
الكاهنات في مصر القديمة: الأدوار، والمكانة، والتأثير
تقديم الدكتور / حسين عبدالبصير- عالم الآثار المصرية و مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية

كانت مصر القديمة حضارة متجذرة في التقاليد الدينية والروحية، حيث لعب الكهنوت دورًا أساسيًا في الحفاظ على التوازن الكوني (ماعت). وبينما كان الرجال يهيمنون على المؤسسات الدينية في الغالب، إلا أن النساء كنّ يشغلن مناصب كهنوتية مهمة، لا سيما في فترات وأماكن معينة. يستعرض هذا المقال أدوار ومكانة وتأثير الكاهنات في مصر القديمة، استنادًا إلى الأدلة الأثرية والنصوص التاريخية.
دور الكاهنات
لعبت الكاهنات في مصر القديمة أدوارًا دينية متنوعة، تركزت بشكل أساسي على الطقوس الدينية، الموسيقى، والتواصل الإلهي. وكانت أهم واجباتهن:
1. الخدمة في المعابد – عملت العديد من الكاهنات في معابد الآلهة الكبرى مثل حتحور وإيزيس وآمون، حيث كنّ يؤدين الطقوس والتقدمات.
2. الأداء الموسيقي والرقص الطقوسي – كانت بعض الكاهنات يُعرفن باسم “خادمات الإله”، وقد تخصصن في الموسيقى المقدسة والرقص، خاصة في طقوس حتحور.
3. الأدوار التنبؤية والوساطة الروحية – قامت بعض الكاهنات بدور الوسيطات الروحيات، حيث نقلن رسائل الآلهة من خلال الطقوس.
4. الممارسات الجنائزية – شاركت بعض الكاهنات في الطقوس الجنائزية، وكنّ يُعرفن بـ “نائحات نيت”، حيث كنّ يندبن الموتى ويساعدن في انتقالهم إلى الحياة الأخرى.
المكانة الاجتماعية والتأثير
تفاوتت مكانة الكاهنات في المجتمع المصري القديم باختلاف الفترات الزمنية. ففي عصر الدولتين القديمة والوسطى، كان لهن أدوار مهمة ولكنهن كنّ غالبًا تحت سلطة الكهنة الذكور. أما في عصر الدولة الحديثة، فقد ارتفع نفوذهن بشكل كبير، وخاصة مع ظهور منصب “زوجة الإله آمون” الذي منح النساء قوة دينية وسياسية غير مسبوقة.
كاهنات بارزات في تاريخ مصر القديمة
1. أحمس-نفرتاري – أول زوجة إلهية لآمون، امتلكت نفوذًا دينيًا وسياسيًا كبيرًا في عصر الأسرة الثامنة عشرة.
2. حنوت تاوي كانت الزوجة الإلهية بارزة خلال الأسرة الحادية والعشرين، وسيطرت على ثروة المعابد وإدارتها.
كانت الكاهنات عنصرًا أساسيًا في النظام الديني المصري القديم، حيث ساهمن في الحفاظ على التقاليد الدينية والاجتماعية، وترك إرثهن بصمة دائمة في تاريخ مصر القديمة.