
المسرح هو الحل
بقلم الأستاذة/ هبة عمران- مؤسسة دراما أكاديمي

يمر العالم حاليًا بأصعب فتراته فيما يتعلق بتربية الأجيال . أصبح العنف منتشراً بشكل رهيب في المدارس والمجتمعات، وتحول إلى أسلوب حياة لدى الكثير من الشباب والأطفال. و تعد هذه الظواهر السلبية ليست مجرد مشاكل سلوكية، بل هي انعكاس لفجوة نفسية واجتماعية عميقة تعاني منها الأجيال الحالية.
فلم يعد التنمر مجرد ظاهرة عابرة، بل أصبح جزءًا من يوميات الطلاب، يؤثر سلبًا في حياتهم النفسية والاجتماعية. إن غياب الأنشطة التربوية والفنية الفعّالة، وتكديس المناهج الدراسية دون الاهتمام بالجوانب النفسية، ساهم في تفاقم هذه الأزمة.
و من خلال تجربتي التى كُللت بالنجاح و أثبتت فاعليتها في استخدام المسرح و فنون الدراما لعلاج المشكلات النفسية ، أؤمن بأن القوى الناعمة من فنون و دراما هي سبل تجاوز جميع الصعوبات النفسية والشخصية التي يواجهها الطلاب، وخاصة هؤلاء من ذوي الاحتياجات الخاصة.
من خلال برنامج الدراما المبتكرة، تُظهر المواهب الكامنة في داخل الطلاب وتساعدهم على الإيمان بأنفسهم. فقد ركّزت في عملي على ما يمكن أن نسميه بالمسرح العلاجي الذي يجمع بين يجمع بين العلاج النفسي والدراما. ومن ضمن أساليب العلاج التي اعتمدها ، كاستخدام اليوجا كوسيلة لضبط النفس والانفعالات، مما يمكّن الطلاب من التحكم في مشاعرهم والسلوكيات الناتجة عنها.
إن العلاج بالفن والسيكودراما هو السبيل الأمثل لمعالجة القضايا النفسية والاجتماعية التي يواجهها الطلاب. من خلال جلسات السيكودراما أو الأعمال المسرحية، يجد الطلاب مساحة آمنة للتعبير عن مشاعرهم، مواجهة مخاوفهم، والتعامل مع الصدمات التي قد مروا بها. و إليكم الأدلة العلمية و الإحصائيات التي تثبت مدى فاعلية الدراما و الأنشطة المسرحية في تعديل سلوك النشء بصور إيجابية مذهلة :
١. تحسين المهارات الاجتماعية : أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يشاركون في أنشطة الدراما والمسرح يظهرون تحسنًا بنسبة 25٪ في المهارات الاجتماعية مقارنةً بأولئك الذين لا يشاركون⁽¹⁾.
٢. زيادة الثقة بالنفس : تشير الأبحاث إلى أن 80٪ من الأطفال المشاركين في برامج المسرح يبلغون عن مستويات أعلى من الثقة بالنفس وتقدير الذات⁽¹⁾.
٣. تعزيز التعبير العاطفي : حوالي 70٪ من الأطفال الذين يشاركون في أنشطة الدراما يظهرون تحسينًا في التعبير العاطفي ويكونون أكثر مهارة في إدارة عواطفهم⁽¹⁾.
٤. أداء أكاديمي أفضل : تحليل شامل لأكثر من 200 دراسة وجد أن تعليم الدراما يمكن أن يؤثر إيجابيًا على مهارات اللغة الشفوية للأطفال، مع تحسين كبير في المفردات وفهم القراءة ⁽¹⁾.
٥. تقليل المشاكل السلوكية : المدارس التي تدمج برامج الدراما والمسرح تُظهر انخفاضًا بنسبة 30٪ في المشاكل السلوكية بين الطلاب⁽¹⁾.
يجب أن تتبنى المؤسسات التعليمية أساليب مبتكرة مثل السيكودراما والمسرح لتحويل الطاقات السلبية إلى إبداع، ومنح الطلاب أدوات للتعامل مع مشكلاتهم بطريقة صحية.
رسالة أمل
ليس المسرح والسيكودراما مجرد أدوات للترفيه، بل هما ضرورة تربوية ونفسية لمعالجة المشكلات الاجتماعية والنفسية التي تواجه الأجيال الجديدة.
يُعَدُّ المسرح وسيلة مثالية للنشء للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بحرية، مما يساهم في تحسين صحتهم النفسية. من خلال أداء الأدوار وتجسيد الشخصيات، يمكن للأطفال التعامل مع مشاعر القلق والخوف والحزن بطريقة صحية ومفيدة.
في الختام، يُعَدُّ المسرح أداة قوية وفعّالة في العلاج النفسي والتعديل السلوكي للأطفال، ويساهم في منع ظاهرة العنف والتنمر. من خلال تقديم بيئة داعمة ومشجعة، يمكن للأطفال تطوير مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية، وبناء شخصياتهم بطريقة إيجابية ومفيدة للمجتمع. إنّ الاستثمار في المسرح كوسيلة تعليمية وعلاجية يفتح آفاقًا واسعة لتحسين مستقبل الأطفال وصحتهم النفسية..
1-https://wetheparents.org/drama-benefits