنا، بل بالعكس يجب أن نجعل هذا الخطأ يساعدنا على زيادة الثقة بأنفسنا والتعلم من التجارب والأخطاء السابقة.
فالثقة تجعل الإنسان حكيم في صفاته وقدراته وتقييمه للأمور، عرّفها الدكتور أكرم رضا بأن إيمان الإنسان بأهدافه وقراراته وبقدراته وإمكاناته، أي الإيمان بذاته، ويعرف الإنسان الواثق من نفسه في علم النفس بأنه الشخص الذي يحترم ويقدر ذاته، ويحب نفسه ولا يعرضها للأذى، ويثق بقدراته على اتخاذ القرارات الصائبة ويدرك كفاءاته، كما يتسم الشخص الواثق بنفسه بالاطمئنان والتفاؤل والقدرة على تحقيق الأهداف، وتقييم الأشخاص والعلاقات بشكل صحيح، فبناءً على نظرته لنفسه وتقديره لذاته، وتبدأ الثقة بالنفس بالتكون على مدار السنوات ابتداءً من الولادة حتى المرور بأول التجارب والانطباعات وتجارب الحياة في الدوائر الأسرية، والمدرسة، والجامعة، ومع المعلمين والأصدقاء والبيئة التي يعيشها المرء هي التي تكونه.
إذاً يراودنا لدينا سؤال ما الذي يعزز الثقة بالنفس، أو بالطريقة الصحيحة، كيف يمكننا بناء عنصر الثقة بالنفس…؟
الثقة بالنفس لا تأتي هكذا بيوم وضحاها، إنما بالطريقة المطلوبة التي يجب أن تكون لأننا يجب علينا أن نرى كيفية البيئة التي يجب أن تكون لتبنى تلك الشخصية، كثيراً ما نرى ممارسات تعبر عن الثقة بالنفس، لكننا نكون غير متأكدين أن هذا التصرف يعبر عن الثقة أم لا، خاصة عندما يشوبه استعلاء، فهل الثقة بالنفس تعني أن أشعر أمام الناس أنني الأفضل؟ أو أن أؤكد على نفسي وعلى مسامع الناس أنني ممتاز؟ أم تعني أنني أستطيع أن أواجه الإحباطات بثبات؟ وهل هي مقترنة بالاستعلاء أم بالتواضع؟ وما علاقة الثقة بالنفس بطريقة التفكير؟ ومن أين يأتي الإحساس بضعف الثقة بالنفس؟ وكيف يمكن أن يعالج؟ كل تلك التساؤلات تدور في بالنا ليأتينا التشبع بالإجابة الشافية التي نريدها..
يتصرف بعض الناس أمام الآخرين بأسلوب يشعرنا بالثقة بالنفس أو حتى بالغرور أحياناً، بينما يكون هذا الشخص مفتقراً للثقة بالنفس تماماً، ويرتدي قناعاً يغطي حقيقة ضعفه فيوحي بالثقة من خلال الاستعلاء على الآخرين بميزة يمتلكها حقيقة أو لا يمتلكها، فالاستعلاء لا يعني الثقة بل هو النقيض
وبعض من الناس يعتقد أن الثقة بالنفس تأتي من التأكيدات الإيجابية للذات بأني رائع، وإيصال هذه الرسالة للآخرين، ولكن الرسالة الإيجابية التي أبثها في نفسي أو للآخرين لا تكفي لبناء الثقة بالنفس ولا تعني بالضرورة الثقة بالنفس، لأن الثقة بالنفس تعني تقبل الإنسان لنقاط ضعفه، وأنه من الطبيعي أن يمتلك الإنسان نقاط ضعف، كما هو من الطبيعي أن يمتلك نقاط قوة، وهي معرفة الذات معرفة حقيقية وليست مجرد تأكيدات إيجابية، بل تلك التأكيدات قد تغطي جرحاً يحتاج إلى علاج أحياناً، وليس من الحكمة تغطيته بكلمات إيجابية تخديريه، مثل أن تقول الأم: أنني أم رائعة لأبنائي، وابنها يحتاج إلى إعادة تأهيل لبناء شخصيته وهي السبب الأول في ذلك.
أن الثقة بالنفس تجعل لدى المرء مرونة وقابلية القدرة على حل المشكلات ومواجهة التحديات، وتتعلق بمعرفة الإنسان لنفسه جيداً، ومعرفة نقاط القوة ونقاط الضعف، مع تقبل نقاط الضعف، والسعي لتقويتها، ووضع نقاط القوة في أهداف ذات أهمية بالنسبة للشخص، وهي مرتبطة بالتواضع، فالمستعلي يغطي ضعفاً باستعلائه.
ترتبط الثقة بالنفس بالمتعة الداخلية للانطلاق نحو الهدف، محرراً من نظر الناس، ويرتبط ضعف الثقة بالنفس بالرغبة من نيل الاستحسان من خلال ثناء الناس، لذا فالثقة مرتبطة بالإخلاص في العمل، وضعف الثقة قد يؤدي إلى الرياء.
هناك فارق جذري بين الثقة بالنفس وضعف الثقة هو التحرر من نظر الناس وطلب استحسانهم، والقيام بالعمل برغبة داخلية عن قناعة، متقبلاً احتمالية الفشل، ومعتبراً انها فرصة للتعلم، بغض النظر عن ثناء الناس أو ذمهم.
الواثق مرجعيته معرفة نفسه وما يريد، وما يلائمه ويلائم قدراته ولا يسعى للتقليد، وغير الواثق يريد أن يثبت نفسه للآخرين بعمله وينتظر المديح ويهتز من النقد ويتحرك بالغيرة ويسعى للتقليد، ولديه عقلية مقارنة لا واعية مع الآخرين، فعندما يمتلك شخص ميزة لا يمتلكها هو يشعر بالنقص، فتتراجع ثقته بنفسه.
من الطبيعي أن يشعر الإنسان أحياناً بضعف الثقة بالنفس، لكن إذا تكررت هذه المشاعر فإنها تؤثر علينا سلباً وتشدنا للوراء، فهي تؤثر على قراراتنا ومشاعرنا وعلاقتنا مع الآخرين، بل وعلى صحتنا النفسية والجسدية.
اكتساب الثقة بالنفس هي عملية تتطلب إلى جهود مستمرة، وهناك بعض الخطوات المقترحة لتعزيز القدرة على إثبات الذات أكثر..
1. القبول الذاتي:
يجب أن تتعلم قبول نفسك كما أنت بكل مميزاتك وعيوبك، لأنك أنت كل شيء، أنت الأول والنهاية والكفاية، لا شيء يعلو على قدراتك وجهودك، لذلك عليك أن تؤسس علاقتك بنفسك قائمة على الحب والاحترام.
2. تحديد الأهداف:
حدد أهدافاً واضحة ومحددة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وحاول تحقيقها تدريجياً، فكلما أنجزت شيئاً، ستشعر بمزيد من الثقة والاعتزاز.
3. تحسين المهارات:
اعمل على تطوير مهاراتك في مختلف المجالات، الإلمام بالمزيد من المهارات يعزز شعورك بالكفاءة ويسهم في بناء الثقة بالنفس.
4. التفكير الإيجابي:
حاول التفكير بإيجابية تجاه نفسك وتجاه التحديات التي تواجهها، والابتعاد عن الأفكار السلبية والانتقادات الذاتية، فذلك سيساعدك في بناء موقف قوي تجاه الحياة.
5. النجاح في التعامل مع الفشل:
لولا الفشل لما كان الانسان يرى مدى أهمية الوصول والنجاح، لذلك اعتبر الفشل جزءاً طبيعياً من الحياة، وتعلم منه بدلاً من أن تدعه يقلل من ثقتك بنفسك، فكل تجربة، سواء كانت ناجحة أو فاشلة، تمنحك فرصاً للنمو والتطور.
6. الاعتناء بالصحة الجسدية والنفسية:
إحدى أسباب تعزيز الثقة هي القوة البدنية، فممارسة الرياضة بانتظام، تناول الطعام الصحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم يسهم في تحسين مزاجك العام ويزيد من طاقتك وثقتك بنفسك.
7. التواصل مع الأشخاص الداعمين:
إحاطة النفس بأشخاص يشجعونك ويدعمونك والبيئة المحيطة بك، يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مستوى ثقتك بنفسك.
8. التحدث مع النفس بشكل إيجابي:
التأكيدات الإيجابية التي تستخدم لتشجيع النفس، على سبيل المثال: “أنا قادر على تحقيق أهدافي” أو “أنا أستحق النجاح” يمكن أن يعزز من شعورك بالقوة و القدرة.
9. الخروج من منطقة الراحة:
القيام بتحدي النفس بأمور جديدة وتجارب مختلفة، فكلما واجهت مخاوفك ونجحت في اجتيازها، سترتفع مستويات ثقتك بنفسك.
بكل خطوة نقوم بها بحياتنا يكون لها آثار تؤثر علينا، فبعد الخطوات المقترحة التي يمكن ان تعزز الثقة هناك جوانب أثرية ظاهرية إيجابية على ذلك، وإحدى أهمها..
1. تحقيق الأهداف:
الشخص الواثق بنفسه يميل إلى تحديد أهداف واضحة والسعي لتحقيقها، لأنه يؤمن بقدراته على النجاح.
2. التعامل مع التحديات:
الثقة بالنفس تساعد في مواجهة التحديات والصعوبات بثبات، فالشخص الواثق لا يفر من المشاكل بل يقوم بمواجهتها ويحاول إيجاد حلول لها.
3. تحسين العلاقات الاجتماعية:
الأشخاص الواثقون في أنفسهم يكونون أكثر قدرة على بناء علاقات قوية وصحية، لأنهم يظهرون الثقة في تعاملاتهم مع الآخرين.
4. زيادة الإنتاجية:
الثقة بالنفس تمنح الشخص القوة والطاقة للقيام بالأعمال بكفاءة أكبر، مما يزيد من إنتاجيته في العمل أو الدراسة.
5. التعامل مع الفشل بشكل إيجابي:
الشخص الذي يمتلك ثقة بنفسه لا يرى الفشل نهاية، بل يتعلم منه ويعتبره فرصة للنمو والتطور، بل يجعله نقطة تحول للاستمرار والمحاولة وعدم التوقف.
6. تحقيق السعادة الداخلية:
الثقة بالنفس تساهم في تقليل القلق والتوتر، مما يساعد الشخص على الشعور بالسلام الداخلي والرضا عن نفسه.
7. القدرة على اتخاذ القرارات:
الشخص الواثق بنفسه قادر على اتخاذ قراراته بثقة ووضوح، دون تردد أو خوف من النتيجة.
بذلك نستنتج ان الثقة بالنفس هي عماد الصفات المرء، بها يبني ذاته وكيانه ووجوده بالمجتمع وهي من إحدى أساسيات بناء الحياة المستقرة والمكللة بالناجح.
رغم الإيجابيات التي نراها من خلال تعزيز الثقة بأنفسنا، إلا هناك بعض العوامل التي قد تؤدي إلى انعدام الشغف وانعدام الثقة بالنفس، فما الذي قد يكون من أسباب تجعل من المرء عديم الثقة بنفسه..
انعدام الثقة يمكن أن يكون نتيجة لعدة عوامل نفسية، بيئية، أو حتى جسدية، تؤثر في الشخص بشكل نفسي وعاطفي، من أبرز هذه الأسباب:
1. التجارب السلبية السابقة:
التجارب الفاشلة أو المؤلمة، سواء في الحياة الشخصية أو المهنية، يمكن أن تزرع شعورًا بالفشل وعدم القدرة على النجاح في المستقبل، مما يضعف الثقة بالنفس.
2. الانتقادات المستمرة:
تعرض الشخص لانتقادات قاسية أو غير عادلة من الآخرين، سواء من الأهل أو الأصدقاء أو الزملاء، يمكن أن يساهم في تدمير ثقته بنفسه.
3. الخوف من الفشل:
الخوف المبالغ فيه من الفشل قد يؤدي إلى تجنب المخاطر أو اتخاذ قرارات جديدة، مما يؤدي إلى تدهور الثقة بالنفس بسبب الشعور بعدم القدرة على مواجهة التحديات.
4. المقارنة مع الآخرين:
المقارنة المستمرة مع الآخرين، خاصة عندما يشعر الشخص أنه أقل منهم أو ليس كافيًا، قد يؤدي إلى شعور بالنقص وفقدان الثقة بالنفس.
5. المشاعر السلبية تجاه الذات:
عندما يكون الشخص في حالة من النقد الذاتي المستمر أو يعاني من مشاعر الغضب أو الخجل أو الندم على الماضي، قد يفقد الثقة في قدراته وإمكاناته.
6. عدم وجود دعم اجتماع:
الشعور بالوحدة أو عدم وجود شبكة من الدعم الاجتماعي (الأصدقاء، العائلة، المعلمين) قد يؤدي إلى شعور بالعزلة وفقدان الثقة في النفس.
7. المفاهيم الموروثة أو القيم المجتمعية:
بعض الأفراد قد يكونون نشأوا في بيئات تركز على الكمال أو تعطي أهمية كبيرة للنجاح المادي أو الاجتماعي، مما يجعلهم يشعرون بعدم القدرة على الوفاء بهذه المعايير.
8. الضغط الاجتماعي والتوقعات:
عندما يشعر الشخص بضغط من المجتمع أو من محيطه لتحقيق معايير أو أهداف معينة، قد يفقد الثقة في نفسه إذا شعر بعدم القدرة على تلبية هذه التوقعات.
9. الصدمات النفسية أو التوتر المزمن:
الصدمات النفسية أو التعرض للتوتر المستمر قد يؤثران بشكل كبير في احترام الشخص لذاته، مما يؤدي إلى تراجع ثقته بنفسه.
10. الأمراض النفسية أو الجسدية:
بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب أو القلق يمكن أن تؤثر بشكل كبير في مشاعر الشخص تجاه نفسه، وكذلك بعض المشاكل الجسدية قد تؤدي إلى شعور بالنقص أو عدم الكفاءة.
العمل على استعادة الثقة بالنفس يتطلب وقتًا وجهدًا، ولكن من الممكن التغلب على هذه الأسباب من خلال التأمل الذاتي، العمل على تحسين الذات، وطلب الدعم من المحيطين أو من متخصصين إذا لزم الأمر.
أتعلمون ما الفرق بين الغرور والثقة؟ والمحير في الامر أن هناك عدم تمييز بينهم…!
الفرق بين الثقة بالنفس والغرور يكمن في الجوهر والنوايا التي تحرك كل منهما:
الثقة بالنفس:
هي إيمان الشخص بقدراته ومهاراته وقدرته على مواجهة التحديات، بحيث يكون لديك التواضع والواقعية، فالشخص الواثق يعرف نقاط قوته وضعفه ويسعى لتطوير نفسه باستمرار، فهي تجعلك تبني علاقات صحية لأنها تتيح للفرد أن يكون مرتاحًا مع نفسه ومع الآخرين، وتحترم قدراتهم المختلفة، وتسمع للآخرين وتتقبل النصائح والانتقادات بشكل بناء.
اما الغرور:
هو تضخم الذات وإعطاء أهمية مفرطة للنفس على حساب الآخرين، أي الادعاء والكبرياء، حيث يعتقد الشخص المغرور أنه أفضل من غيره وأنه لا يحتاج لتحسين نفسه أو التواضع، مما يجعله يبتعد عن الواقعية، حيث لا يرى الشخص المغرور نقاط ضعفه أو يعترف بها، بل يشعر بالتفوق على الآخرين بشكل مستمر، ويمكن أن يؤدي الغرور إلى علاقات سامة، حيث يشعر الآخرون بالتقليل من شأنهم أو بالتهديد.
الاختلاف الأساسي هو أن الثقة بالنفس تقوم على أساس الاحترام المتبادل والتقدير الواقعي للذات، وتصب في تعزيز الاستقرار الداخلي بينما الغرور يقوم على أساس الاعتقاد بالتحلي بصفات أو قدرات تفوق الآخرين دون الاعتراف بنواقص الشخص، وغالبًا ما يبني جدارًا يفصل الشخص عن الآخرين ، ورغم كل ذلك إلا أننا لا ننسى كيف يقوم ديننا الحنيف بالحث والمساندة لتعزيز الثقة بالنفس، فالإسلام يشجع على بناء الثقة بالنفس من خلال عدة مبادئ وتعاليم تعزز من احترام الذات والاعتماد على القدرات الفردية، من أبرز الطرق التي دعم بها الإسلام الثقة بالنفس:
1. التوحيد والإيمان بالله:
الإسلام يعلّم أن الإنسان خُلق من بفضل الله تعالى وهو في كنف رعاية الله، مما يعزز شعور الفرد بقيمته وقدرته، الثقة بالله هي الأساس الذي يبني عليه المسلم ثقته بنفسه، حيث يعلم أن الله لا يضيع تعب من يعمل بجد وإخلاص.
2. الاعتماد على النفس:
الإسلام يشجع على السعي والعمل الدؤوب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “اعقلها وتوكل”، يظهر أهمية التوازن بين العمل الجاد والاعتماد على الله، من خلال هذا، يحفز الفرد على تحقيق أهدافه بجهد دون التردد أو الشعور بالعجز.
3. التحلي بالعزيمة والإرادة:
القرآن الكريم يوضح في العديد من الآيات أن المؤمن يجب أن يكون قوي العزيمة وإرادته في مواجهة التحديات، مثل قوله تعالى”: وَقُل رَّبُّ زِدْنِي عِلْمًا”، وهذا يشير إلى ضرورة السعي نحو التحسين المستمر للنفس.
4. النظرة الإيجابية إلى الذات:
الإسلام يشجع على التفاؤل ويحث على التعامل مع النفس بشكل إيجابي، في الحديث النبوي الشريف: “من قال هلك الناس فهو أهلكهم”، يُظهر الإسلام ضرورة أن يكون المسلم متفائلًا، يثق في قدراته ولا يستهين بنفسه.
5. التعامل مع الفشل بإيجابية:
الإسلام يُعزز فكرة أن الفشل ليس نهاية الطريق بل بداية للتعلم والنمو في القرآن الكريم، نجد مثالًا في قصة سيدنا يوسف عليه السلام، الذي مر بعدد من المحن لكنه ظل قويًا وواثقًا في تدبير الله له حتى تحقق له النجاح.
6. تعزيز قيمة العمل الصالح:
الإسلام يشجع على العمل الطيب في كل جانب من جوانب الحياة. كما ورد في القرآن الكريم: “فَفِرُّوا إِلَى اللَّـهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ”، حيث يكون العمل الجاد والمخلص هو مصدر راحة النفس والرضا، مما يعزز الثقة بالنفس.
7. الاعتراف بالنعم:
الإسلام يحث المسلم على التفكر في نعم الله عليه، مما يساعد على تطوير رؤية إيجابية لنفسه وقدراته في قوله تعالى: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ”، يشجع المسلم على تقدير ما لديه وتقدير إمكانياته.
8. الطموح والتطلع الأفضل:
الإسلام لا يحث على القناعة السلبية، بل على الطموح المستمر والنمو حديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا طلبتم فاسألوا الله، وإن الله يحب أن يُسأل”، مما يعكس ضرورة السعي المستمر نحو تحقيق الأفضل وتحقيق الإنجازات.
9. النجاح والمرونة في الصعاب:
في الإسلام، يُعتبر التحدي والمثابرة من سمات المؤمن القوي فقد جاء في الحديث النبوي: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف”، مما يعني أن المسلم يجب أن يسعى ليكون قويًا في جميع جوانب حياته.
من خلال هذه المبادئ، يعزز الإسلام الثقة بالنفس ويشجع على العمل الجاد والتفاؤل وتقدير الذات، مما يعزز قدرة الفرد على مواجهة تحديات الحياة بكل ثبات وقوة.
رغم كل العوامل المساعدة والمساندات وقيمة ديننا الحنيف في تعزيز قيمة النفس لدى المرء، لكن تظل التساؤلات هل هناك عوامل أخرى تعمل على تقليل ثقة الانسان بنفسه؟
عادة ما تبدأ مشكلة قلة الثقة بالنفس لدى الإنسان منذ الصغر، وغالبًا ما تسببها البيئة المحيطة للإنسان داخل المدرسة أو المنزل أو حتى الأماكن العامة، فتلك الرسائل السلبية عادةً ما تسبب قلة الثقة للإنسان وغالبًا ما يتذكرها الإنسان أكثر من غيرها من الرسائل طوال حياته، الجدير بالذكر بأن بعض الأشخاص يتأثرون بالأفكار السلبية بشكل أكثر من غيرهم، بينما لا يتأثر البعض الآخر بهذه الأفكار بشكل كبير.
رغم كل هذا إلا إن المرء قادر أن يتحكم في ذاته…؟
كيف!!
كيف يمكنه التحكم بذاته وهو متأثر بما حوله؟ وبسبب ذلك أدى لديه عقدة أو ما يسمى بضعف الشخصية وقلة الثقة بالنفس!؟
بكل تأكيد يمكنه فعل ذلك.. لسنا ملاك لنكون بلا أخطاء ولكننا قيم تحتاج للمراعاة، لتنمية، لسعي، لنضوج، لتفكير والتدبير، رسولنا الكريم تعذب كثيراً في رسالته وكانوا من القلة الذين صدقوا رسالته العظيمة آنذاك، ومع ذلك لم ييأس ابداً كان لديه ثقة برب العالمين سبحانه وبنفسه، كان يعلم أن رسالته ستصل للأمة كلها، ووصى بنا وقال أمتي أمتي.. أفلم تكون هذه قوة التحدي والصمود والثقة بالنفس!
رغم العذاب، رغم الألم، رغم الصعاب، أعطنا رسولنا الكريم درس أننا قوم عندما نرى أن استحالة تأتي من الجميع، علينا أن ندرك بأننا سنصل..
فقط بإيماننا وثقتنا وصمودنا القوي، لأننا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فهو أكبر قدوة نرى بها أن الثقة بالنفس تأتي من إيمان الشخص بذاته وبربه.
يمكننا تجاهل كل شيء، لأننا لدينا النور في داخلنا.. فسنصل وسنتخطى.
نحن نعلم واقع الامر أنه صعب وليس بتلك السهولة المطلوبة..
ولكن هل سنتوقف عن المحاولة؟
بالطبع لا..
لأننا قوم أن أردنا شيء أعلنا الحرب لنصل إليه..
فلتكن ثقتنا كالجبل صامدة وقوية لا يستهان بها..
لأن ثقتنا بأنفسنا ترفع الروح المعنوية وتدفع صاحبها إلى الأعمال الإيجابية دوما وتجنبه القعود والتكاسل عن تحقيق أهدافه وآماله وتجنبه أيضاً الفوضى والركون.
الثقة بالنفس هي مفتاح النجاح في الحياة، فأنها ليست مجرد شعور، بل هي إيمان عميق بقدرتك على تحقيق ما ترغب فيه.
فلا تدع الفشل يوقفك، بل استخدمه كدافع لتحسين نفسك والاستمرار في المسير، عندما تكون واثقاً بنفسك، تصبح كل عقبة فرصة للتعلم والنمو.
الاستمرار ليس سهلاً، لكن من يمتلك الثقة بالنفس يستطيع تخطي أي صعوبة..
إن الأشخاص الذين يؤمنون بأنفسهم لا يتوقفون أمام أي تحدي، بل يواجهونه بثقة وجرأة.
فكل خطوة تأخذها نحو الأمام، مهما كانت صغيرة، هي علامة على قوتك الداخلية.
إن الامر ليس الاعتقاد بأنك أفضل من الآخرين، بل هو الإيمان بأنك قادر على أن تكون أفضل نسخة من نفسك، إذا كنت تؤمن بقدراتك، فستجد دائمًا طرقًا جديدة لتحقيق أحلامك.
إيمانك بنفسك هو الأساس الذي تقوم عليه كل خطوة في حياتك..
فلا تتردد في السير به بكل قوة.
يقولون واثق الخطى يمشي ملكاً…
أنا أؤمن بأن من لديه ثقة لا يغلبهُ أمر أبداً، بل يجعله مثال للأخرين
أسمع صوتك النابع من روحك..
من أنت؟
لماذا أنت هنا؟
لما تترك بصمة في هذا العالم؟
لماذا تسعى وراء أحلامك وطموحاتك..
هل خُلقت عبثاً، لتجعل كلام الاخرين يمتلكون حريتك!!
أنت أقوى مما تعتقد، لا تستهان بذاتك وقدراتك كُل فرصة تأتيك هي فرصتك لتطوير ذاتك، مهما كانت شدتها، ستمضي..
فقط آمن بنفسك، فكل تحدٍ تواجهه هو بالحقيقة نجاة لك لتثبت أنك قادر على المستحيل..
فلا مستحيل في قاموس الواثقين، فمهما كانت الظروف، تذكر أن لديك القدرة على التغلب على كل شيء فمن اكتشف جوهره الحقيقي عاش بعيداً عن زيف القشور وظلال المقارنات..
فلم ينشغل بما يملك غيره، بل اهتم بتنمية ما في داخله من طاقات، فأصبح شعلة تضيء حياته وحياة من حوله ،استمر في السعي وراء أهدافك بثقة، فكل خطوة تقطعها تقربك أكثر من النجاح..
لا تتوقف..
لأنك أنت من يستحق الأفضل
أن تثق بنفسك يعني أن تعرف قيمتك الحقيقية، بعيداً عن مقاييس الاخرين..
أنها القوة التي تجعلك تتحدث بشجاعة..
وتعمل بثبات..
وتواجه العالم دون خوف..
الثقة بالنفس هي درعك الذي يحميك من الإحباط والهزيمة..
Facebook
X-twitter
Youtube
Whatsapp