ليست كل أم مدرسة

WhatsApp Image 2025 01 16 at 13.41.02 dde0d0fc

ليست كل أم مدرسة

بقلم الإعلامية الأستاذة/ رانيا التوني

WhatsApp Image 2025 01 16 at 13.41.02 dde0d0fc



طوال الوقت تتصدر الأم الصورة، في منتصفها تمامًا، وتمنح دون طلب الحب والعطف والرحمة والمودة. علمًا بأن أمهات كثيرات لا تتوفر فيهن كل تلك الصفات المحمودة.


بناءً على ما أراه وأعيشه مع أخريات، هناك أبناء أضرت بهم الأمهات، وطال الضرر الابن و زوجته والأبناء دون وعي، والبعض منهن أحيانًا بوعي وأنانية وحب تملك وتمسك بالسلطة الأمومية، ولكثير من الاعتبارات لا تُحاسب الأم المتسلطة، لتظل كلمتها هي العمود الفقري للأسرة ووتدها.


حتى لا أسقط في خطيئة التعميم، أرى عددًا لا بأس به منهن أصابته آفة السيطرة وحب التملك، بعيدًا عن مفهوم الأم التي فهمت معنى الأمومة السوية وقننت استخدامها لسلطتها الأمومية وسيطرت وتحكمت في أنانيتها.


يتفاقم حجم المشكلة في ظل ضعف شخصية الزوج وتحكم الأم ومحاولة الزوج استبدال زوجته بأمه، لتلعب الزوجة دور الأم في حياته.


من تداعيات تربية الرجل الخاطئة الناتجة عن تمييز أمه له عن الآخرين والمبالغة في إطرائه ومديحه، وفخرها بمآثره التي ربما تكون وهمية ، و نتيجة لهذه المعايير المغلوطة والفهم الخاطئ لطبيعة علاقتها بابنها تتفكك الأسرة، وترى أبًا تم تهميش دوره في الأسرة بعد أن سمحت الأم بترقية ابنها إلى منصب الأب ومنحه كافة مسؤوليات هذا الدور، ليصبح هو البطل في حياة هذه المرأة التي ترى في ابنها كل ما افتقدته في الزوج، في حين نرى زوج تلك المرأة وقد أثقلته مسؤوليات الحياة وملأت وجهه تجاعيد كفاحه اليومي لتكوين أسرة والحفاظ عليها، ليترك هذا الدور برغبته مفضلًا عدم الدخول في معارك ليؤدي دور الرجل الثاني في حياة زوجته وأولاده، راصدًا الكثير من الأخطاء والتجاوزات، ولكنه يفضل التزام الصمت ويرى في صمته حكمة، تاركًا كلًا على هواه، صامتًا صمتًا انتقاميًا وأحيانًا انهزاميًا.


بعد الدمار الداخلي الذي يصيب الأسرة الكبيرة الممتدة بعد تولي الابن دور الزوج، وتحكمه في جميع أفراد الأسرة حتى إخوته وإن لم يكن أكبرهم سنًا، ولكن كونه ذكرًا مصنفًا من المجتمع أنه من ذوي الامتيازات، يملؤه الإحساس بالتفرد والأنانية ويبدأ في ممارسته الضاغطة على جميع أفراد أسرته، والويل لأخواته الإناث اللائي يلقين معاملة بشر من الدرجة الثانية ليصبحن مجردات من الكثير من الحقوق، ولتخرج هذه الأخت نسخة مصغرة من الأم، تفعل وتفكر كما فعلت الأم، ويخرج إلى المجتمع كائن آخر لم تستطع تربيتها الخاطئة ومعاناتها من هذه التجربة القاسية أن تخلق داخلها وعيًا أكبر يحول دون تكرار شخصية الأم. لكن قلة هن من ينجحن في تخطي هذه التجربة ويخلقن لأنفسهن حياة سليمة وناضجة مستفيدات من تجارب الماضي السيئة.


تستمر تداعيات تربية الأم التي ليست المدرسة و تمتد إلى حياة ابنها، لاسيما عندما يقرر الارتباط. تظهر سيطرة الأم وازدواجية التربية لابنها الذي تراه على صواب دائمًا وصاحب القرار في البيت على أخواته وخبراته ووعيه واقتناعًا منها أنها أحسنت تربيته. فجأة تراه شخصًا غير قادر على اختيار شريكة حياته وتقرر دون طلب من أحد أن تختار هي. هنا تتضارب المصالح وتدق أجراس الخطر وتهدد العلاقة بين الأم وابنها. فإذا كان مقتنعًا باختياره لكنه غير قادر على إقناعها، تعلن الأم الحرب الباردة مبدئيًا التي تستخدم فيها كل أسلحتها غير المشروعة من ضغط وابتزاز عاطفي. أحيانًا تكون نتائجها مثمرة وأحيانًا لا. عند “لا” الأخيرة، تصبح الأم على قناعة تامة بأنها تدافع عن ابنها من استغلال الطرف الآخر، ويتم توصيف الطرف الآخر بالعديد من الصفات غير المحمودة. الكارثة الأكبر لو حقق الابن رغبته وتزوج بمن اختارها دون رغبة الأم وموافقتها فقط إرضاءً لابنها، تتحول حياة هذه الإنسانة إلى جحيم تنتهي النهاية الطبيعية وهي الطلاق وتفكك أسرة صغيرة وقد يتبعها أطفال يتربون بعيدًا عن الأب أو بعيدًا عن الأم. في النهاية، لا تكون التربية صحية بأي شكل من الأشكال.


مقالات أخرى

رحلة معرفة وعلم وعمل

بقلم الأستاذة الدكتورة/ رضوى إبراهيم

تفاهاتي

بقلم الأديبة المصرية/ هناء سليمان

علاقة مميزة

بقلم الأديبة المصرية/ نهى عصام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *