تداعيات الاختلاف في رواية الفتيان “فلفل وجده الأسمر” للأديبة ديمة السمان

WhatsApp Image 2025 02 04 at 20.37.56 dfb51242

تداعيات الاختلاف في رواية الفتيان "فلفل وجده الأسمر" للأديبة ديمة السمان

بقلم الأديبة/ هناء عبيد

WhatsApp Image 2025 02 04 at 20.36.53 0d36d690

 

 

صدرت رواية الفتيات والفتيان “فلفل وجده الأسمر” للأديبة المقدسية ديما السمان عن دار الهدى عبد زحالقة وتتكون من ٨٤  صفحة من الحجم الصغير

الرسومات للفنانة آلاء أحمد والتنسيق لآلاء مارتيني 

الغلاف:

عبارة عن صورة لمجموعة من الأرانب الصغيرة تقف في مكان طبيعي محاط بالجبال والأشجار ويجري بجانهم نهر ، تقف الأرانب ذات الفراء الأبيض معًا في جانب واحد بينما يقف الأرنب صاحب الفراء الأسود بمفرده على الجانب الآخر، توحي الصورة بوجود صراع ما بينهم قد يعزى الى اختلاف لون فرائهم. 

العنوان

 يدعونا إلى التساؤل ما سر وصف الجد بالأسمر ، وهل للقصة علاقة باللون والعنصرية، ولماذا اختير اسم الأرنب فلفل؟

كم هي كثيرة القصص التي تحدثت عن التمييز العنصري بسبب لون البشرة الداكنة، حتى قصص الأطفال لم تسلم من ذلك ،فكلنا سمع بقصة البطة السوداء التي أصبحت مثلًا يضرب به عند وجود تمييز بين الأشخاص بسبب اختلاف لونهم.

في هذه الرواية تبرز المشكلة جلية عند أحد أفراد عائلة من الأرانب، حيت يولد للعائلة خمسة أرانب تشبه الأم والأب في اللون عدا الأرنب فلفل إذ غطى جلده فراء لونه أسود..بينما اثنان من أخويه لون فرائهما أبيض واثنان لون فرائهما رمادي وأبيض.

يتعرض فلفل للتنمر بسبب لونه المختلف عن إخوانه الذين يبتعدون عنه وينفرون منه. لم يقتصر الأمر على إخوانه فقط بل أن الأمر طال أطفال القرية الذين كانوا يرفضون اللعب معه؛ خاصة الأرنبة سوشي ابن الأرنبة كوكي جارتهم، فهي تهينه متعمدة وتطلق عليه صفة الوسخ وأن عليه الاستحمام، الأمر الذي أدى إلى حزن فلفل ولجوئه إلى والدته للشكوى التي برز دورها التربوي في إرشاده إلى الطريق الصحيح وتقبل نفسه باختلافها، وإعادة الثقة في نفسه، فراحت تحدثه عن جده الأسمر الذي كان مثله مختلفًا، لكنه بقوة إرادته وعزيمته استطاع أن يصبح متميزًا وحكيمًا، بل وصل إلى الزعامة بسبب اجتهاده وفطنته.

فقد كان جده الأسمر يساعد والده كل صباح في زراعة الخضار والفواكه ويقوي بدنه ويكسب الخبرة والمعرفة.

تعود الثقة إلى نفس فلفل، ويتخذ من جده أيقونة للنجاح، ويبدأ بالاجتهاد والتعلم مثله، ثم يفاجئ عائلته بأعماله المثمرة التي تفوق عمره، ويصبح حديث الجميع.

من الواضح أن القصة لها رسائل تربوية وتثقيفية مهمة، ففي بداية القص مثلًا نتعرف على عالم الأرانب من خلال عائلة الأرنبة الجميلة فلة التي تنجب بعد شهر من الحمل خمسة صغار، ثلاثة ذكور وأنثيين، وتفرح بهم مثل جارتها كوكي التي وضعت سبعة أرانب.

نتعرف أيضًا من خلال القصة على دورة حياة الأرانب منذ ولادتهم، وكيف يفتحون عيونهم بعد عشرة أيام، وعلى بدء ظهور الفراء الذي يغطي أجسادهم، نتعرف أيضًا على أن الأرانب تحب أكل الجزر والخس، وأن البقدونس مضر لها. كما نتعرف أيضًا على أساليب التخلص من الكلاب الضالة المؤذية بواسطة بعض المواد، مثل ماء الورد والفلفل الأسود المطحون وماء الليمون، كما نتعرف على أن الكلاب تختلف عن القطط في تسلق الجدران، فالكلاب لا تستطيع تسلق الجدران العالية، ونتعرف أيضا على العديد من أصوات الحيوانات، كذلك أعداء الحيوانات، فالكلاب أعداء مؤذية للأرانب.

خاضت الرواية في عدة أمور تربوية مهمة ضمن السرد، منها أهمية تعاون الأسرة وتعاضدها معًا، إذ نرى مدى التعاون الموجود بين الأم والأب، ونلاحظ دور الأب في بناء أسرته فهو يساعد زوجته في أعمالها وتتوزع الأدوار بينهما مما يعزز ثقة الأطفال ويبعث الأمان في نفوسهم. كذلك يتضح أهمية دور الأم في صنع شخصية متزنة واثقة، فكان دورها في القصة قياديًا ولها دورها في التربية والتوعية والإرشاد، حينما تفاقمت الأمور مع فلفل بسبب تنمر أصدقائه توجه إلى والدته التي دافعت عنه وشملته بحنانها، وأخبرته بأن يفعل مثل جده الأسمر الذي كان يشاركه نفس اللون، وقامت بسرد قصة جده فاستطاعت أن تحول اختلافه إلى عنصر يفتخر به، تمامًا كما هو الحال بجده الذي تنمر عليه الجميع إلا أنه اجتهد وثابر، واستطاع أن يكون منقذًا لقرية الأرانب من هجوم الكلاب الوحشي بما لديه من أسلحة تثقيفية اعتمدت على تعلمه الذاتي.

أيضًا أشارت القصة إلى ضرورة عدم الحكم على الآخرين بسبب اختلافهم، وأن من يحكم على الآخر من خلال شكله أو لونه ليس ذكيًا بل سخيف وساذج، ولا يستعمل عقله.

وكان من ضمن القيم التربوية التي شملها السرد؛الحث على العمل لتقوية الجسد واكتساب الخبرة والمعرفة، فمن جد وجد. كذلك

التشجيع على اكتساب الثقة بالنفس والإمساك بزمام  الإرادة والإيمان بقدراتنا وتعلم ثقافة الاعتذار عند الخطأ، كذلك عدم استغلال الفرص، فحينما جاء الزعيم إلى بيت فلفل، أخبره بأن يطلب منه ما يحتاجه، فتنبهت لذلك أخت فلفل إلا أنه رفض ذلك وقال أن الإنسان عليه أن لا يستغل معرفته بالآخرين للوصول إلى أغراضه الشخصية، وفي ذلك حث على التقيد بالقيم العليا.

أيضا شمل القص الحث على إقامة الحكم بالعدل، وإعطاء كل ذي حق حقه.

كذلك شجعت على العطف على الجيران وكبار السن، من خلال ما قاله الأب:

“ألا تضعي يا فلة طبقًا من هذا الطعام الشهي لجارتنا العجوز زيزي، فقد سمعت أنها مريضة”.

أيضًا هناك دعوة إلى الابتعاد عن الأنانية وايذاء الآخرين وضرورة الدفاع عن الأرض والممتلكات من الأعداء. كذلك شجعت على التسامح بين الإخوة والناس.

 

تناسبت لغة القص مع الفئة العمرية، حيث استخدمت اللغة العربية الفصحى التي جاءت سهلة دون تعقيد، شملت على مفردات متنوعة تزيد من حصيلة قاموس الطفل اللغوي، استخدم التشكيل الذي يعزز من قوة لغة الطفل ويعوده على اللفظ السليم.

استخدمت الأديبة في القص الخيال فقد استخدمت الحيوانات لتجذب الطفل وتحثه على القراءة دون ملل.

استطاعت الأديبة إيصال العديد من الرسائل المهمة بصورة رمزية حتى لا تحول بعض الفقرات إلى نصوص سياسية. 

 الرواية ذات رسائل تربوية قيمة ومواد تثقيفية دسمة تضيف الثراء لمكتبة الطفل العربية.

 

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *