القط الفرعوني

صورة واتساب بتاريخ 1446 10 19 في 18.30.36 aba23648

القط الفرعوني

بقلم الأستاذة/ يسرية الغندور- كبير باحثين بدرجة مدير عام بوزارة السياحة والآثار -مصر

WhatsApp Image 2025 01 02 at 16.10.36 919997dd



بعد آلاف السنين من عصر الفراعنة، لا تزال عجائب مصر القديمة تُبهرنا. بالنسبة للبعض، فإن أبو الهول الغامض وعظمة أهرامات الجيزة العظيمة هما ما يأسران الخيال. أما من يميلون إلى الغموض، فربما يكون كتاب الموتى المصري الغامض هو ما يجذبهم. وبالنسبة لآخرين، القطط هيما يجذبهم. كان المصريون القدماء يقدسون القطط لدرجة العبادة، وغالبا ما كانت تُصوَّر الإلهة باستيت على هيئة امرأة برأس قطة، وأحيانا تتخذ شكل اللبؤة في حالة الحرب.و كانت أول آلهة معروفة برأس قط في مصر القديمة خلال فترة حكم الأسرة المصرية الأولى بين عامي ٢٩٢٠- ٢٧٧٠ قبل الميلاد، و اعتبرت حاميةً لغرف الفرعون ضد الثعابين، والعقارب، والشرور. كانت أيضًا تُصور غالبًا برأس نمرٍ . 

اشتهرت الآلهة باستيت منذ فترة حكم الأسرة الثانية من عام ٢٨٩٠ قبل الميلاد فصاعدًا على الأقل. و كانت في ذلك الوقت تُصوّر برأس أسد . عُثر على أختام وأواعي حجرية تحمل اسمها، في مقابر الفرعون خفرع والفرعون ني أوسر رع، لتُشير إلى اعتبارها حاميةً منذ منتصف القرن الثلاثين قبل الميلاد، خلال فترة حكم الأسرة الرابعة والخامسة. تُظهر رسمة جدارية في أرض قبر الأسرة المصرية الخامسة في سقارة، قطة صغيرة ذات طوق، موحيةً أن القطط الأفريقية المروضة، كانت موجودة في بيوت المصريين القدماء، منذ القرن السادس والعشرين قبل الميلاد.

استُخدمت التمائم برؤوس قطط في القرن الواحد والعشرين قبل الميلاد، خلال فترة حكم الأسرة الحادية عشر. توجد لوحة جدارية عن هذه الفترة في قبر باكيت الثالث، تُصوّر قطة في مشهد صيد، تواجه قوارض تشبه الفئران.

يوجد في المدينة الجنائزية أم الجعاب، قبر يحتوي على( ١٧) هيكل عظمي لقطط، يعود تاريخها إلى بدايات القرن العشرين قبل الميلاد. يوجد إلى جانب هذه الهياكل العظمية أوانٍ صغيرة، يُعتقد أنها كانت تحتوي على الحليب للقطط. تُظهر عدة لوحات جدارية على القبور في مدينة طيبة الجنائزية، قططًا بمشاهد مُستأنسة. تعود هذه القبور إلى النبلاء وكبار المسؤولين في فترة حكم الأسرة المصرية الثامنة عشر، وقد بُنيت في القرن الخامس عشر والرابع عشر قبل الميلاد. تُظهر الجداريات قطة تجلس تحت كرسي في مقصف، تأكل اللحم والسمك؛ وتظهر في بعضها الآخر برفقة إوزةٍ أو قردٍ. تكررت مشاهد قطط تصطاد في اللوحات الجدارية، في مقابر مدينة طيبة.

عُثر على أول مؤشر معروف يدل على تحنيط القطط، في ناووس من الحجر الجيري، منحوت بشكل متقن، ويعود تاريخه إلى عام ١٣٥٠ قبل الميلاد. من المفترض أن هذا القط كان القط المدلل للأمير تُحتمُس.

ازدادت شعبية الآلهة باستيت ومعبدها في مدينة تل بسطة، منذ فترة حكم الأسرة المصرية الثانية والعشرين، في منتصف خمسينيات القرن التاسع قبل الميلاد.وتظهر حاليًا برأس قط صغير فقط. كانت القطط المُستأنسة تُعبد بشكل متزايدٍ وتعتبر مقدسة. وعندما كانت تموت، كانت تُحنّط، وتُكفّن، وتدفن في مقابر القطط. كانت القطط المستأنسة تعتبر تجسيدًا حيًا لباستيت، الذي يحمي المنزل من آكلات الحبوب، بينما كان يُعبد الإله سخمت، الذي يمتلك رأس أسد، باعتباره حاميًا للفرعون. خلال عهد الفرعون أوسركون الثاني في القرن التاسع قبل الميلاد، وُسّع معبد باستيت من خلال قاعة احتفالات. توجد تماثيل قطط وتماثيل صغيرة، تعود لهذه الفترة، بأحجام ومواد متنوعة، بما فيها البرونز المصبوب المجوّف والصلب، والمرمر والخزف. و قد ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت أن قتل القطط في مصر القديمة كان محظورا  وكانت عقوبته تصل إلى حد الإعدام، وعند موت أحد القطط المنزلية يحزن جميع أفراد الأسرة ويقومون بحلاقة حواجبهم حدادًا عليه . كانت العائلات تأخذ قططها الميتة إلى مدينة بوبسطة المقدسة لتحنيطها كـمومياوات ودفنها في مقابر مقدسة. وقد أعرب هيرودوت عن دهشته من رؤية القطط المنزلية في مصر القديمة حيث أنه لم يكن قد رأى سوى القطط البرية من قبل.

اعتاد الإغريق والرومان على مؤانسة القطط كحيوان أليف، حيث اُعتبر القاتل المثالي للقوارض. يرجع أقدم دليل عن احتفاظ الإغريق بالقطط المنزلية إلى عملتين من ماجنا غراسيا يرجع تاريخهما إلى منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، حيث تُظهر العملتان كل من لوكاستوس وفالانثوس يلعبان مع قططهما الأليفة، وهما المؤسسان الأسطوريان للمدن الإيطالية. الكلمة اليونانية القديمة المعتادة لكلمة قط “Ailouros” تعني «الشيء ذو الذيل المُلوِّح».ويطلق على القط المصري ماو وفى اللغة العربية هرة وفى اللغات الأجنبية كات و كان قط الرسول عليه السلام اسمه السنور وقيل أيضًا من أسماء القطط بثينة. ونادرًا ما ذُكرت القطط في الأدب اليوناني القديم.  قام الإغريق لاحقا بالمقارنة من خلال التفسير بالنماذج الإغريقية بين الإلهة أرتميس (إلهة الصيد والبرية وحامية الأطفال والإنجاب والعذرية والخصوبة في الميثولوجيا الإغريقية) والإلهة باستيت (إلهة الخصوبة والحب والحنان وحامية المرأة الحامل في مصر القديمة)، حيث استُخدم اقتران باستيت بالقطط ونسبها إلى أرتميس. في كتاب التحولات للشاعر الـروماني أوفيد، عندما تفر الآلهة إلى مصر وتتخذ أشكالا حيوانية، تتحول الإلهة ديانا (إلهة الصيد والقمر والولادة في الميثولوجيا الرومانية) إلى قطة.

كانت القطط  وسيلة مفضلة لمكافحة الآفات حيث استساغ الناس وجود القطط في المنزل، وكانت القطط أكثر حماسا لصيد الفئران.  وقد ذكر أرتميس اقتران القطط بقصص مريم العذراء خلال العصور الوسطى. غالبا ما تظهر القطط في أيقونات البشارة والعائلة المقدسة. 

وبحسب الفولكلور الإيطالي، في نفس الليلة التي قامت فيها مريم بإنجاب يسوع، ولدت قطة قطيطا في بيت لحم. انتشرت القطط المنزلية في معظم أنحاء العالم خلال عصر الاستكشاف، حيث حُملت قطط السفن على متن السفن الشراعية للسيطرة على القوارض الموجودة على ظهر السفن وكتعاويذ لجلب الحظ السعيد .وفى العصور الحديثة قام اليابانيين بعمل مقاهى للقطط وذلك لان منازلهم صغيرة والشباب يرغبون فى الراحة وقضاء بعض الوقت مع حيوانات اليفة فخصصوا مقاهى للقطط !!

 وأثناء عمل بعثة المعهد الأوروبي للاثار البحرية في موقع مدينة كانوب في موسم 2003 عثر على بعض التوابيت مستطيله الحجم تترواح أبعادها طول  60 سم * عرض 20سم وهى من الحجر الجيري حيث عثر بداخلها على بقايا من عظام هياكل القطط 

مما يدل على استمرار تقديس القطط حتى نهاية الاسرة التاسع والعشرين في مصر القديمه 

وهناك العديد من هذة التوابيت الحجرية الصغيرة محفوظة بداخل مخازن بعثة المعهد الأوروبي للآثار البحرية بالمتحف البحري بالإسكندرية. 

و قد عُثر على تمثال للمعبودة باستت يمثل القط الفرعونى في في مدينة كانوب ويلاحظ أن التكلسات الملحيه لازالت موجودة على البدن.


مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *