وراء الغيم مطر

لا تحزن إذا ضاقت بك السبل، وتعثرت خطواتك في دروب الحياة…

تأمل السماء، كم مرة تغيّمت ثم أشرقت من جديد؟

تأمّل الزهور، كم صبرت تحت التراب قبل أن تفوح بعطرها؟

فكذلك قلبك… قد يمر عليه ليل طويل، لكنه لا بد أن يلقى فجرا يربت على جراحه.

اسرح بخيالك بعيدا…

تخيل نفسك تمشي في صحراء واسعة، لا ظل فيها ولا ماء، وفجأة ترى واحةً خضراء لا تدري كيف ظهرت، لكنها كانت هناك، فقط لأنك واصلت السير ولم تيأس.

وهكذا الحياة…

فلا تجعل لحظة العسر تنسيك أيام اليسر، ولا تجعل غصّة اليوم تُعميك عن بهجة الغد.

وتذكّر قول الله عز وجل في كتابه الكريم:

{وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}

فما يبدو لك مؤلمًا اليوم، قد يكون هو السبب في سعادتك غدا.

وها هو يوسف عليه السلام، حين فقد وطنه وأحبابه، لم يكن يملك سوى الصبر والإيمان، فقال:

{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ}

صبرٌ لم يكن استسلاما، بل ثقةً ويقينًا أن وراء الغيم مطرا، وأن الله لا يبتلي إلا ليطهّر ويرفع.

واعلم أن في لحظاتٍ من الحياة، تقف أمامنا تحدياتٌ كبيرة، وأياما مليئة بالهموم، نرى فيها أن الطريق مظلم، والآلام لا تُحتمل، لكن الله يفتح لنا من أبواب الأمل ما لا نراه في تلك اللحظات الصعبة.

فالصبر ليس فقط تحمُّل الألم، بل هو يقينٌ بأن وراء كل ابتلاءٍ تكمن رحمةٌ، وأنه ما دام الله معنا، فلا شيء يستحيل.

فلا تحزن إذا أعسرت يوما، فقد مرت أيامٌ كنت فيها في رخاء،

وما دمت تتوكل على الله وتسير إليه بقلبك، فاعلم أن كل ما تتمناه سيأتيك، ولو بعد حين.

فالله لا يُضيع أجر من أحسن عملا، ولا يترك عبده في كربٍ إلا ليبدّله فرجا من حيث لا يحتسب.

فثق بالله… وامضِ قدما.