جبل البركل: بيت المعبود والعابد

صورة واتساب بتاريخ 1446 11 10 في 11.21.51 5610b142

جبل البركل: بيت المعبود والعابد

بقلم الدكتورة/ بلسم أحمد القارح – مدير متحف- السودان

صورة واتساب بتاريخ 1446 11 03 في 19.22.57 4010973f


هناك في كريمة، المدينة التي تحتضن الجمال بين ضفاف النيل وسفوح الجبال، ينتصب جبل البركل شامخًا، شاهدًا على حضارات تعاقبت وأسرار دفنت في أعماقه. لم يكن هذا الجبل بالنسبة لي مجرد موقع أثري درسته خلال سنواتي الجامعية، بل كان رفيق درب، ومصدر إلهام، ومرآة تعكس شغفي بالتاريخ والآثار.
أذكر جيدًا تلك الأيام التي كنا نقطع فيها المسافات سيرًا على الأقدام، تحت شمس الصيف الحارقة أو برد الشتاء القارص، متجهين نحو الجبل. كنا نرتوي من سبيل ماء عند سفحه، ونتقي بسقفه المصنوع من سعف النخيل من رهق المسافة. هناك، كنت ألمح ضريح الشيخ ود الكرسني، شيخ مسلم يعده أهل المنطقة من أولياء الله الصالحين، يفصلنا عن المعابد القديمة. تعجبت في نفسي وقلت: أليس البركل بعظيم؟ ها هي المعتقدات المختلفة تلتف في مكان واحد، كما ارتبطت متضادات الطبيعة: الجبل، الماء، الأرض الخصبة، الرمال والتصحر، درجات الحرارة القصوى، والبرودة المشققة للأشداق. وفوق ذلك كله، الإقبال على الدنيا والرغبة عنها، الاحتفاء بالموت والاحتفال بالحياة، جميعها منسوجة بحنو أشجار النخيل.

الموقع الجغرافي
يقع جبل البركل في ولاية الشمالية بالسودان، على الضفة اليمنى لنهر النيل، بالقرب من مدينة كريمة. إحداثياته الجغرافية هي: 18°32′13.2″ شمالًا، 31°49′40.9″ شرقًا.
أما مدينة كريمة، فتقع على بعد حوالي 400 كيلومتر شمال العاصمة الخرطوم، وتُعد مركزًا حضريًا مهمًا في المنطقة، وتتميز بقربها من العديد من المواقع الأثرية والتاريخية. إحداثياتها الجغرافية هي: 18°32′59.99″ شمالًا، 31°50′59.99″ شرقًا.
جبل البركل في التاريخ
“الجبل المقدس” كما سماه الآباء القدماء، كان مركزًا دينيًا هامًا، حيث اعتقدوا أن الإله آمون معبودهم الأكبر يسكنه. بني به معبد آمون الكبير، الذي كان مسرحًا لتتويج الملوك وطقوسهم.وآخر للمعبودة موت ومعابد أخرى لآلهة مختلفة وقصور بديعة التخطيط لملوك وملكات كوشيين .
جبل البركل في العالمية
في عام 2003، تم تسجيل جبل البركل ومواقع إقليم نبتة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، نظرًا لأهميته الثقافية والتاريخية.
جبل البركل في الذاكرة
ليس مجرد موقع أثري، بل هو رمز للهوية الثقافية والتاريخية للسودان، وشاهد على حضارة عظيمة امتدت لآلاف السنين. بالنسبة لي، كانت كل زيارة لهذا الجبل تجربة روحية وعلمية، تعمقت من خلالها في فهم تاريخ شعبي وجذوري.
برغم التعب والمشقة كانت تلك الأيام تحمل في طياتها متعة لا توصف. كنا نشعر بأننا نعيش التاريخ، نلمسه بأيدينا، ونكتشف أسراره بأنفسنا. جبل البركل لم يكن مجرد موقع أثري بالنسبة لنا، بل كان معلمًا ومعلما ومصدر إلهام، علمنا الصبر والمثابرة، وأشعل فينا حب المعرفة والاكتشاف. الآن، وأنا أعود إلى تلك الذكريات أشعر بالحنين لتلك الأيام، وأدرك كم كانت تجربة الدراسة في كريمة، والعمل في جبل البركل، تجربة فريدة شكلت جزءًا كبيرًا من شخصيتي ومسيرتي العلمية.
يمكنك استكشاف الموقع الجغرافي لجبل البركل ومدينة كريمة من خلال الخريطة التفاعلية التالية:
(https://www.scribblemaps.com/maps/view/Nubian-Pyramids/qWuPMxa6OY)([Scribble Maps][1])

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *