لماذا الصديق قبل الطريق

صورة واتساب بتاريخ 1446 11 03 في 14.05.15 e2f5d739 Copy

لماذا الصديق قبل الطريق

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم  

صورة واتساب بتاريخ 1446 10 26 في 14.26.08 23f5fc1f


ما من أحد منا إلا ويتأثر إيجابيًا أو سلبيًا بالصحبة التى يقضي معها معظم أوقاته ، الأطفال تتأثر بالآباء ، والعكس أيضا صحيح ، كما يؤثر الأزواج فينا والأشقاء بعضهم فى بعض، كذلك نتأثر بزملاء العمل والاصدقاء والجيران .

وفى بعض الأوقات ، لا يكون لنا حرية اختيار هذه الصحبة كما نجدها فى العمل مثلا ، وفى هذه الأحوال ، فإن المفترض أن نخرج من هذه الصحبة بأفضل ما فيها . وقد ينطبق هذا أحيانًا على أفراد العائلة أيضا ، فأنت تقضى مع بعضهم الوقت ، ليس لأنك تحبه بل لمجرد أنه فرد من العائلة وليس لديك اختيار آخر متوفر أو مقبول .

ولكن ، فى أحيانا آخرى قد يكون لنا مطلق ” حرية الاختيار ” من حيث الصحبة التى نقضى وقتنا معها ، مثل اختيار الأصدقاء وأولئك الذين ندعوهم الى المنزل والذين نتكلم معهم عبر الهاتف .

ولأن الوقت والجهد من أغلى ما تملك ، فإن الاختيار الدقيق والحكيم لمن تقضى معه هذا الوقت وذلك الجهد يكتسب أهمية قصوى . وقد تتسائل : هل تقضى وقتك مع أشخاص مفيدين حقا لك ولعائلتك ؟ أم أنك تختار صحبتك عشوائيًا ؟ وقد تندهش من إجابتك إذا كنت صادقًا فيها ، أو لأنك أدركت أنه مناسب لك ، أو مجرد تعودك عليه .

وأنا لا أقصد بالطبع ، أو بالضرورة أن تنهى علاقتك بهؤلاء الأصدقاء ، وتبدأ فى تكوين صداقات جديدة ولا أعنى كذلك أن كل الصداقات القائمة على التعود أو الالتزام ، أو الخبرات الماضية هي بالضرورة صداقات سيئة . إن ما أقصده هو أن أدفعك الى إعادة النظر الموضوعية لشعورك عندما تكون بصحبة شخص ما ، وبعد أن تتركه بوقت قصير ، يمكن أن تطرح على نفس نفسك التساؤل التالي: هل الشخص الذى أقضى وقتي معه يساعدني على الرقى ؟ هل أنا معجب به ، وأحترمه ؟ هل بينكما قيم مشتركة ؟ هل تشعر بالارتياح لأنك قابلته أو حادثته هاتفيًا ؟ إذًا لم تكن إجابتك “نعم” فإن هذا لا يعنى أن تهجره ، بل يعنى أن عليك أن تقضى وقتًا أقل مع هذا الشخص مما يسمح لك بوقت تلتقى فيه بأناس آخرين ، أو أن تقضى هذا الوقت بمفردك .

ولا علاقة لهذا الاقتراح بإصدار الأحكام على الناس ، فإنك إن قررت أنك لا تفضل قضاء الكثير من الوقت مع بعض الناس ، فهذا لا يعنى إنك لا تحترمهم أو لا تقدرهم ، أو أنك لا تظن أنهم أناس رائعون . ولا يعنى أيضًا أنك تعتقد أنك أفضل منهم ، ولا إنهم ليس لديهم صفات ممتازة ، بل إنه – ببساطة ، – وإذا أخذنا كل الامور فى الاعتبار – يعنى أنك تفضل قضاء وقتك لوحدك ، أو مع أشخاص آخرين . معً الانتباه أن الوقت الذى يمكن أن تقضيه مع الآخرين محدود ، وربما أقل كثيرًا مما تريد . وكل فرد مسؤول عن اختياراته الخاصة ، ومدى تقبلها من جانبه . قابلت فى حياتى – مثلا – كثيرًا من الأشخاص الذين أعجبت بهم لأسباب مختلفة ، ولكننى لم أرغب في أن أقضي وقتى معهم ، بل إنني أظن أنهم فكروا فى نفس الشيء أيضًا من ناحيتي . ولأنني أحب أن أكون بمفردي ، فإن هذا يعنى أنني إذا أخترت أن أكون مع شخص أخر ، فإننى يجب أن أختار شخصًا أستمتع بقضاء وقتى معه .

وكل شخص يفضل نوعًا معينًا من الناس لقضاء وقته معهم . فأنا مثلًا لا أفضل قضاء وقت طويل مع الذين يغضبون بسهولة ، وأفضل أيضًا أن اتجنب الشكايين ، وهؤلاء السلبين الذين يفضلون رؤية العيوب والسلبيات والنواقص فى كل شيء من حولهم . ويعتمد اختيارى – جزئيا – على أعتراف “ضمني ” بإننى من الممكن أن أتأثر بمن هم حولى ، فإذا قضيت وقتًا مثلًا مع الشاكيين ( أو هؤلاء الأشخاص كثيرى الشكوى ) فإننى سأبدأ فى الشكوى أيضًا ، وهكذا الأمر .

ولهذا المبدأ الذى نتبناه ، قدرة كبيرة على التأثير فى نوعية حياتك . فالذين من حولك – وخاصة أولئك الذين تقضى وقتك معهم – لهم قدر كبير من التأثير في مواقفك وشعورك بالراحة والسكينة . فإذا اخترت صحبة جيدة فستصبح حياتك أسهل وستقل الضغوط من حولك . بل وستنعم براحة على المستوي الشخصي .

مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *