
وشاءت الأقدار
بقلم الأستاذة/ فاتن محمد علي – كاتبة و ناقدة مصرية

( الزوجة قبل الزواج)
تزوجته بطريقة عجيبة جدا لم تخطر ببالى،ولم تأتِني فى أحلى أحلامي يقظتي.
تعرفت على والدته التى التقيتها أثناء إنجاز بعض الأوراق الرسمية المتعلقة بصرف معاش أبى ، ساعدتني وتعاملت معي برقة ورُقى لم نعهدها فى موظفي الحكومة، إذ وجدتها سيدة مثقفة،ومتفهمة .. تبادلنا أرقام الهواتف ،وذهبتُ سعيدة بإنجاز تلك الأوراق التي كانت شديدة التعثر،وأخيرًا هذه السيدة التى تعمل مديرة حديثة النقل لإدارة المعاشات،-كما عرفت منها-.. أنهت كل العراقيل،لم تكن سعادتي فقط بهذا الإنجاز ولكنني سعدت كثيرًا أن ألتقى مثل هذا النموذج الراقي فى مصلحة حكومية،تمنيت لو أستطعت أن أتواصل معها ولا يتوقف تعارفنا عند تلك المرة، هاتفتها لأشكرها وجعلت أمي أيضا تشكرها،كان ردها راق مثلها،وقالت بنبرة خجلة « أنا لم أفعل سوى الحد الأدنى من الخدمة، بل أعتذر عن العراقيل التى غالبا يضعها موظفي الحكومة،، وترددت قبل أن تقول: «ربما لديهم من العُقد النفسية ما يجعلهم يتحققون بتعذيب المواطنين أصحاب الحق فى المصلحة».. ثم صمتت قبل أن تقول ما كنت أتمناه:«صديقتي لابد أن نلتقي » وأردفت بصوت حنون: لقد أحببتك، فأنا لم أنجب بنات، وأحب البنات المهذبات الذكيات مثلك قلبي قفز من السعادة وأكدت ُ: اننى مَنْ تتمنى هذا.
ورحت أتواصل معها عبر الواتساب والفيسبوك ، واتحين اى فرصة لمهاتفتها، كالأعياد والمناسبات، وأحيانا أسألها عن أمور تخص وظيفتها.
هاتفتنى ذات يوم بعد تبادل التحايا بادرتنى قائلة:«انتِ مخطوبة، متزوجة؟» نفيت فقالت بتردد: مرتبطة؟
قلت بإندهاش «لماذا هذه الاسئلة يا طنط، قصدى».. وقبل أن أعتذر عن كلمة طنط قاطعتنى قائلة:« الله ما أحلاها كلمة طنط منك».. و أردفت «بصراحة أنا عايزة أخطبك لأبنى»..
شعرت بغُصة فى حلقى ولم أستطع الكلام وكأننى بلعت لسانى، اذ جف ريقى وتحاملت لأقول:«لكننى مطلقة» يا… لم أستطع إضافة اى كلمة
طَلبْ من سيدة بهذا الرقى والثقافة، والمستوى الاجتماعى الذى يدل عليه أناقتها، ولباقتها، وثقافتها التى أطلَعَتْ عليها من خلال حسابها على الفيسبوك، تطلب منى أنا التى نشأت فى أسرة بسيطة كان يعمل أبوها بائع فى إحدى المحال الكبرى..يقف على قدميه ما لا يقل عن 12ساعة،وأم بالكاد تفك الخط..بالإضافة لكونى مُطلقة ، رغم أننى تخرجت من الجامعة، بعد معاناة أبى لكى أحصل على شهادة جامعية تؤهلنى لعمل جيد وزوج معقول، إلا إن هذا لا يكفى،أن أرتبط بأسرة يبدو أنها أعلى كثيرا
كانت المفاجأة التى لم أتوقعها أبدا إنها أجابت:«لا ضير أبدًا
هنا توقعت أن يكون ابنها إما مُطلق أو أرمل ولديه أطفال، وهذه هى الفرص الوحيدة أمام سيدة مُطلقة خاصة فى مجتمعنا الشرقى ، ومتاح أيضا كبير السن بفارق لا يقل عن عشر سنوات.
كل هذا دار فى ذهنى قبل أن تقول لى سأرسل« لك صورته».. جلست أنتظر الصورة وهواجسى تخمن ربما كان دميمًا ،أو به عيب ما.. قطع شرودى رنة الواتساب.. وبيد مرتعشة رفعت الهاتف وأنا أقدم إصبع وأُؤخر آخر، وأخيرا ضغطت وإذا بى أرى شابًا شديد الوسامة، فارع الطول بقامة رياضية ووجه صبوح دقيق القسمات وبشرة ناصعة البياض مشربة بحمرة جميلة،كدت يغشى علىّ من المفاجأة التى دحضت كل هواجسى،رحت اتأمله فإذا بى اتذكره،،انه هو ذلك الشاب الوسيم الذى ألتقيته فى منزل صديقتي،وخطفني بوسامته، عرّفنى عليه زوجها على انه صديقه المهندس عصام،نعم أتذكر اسمه جيدا يومئذ وجه التحية لى بحيادية اقرب للفتور وعدم الاهتمام.
عاودت الإتصال لأقول لها:«أنا أعرف ابن حضرتك يا طنط، أليس اسمه عصام؟»
هتفتْ بحماس: نعم..
: اردفتُ
«هو صديق زوج صديقتي التقيت به فى منزلهما منذ شهرين تقريبا، وأردفتُ بنبرة خجلة أقرب للأنكسار او الأحباط:« حينذاك لم ألفت نظره، ضحكت ضحكة رقيقة وقالت:
«لا عليكِ،فلنفكر فى المهم»
قلتُ: وما المهم؟
قالت: أن نجعله يراكِ ويتعرف عليكِ،من خلال صديقتك وزوجها واضافت: لابد ان يكون لقاءً طبيعيا ومن خلال صدفة بحتة
هنا قاطعتها بأسى : ولكن صديقتي وزوجها يعملان خارج البلاد ولا يأتيا الا كل عام أو عامين
قالت تطمئننى قبل ان تنهى المكالمة دعينى افكر فى طريقة
رغم سعادتي التى ملأت كياني، إلا أن غُصتي زادت وبلغت الحلقوم، حين قفز لذهنى سؤال منطقي جدا «ماذا لو لم أعجبه، ومن ثم رفض» ووجدت أنه إحتمال لا ثانى له، وجاء السؤال الذى ارتسم امام عينى بححم الحائط الذى امامى « لماذ يرض بسيدة مطلقة تجاوزت الثلاثين بعام، وهو لم يكبرها-كما عرفت من أمه- الا بشهور عشر ، واجمل الفتيات الصغيرات يتمنينه،اذا اشار بخنصره يأتين عشرات الجميلات الصغيرات..؛؛ وسامته وشبابه ومركزه الاجتماعى كمهندس ناجح، لأسرة وعائلة مأصلة -كما عرفت ايضا-؛ اب مهندس وأهل ذوى مراكز كبرى، مهندسين ولواءات و أطباء، وانا ماذا لدى من عائلة ،والد متوف كان بائعا شقيان،وام ربة منزل وشقيقين لاغير.
هنا تفتق ذهني عن عدد من الخطط لإقاعه اولا، ثم اللاحق سهل جدا، مادام امه راضية عنى وهى من طلبتنى.. وتلك هى العقبة الكبرى امام أى زيجة بدأت بمحاولة طلب صداقة على حسابه بالفيسبوك،
لم يوافق رغم وجود أمه صديق مشترك بيننا.. أتصلت بها لأخبرها، كان ردها: سأحرضه على القبول.. عرفت منها لاحقا أنه لن يوافق وأنها مضطرة أن تصارحه بكل شئ؛ أننى عروس ممتازة ترشحنى له.. بعد أسبوع لم يتم قبول صداقتى فوجئت بصوت امه ونبرة حزينة:عزيزتى للأسف أمتعض عصام وقرر إلا يتعرف عليكِ متهما اياى بالتدخل فى ادق تفاصيل حياته، وانه لن يتزوج عن طريق الخاطبة مثل اجداده. رغم أننى حزنت عقب سماع هذا،
لكننى لم أياس،فقد تملك قلبى بل عقلى،،ربما منذ ألتقيته اول مرة،-وكانت لحظات خاطفة-.. انه زوج مثالى..
رحت اتصفح حسابه وأقرا منشوراته المتاحة للعامة،وكذا أختياراته لمقاطع الفيديو من بعض الافلام،او بعض الآراء لمفكرين عالمين،وافتنانه بالموسيقى العالمية، وثقافته الواضحة من آرائه وتحليلاته لكل شئ، سواء فن او سياسة، وخاصة التحليل النفسى للكثير من سلوك الشخصيات العامة.
كنت كمن يذاكر، أو من يُعد بحثا علميا، وكثيرا ما كنت أكتب منشورات تنسجم مع آرائه وأرسلها له.. واشارك منشوراته المتاحة.. حتى فوجئت ذات صباح مُحَمل بنسمات نثرها القدر حولى اذ وافق عصام على ضمى لقائمة اصدقائه، ارسلت له كلمة رقيقة أقرب للحيادية منها لما أشعر به من سعادة لم أذقها ابدا من قبل.
وبدأت بأول دردشة معه حول أمور عامة، وكنت أستخدم مفرداته وآرائه التى حفظتها عن ظهر قلب.. مما زاد من إعجابه بى وبثقافتي ، وتبادلنا الصور، وتعمدت أرسل له صورا تبرز مفاتن جسمي،الذى دوما ما يلفت النظر من دقة الخالق وابداعه فى توزيع كل اجزائه كما المسطرة، بالاضافة لملاحة وجهى وجاذبيةعينىّ.
رغم أننى أضع غطاء رأس، لكنني كنت أرسل له صورا تظهر شعري الذي عالجته ليزداد نعومة ولمعانًا بمادة (الكرياتين) السحري الذي حول شعري الأشعث الى سلاسل من الحرير.. وجاءت اللحظة الفارقة التى انتظرتها كثيرا، اللقاء..
ألتقيته فى إحدى المقاهي الراقية .. كان لقاءً رائعًا ، اعترفت له-ضمنيا- بوقوعى فى حباله التى لا فكاك منها إلا بالزواج، دون أن غنطق.. هكذا فهم من نعومة حديثي وما باحت به عينى، التى رأت ما كنت اتمناه؛ ميله واعجابه بى.فقد استخدمت معه اسلوب خمنت انه سيُجدى،ويُعجل بالأرتباط،تحدثت معه عن معاناتى مع زوجى،وبالغت فى إظهار ضعفى،وإننى كنت ضحية لزوج مفترِ،تحملت اهانته لى الدائمة،حتى مدّ يده علىّ،ومن ثم طلبت الطلاق،وكنت ابالغ واتظاهر بمحاولة السيطرة على دموعى،وحين لمحت نظرة التعاطف فى عينيه،قفز قلبى من السعادة.
اتصلت بوالدته التى انقطعتُ عن تواصلى معها شهورا لا تقل عن ثمانية، هى الفترة البينية بين خطتى وأخيرا تواصلى مع عصام..كنت أريد ألا أُحيّدها حتى يحدث الزواج ثم؟
-مرحبا طنط ، كيف حال حضرتك
-أهلا حبيبتي، أراكِ نسيّتنى :
ـ هل هذا معقول، انا لا استطيع نسيان اجمل وأرق شخصية عرفتها، وأفخر بهذا. وأردفتُ بحماس: طنط-قلتها بملء فاهى-عصام تواصل معى بعدما اضافنى لحسابه بالفيسبوك، وتقابلنا معا.. صاحت بفرحة هزتنى: حقا.. ياله من خبر جميل
-نعم يا طنط، واضفتُ:« اتعلمين ان الله يحبنى، لاننى لم اكن واثقة من اعجاب عصام بى، وكدت اوافق على احد العريسين اللذين تقدما لى ، ولا أخفي عليكِ، فنحن صديقتين أليس كذلك؟»
-طبعا يا حبيبتي وابنتى ايضا، تكلمى بكل حرية، فليس بين الام وابنتها اى حرج.. قلت: احد العريسين مُطلق ولديه ابنان، والآخر أرمل ولديه ابنة متزوجة فى الخليج عمره 50 عاما، وافقت امى عليه وقالت «هو افضل ليس لديه سوى ابنة بعيدة»، وكدتُ اوافق حتى قال لى انه يريدُنى ان انتقب (البس النقاب)، وألا أعمل.. احزننى هذا ورحت افكر… فى هذه الاثناء طلب منى عصام ان اقابله.. لا تتخيلى ياطنط حجم سعادتى، …
قاطعتنى بنبرة ملئها السعادة: وسوف تسعدين اكثر فى منزل عصام ان شاء الله
-يارب.. لم يقلها لسانى فقط بل قلتها بكل كيانى وكأنى اريد دعوتها تصل للسماء.
.
الام «قبل الزواج
قابلتها فى مكتبى، آتتنى باكية لتعثر اوراق معاش والدها، فتاة فارعة الطول، قوامها منسق، كلها انوثة بعينين عسلتين لامعتين، وأنف كبير بعض الشئ ولكنه متناسق مع قسمات وجهها المشع ببشرة تميل للحنطة قليلا
ترتدى بنطالا اسود وبلوز خضراء ، على بساطة وتواضع الملابس ولكنها أظهرتّها انيقة بدون تكلف.
اثارت شفقتى بتلعثمها وصوتها الباكى:«من فضل حضرتك انا جئت هنا عشر مرات وفى كل مرة اجد تعثر وبيروقراطية مقيتة، ثم تداركتْ ما قالته معتذرة: عفوا لم اقصد ولكن»..
-لا عليكِ واشرت لها لتجلس
طلبتُ من الساعى كوبا من الليمون، وحين خرجتُ من مكتبى الذى لم اكن أكملتُ فيه اسبوعا، منقولة إليه من الوزارة بترقية مدير عام.
تنامى الى سمعى تهكم الموظفين:«اول مرة نرى مواطن فى ضيافة المدير».. وصاح آخر وهو لا يتمالك نفسه من الضحك:«تذكرت فيلم الوزير جاى»،وهنا ضج المكتب بالضحك،وحين ظهرت لهم ابتلع كل واحد ضحكته وساد وجوم عام،قلت بنبرة حادة:مَنْ مختص بأوراق معاش والد هذه الفتاة…وأردفتُ بحدة اكثر اريد ملفه على مكتبى حالا.
عدتُ للفتاة وهدْأَتُ من روعها وقلت لها سأنهى كل شئ حالا..اردتُ تبديد مسحة الحزن التى على وجهها وحتى أُُشّعرها ببعض مودة انسانية سألتُها اسمها، وشهادتها، عرفت انها تخرجت من كلية التجارة الخارجية قسم البرمجة، وانها تعمل فى مكتب احد اساتذتها فى مجال البرمجة..
انهت الموظفة المضطلعة بملف ابى الفتاة، وانهى موظف آخر استمارة صرف لعشر شهور، قلتُ لها:«لولا تأخر الوقت وانصراف مندوب المالية، كنتِ استلمتِ الشيك مباشرة».. وأردفت:«غدا تأتين لاستلام الشيك ومعكِ توكيل من الوالدة
شكرتنى وشدت على يدى،وكادت تحتضننى، فربت على كتفها مردفة: الى الغد ان شاء الله
كان عصام ابنى يعانى حالة أكتئاب شديدة بعدما انهى خِطبة اول فتاة أحبها حبا شديدا ولكن لم تكن تستحق هذا الحب، مستبدة ومثيرة للمشاكل دائما.. تتسم بعِند شديد.. ارهقته سبع شهور وأضافت على ذلك شروط تزيد من تحكمها واستبدادها.. بعدما ابتعد عنها ظل يعانى.. كان أثر الفراق رغم مثالبها تلك ان اصيب بإكتئاب.. ما جعلنى انا الاخرى اعانى حزنا وحسرة على ابنى الذى كان مثالا حيا للشاب الطموح المثقف القارئ والمتابع للندوات ،
المرح الاجتماعى، الذى يذهب فى رحلات مع اصدقائه وصديقاته الذين يحبونه لكل تلك الخصال
كل هذا هجره وبالكاد كان يذهب لعمله ثم يعود ليغلق عليه حجرته بالساعات وينام طويلا..حين ألتقيت تلك الشابة الجميلة شعرت بإرتياح لها،ولحديثها الهادئ وأختيارها لمفرداتها بعناية.. هاتفتها يوما، وبعد السلام والسؤال عنها وعن والدتها .. سألتها بشكل مباشر عما اذا كانت مرتبطة بأى شكل،نفت،وحين صارحتها بسبب سؤالى هذا واننى ارغب فى خطبتها لأبنى،اعجبنى بشدة صراحتها،اذ قالت ولكننا اسرة بسيطة وأنا ايضا مُطلّقة، أجبتها على الفور.. لا يهمنى تلك الامور ولكننى أهتم بشخصك، وأشعر بارتياح لك واحترم صراحتك،وارسلت لها صورة عصام .. وبدأت تنتابنى حالة من الحيرة، كانت المشكلة كيف نرتب لقاءً طبيعيا بينها وبينه؟.. تلك كانت المعضلة، فعصام لا يمكن ان يسمح لى باختيار شريكة حياته بعدما حرضته على الارتباط بخطيبته أبنة الجيران التى سببت له كل هذه المعاناة ،وللأسف لم تكن كما توقعت،ما لبثت ان اظهرت سلوكا وجانب آخر من شخصية لم نعرفه رغم معاشرتنا لأسرتها كجيران ، بالاضافة لهذا فإن حالته النفسية وإنكفائه على نفسه لا يجعله يخرج، ولا يقابل احد من اصدقائه.
بعدما أرسلت لها صورته،جاءنى اتصالها لتقول لتقول لى «انا اعرف ابن حضرتك يا طنط، هو صديق زوج صديقتى وألتقيته عندها منذ شهرين تقريبا، واردفتْ بشئ من الخجل ولم ألفت نظره.. ادهشتنى كلماتها، واحببت صراحتها وبساطتها ضحكت وقلت لها: «فى الحقيقة كان مرتبطا بخطوبة، فمن الطبيعى ألا يلفت نظره أخرى» شعرت اننى احرجتها، فأردفتُ لأبدد تلك اللحظة،«دعينى افكر فى طريقة اضعك بها فى طريقه.. »:
طلبت منى حسابى على الفيسبوك، ومن ثم التعرف عليه من خلال طلب صداقة له. هتفت بداخلى هايل، كيف غاب عنى لغة العصر، نعم سوف أرسل لها رابط حسابى. وفى ثوانى أرسلت لها وأنهينا المكالمة، على موعد لندبر كيف يلتقى عصام بها لكننى تذكرت قولها ان عصام صديق زوج صديقتها اذن فها هى محلولة،واتصلت بها لاقترح عليها،تدبير لقاء من خلال صديقتها وزوجها،ولكنها أجابت ..
بنبرة شجن قائلة «لكنهما يعملان فى الخليج، ويحضران كل عامين تقريبا» قلتُ لها،«دعينى أدبر كل شئ».
رحتُ اتحين اى فرصة لأفاتح عصام فى الموضوع،وحين جاءت الفرصة،هنالك كان أهدى نفسيا وجلس معنا نشاهد احد البرامج التليفزيونية، وما ان تحدثت معه حول الموضوع،وقال له ابوه:«امك ترشح لك عروس جميلة» ،لم اكن اتوقع كل تلك الثورة، وحين شعر انه تجاوز بصياحه وقوله دعينى وشأنى،لا اريد سماع شئ عن زواج..شعر بخجل لتطاوله بالصياح لاول مرة معى، وقال مصطنعا المرح:
حضرتك تريدين تزويجى بطريق اجدادى، وابتسم ابتسامة باهتة « لن اتزوج عن طريق الخاطبة» وتركنى وذهب.
عصام «قبل الزواج»
كنت امر بازمة نفسية رهيبة، لأول مرة اشعر اننى غير قادر على تجاوز محنة، تبدو لكل الناس عادية ولا تحتمل كل ما شعرت به من أكتئاب، وعزوف عن كل شئ وكل العادات والممارسات التى اعتدُها، إذ لم أكن أفكر فى الارتباط ولكن ضغوط الأسرة وخاصة امى، ودفعها لى أن اخطب ابنة الجيران التى كانت متيمة بى، كما كان ظاهرا لكل من يحيطنا؛ من اسرتينا، واصدقائنا المشتركين.، وبالفعل أحسست انها تعشقنى ويظهر هذا جليا من تعاملها معى، فهى جارتنا وتقريبا نشأنا معا، كانت تتقرب الىّ بشكل يجعل كل المحيطين يلاحظون.. وما ان اقتربت منها اعترفت لى بعشقها لى وأنها متيمة بى واننى حلم حياتها..ورضخت لرغبة أمى،، لقلبى ومن ثم بادلتها هذا العشق وكان هذا قبل الخطوبة، بعد أرتباطنا الرسمي ظهرت كل عيوبها،أكتشفتُ لاحقا عيوبا لا حصر لها؛؛ شخصية عنيدة، ومستبدة ونرجسية الى أقصى درجة ولم استطع تحمل سلوكها..
وكان قرار فسخ الخطوبة قرارا قاسيا علىّ..
وإذا بأمى فى خضم كل هذا تأتى بفتاة اخرى،ترشحها لى.. ألم تكن هى من رشحت لى الاولى، بل ضغطت على لأعطيها فرصة أخرى ربما تغير سلوكها.. لم استطع ابدا وفسخت خطوبة من نعرفها جيدا والتى نشأت معها أكتشفت اننا لا نعرفها
والان ترشح لى أخرى لاندرى شيئا عنها .. لأول مرة احتد وأثور على أمى، حتى ان ابى وبخنى حين انفرد بى.
بعد ايام وجدت على حسابى الفيسبوك
طلب صداقة من فتاة، يبدو من صورتها انها تتمتع بقدر من الجمال، وحين بحثت عن الاصدقاء المشتركين بيننا لم اجد الا امى، وهنا حدست انها المرشحة، فلم استجب لطلب الصداقة
وبعد ايام وجدت مشاركة لمنشور لها على حسابى، كان وجهة نظر لها اقرب لتحليل لقضية تهمنى، وجدتها تقترب جدا من رأى، ولم يحدث هذا مرة واحدة بل توالت المشاركات لمواضيع عامة ثقافية كرأى فى رواية أحبها، او تحليل لفيلم افضله، مما زاد فضولى، لمعرفة سيرتها على حسابها، وجدت العديد ان لم يكن كل المفضلات لدىّ هى لديها.. ولكننى لم ابادر بإرسال طلب صداقة، وفى يوم من الايام وجدت منها رسالة على الميسنجر تسألنى عن بلد اوربى، وكنت قد سافرتُ الى فرنسا فى مهمة عمل، قالت انها فازت بمنحة كورشة عمل هناك تريد معرفة تفاصيل عن أهم المزارات بها،
شعرت انها تتقرب الىّ وهذه
الرسالة حيلة منها لكى نكون أصدقاء،وبالفعل أجبتها، ومن هنا صرنا أصدقاء على الفيسبوك.. ورحنا نتبادل الآراء فى امور شتى، اعجبنى منها مثابرتها وإصرارها على التقرب الىّ، بالاضافة لشخصيتها وثقافتها وكل المشتركات التى بيننا..
وقلت فى نفسى لا مانع من التعرف عليها عن قرب وكان هذا بعد ثورتى على امى وممانعتى بشهور ثمانية
طلبت منها للقاء، فجاءت موافقتها على الفور.. وحين ألتقيتها شعرت براحة لهدوءها وثقافتها التى شعرت انها تتعمد إظهارها وكأنها (تستعرض) هذا فقط اشعرنى بتحفظ ما.. وتوالت لقاءاتنا ودردشتنا المباشرة عبر الواتس اب، بل وعبر الهاتف.. شعرتُ برغبة فى الارتباط بها، وكنت قد تجاوزت عن كونها مُطلقة، خاصة حين حكت لى قصة زواجها الأول، وكم تم ظلمها فى تلك الزيجة.. وبالطبع كنت أعرف رأى أمى، ولم يكن لدىّ أى شك انها اقنعت ابى بقبولها.. لم يبق سوى ان اتخذ خطوة جادة وأُطّلع امى على موافقتى خِطبة تلك الفتاة. وحين قلت لأمى كانت سعادتها لا توصف. وإن كنت اعرف انها ربما
عرفت منها..
تمت الخطوبة وكانت أمى الأسعد وكذا امها التى لم تصدق ان تتزوج ابنتها من شاب لم يسبق له الزواج ولم يكبرها الا بشهور
الأم (بعد الزواج)
شعرت بفرحة لم اشعر بها من قبل إلا حين تزوجت حبيبي.. وكيف لا افرح وانا ارى الفتاة التى اخترتها وارتحت لها، وشعرت اننى اخيرا اصبح لى ابنة كنت اتمنى انجابها..
ولكن يا فرحة ما تمت، لقد تغير كل شئ، منذ الاسابيع الاولى للزواج، شعرت بجفاء منها لا أعرف سببا له، رغم اننى ،قبل الزواج، وأثناء الخِطبة القصيرة، عقدت معها ميثاقا للتعامل، قلت لها بالحرف الواحد «لقد كنتُ زوجة ابن لحماة، وسوف أقدم لك كل ما قدمته حماتى من جميل وايجابى، ولسوف اتجنب كل سلبى رأيته منها» ليس هذا فحسب بل زدت «حتى ما كنت اتمناه من حماتى ولم تفعله لى سافعله معكِ» وطلبت منها طلب أقرب للرجاء «حبيبتى لو سمحتِ اى شئ يزعجك منى؛ فعل او قول،سرعان ما تأتى لتراجعينى،فقد يكون هناك سوء تفاهم..
للأسف لم تلتزم بهذا الاتفاق، وبدأت تنقطع عن زياراتنا، وفى الزيارات النادرة جدا فى مناسبات، كعيد من الاعياد او عيد الام، تأتى متجهمة، ولا تشارك فى اى حديث معنا، وتظل ناظرة فى هاتفها طوال الزيارة.. وحين سألت عصام بأستياء عن السبب انفعل ولا أدرى لماذا؟
شعرت بحزن شديد، ولكن زوجى قال لى، لا تهتمى، المهم ان يكون ابنكِ سعيدا معها. سلمت امرى لله.
الزوجة (بعد الزواج)
كان كل شيئ رائعًا في البداية، “عصام” هادىء وإنسان مسالم جدًا، كل هدفه في الحياة بيت نظيف وطعام جيد وامرأة تحفظه وأطفال صالحين، وآهٍ من هذه الأخيرة!
بعد مرور ستة أشهر من الزفاف كنت نعم الزوجة -كما أظن-، قررت أن أطرق أبواب الأطباء بشأن الإنجاب، طبيب يتبعه آخر وفحوصات تتبعها أخرى ولا نتيجة مثمرة ، في النهاية.
“عصام” لا ينجب!
عنده ما يحول ذلك،ويحتاج لعلاج قد يقصر او يطول، وأنا عندي مايمنعني من الطلاق والعودة لبيت أهلي لقد تعودت على الهدوء والنظافة وعلى مستوى معيشي رائع وفره لي عصام، لم يعارضني في أي رغبة ولم يحرمني من أي شيئ حتى قبل أن نعرف مشكلة إنجابه كان نعم الزوج وأنا أصبحت فجأة بئس الزوجة.
أريد أطفال غريزتي التي فطرني الله عليها ورغبة كل أنثى سوية على وجه الأرض، كانت الخيارات صعبة والمغريات في بيت عصام تدفع أي أنثى عاقلة للعيش في كنفه وكفالة طفل كما عرض هو علي حتى نرحم غريزة الأمومة هذه بشكل مؤقت إلى أن ينظر الله في أمره، إلا أنني رفضت لن أهدر صحتي على طفلٍ لستُ أمه ولن يقاسمني أحد في قلب عصام وماله!
أووووه عصام نفسه لن أهدر لأجله صحتي، لن أخدم رجلًا عجز أن يحقق لي حلمي وحلم كل أنثى، ولن أتعب لأجل رجلٍ تتعبني أمومتي معه.
صرتُ أنسانة بائسة،وشعرتُ بأضطراب شديد،لم اعد أطيق علاقته بأسرته،ولم أطق اصلا ان ارى احد منهم،وأتبعت معه أسلوبا جديدا:
“أنا مريضة”.. !
جهز طعامًا لنفسك، أنا متعبة اغسل أنت الملابس اليوم، عندي صداع رهيب امسح أنت الأرضيات، رأسي يؤلمني اجلي الصحون التي في حوض الجلي لو سمحت !
كان يتحملني في البداية بل ويُمرّضني رغم أنني كنت أدعي المرض، أحيانًا يأتي بخادمة ترتب لنا كل شيء وأحيانًا يفعل كل أمر بنفسه لأنه ملَّ أخلاق الخادمات.
مر عامان وأنا ممعنة في عنادي وهو غارق في صبره، إلى أن قرر مصارحتي ذات يوم بأنه يشعر بكذبي كيف لي أن أكون بكامل صحتي في بيت أهلي ومع صديقاتي ومتعبة حد الموت في بيته، تقارير الأطباء تثبت أنني أكثر عافية منه لكنني مصرة على انعدام العافية. كان شجارًا صعبًا، تغير فيه كل شيئ وتحول عصام لرجل لا أعرفه خرج من البيت وعاد بعد إسبوعين قال جملة واحدة ” من تمارض مرض” وأسأل الله أن يكتب عليكِ ما تدَّعينه لأنكِ آذيتني”. وترك لى البيت… شهرين لا اعرف عنه شيئا، كان
فقط
يرسل لى مصاريف البيت ويزيد عليها،مع حارس العمارة.
وفجأة جاءنى خبر زفافه على الفيسبوك..استشطتُ غضبا.. هكذا ببساطة، عصام النذل يتزوج عليَّ وأنا التي صبرت على عقمه وعيبه!
لم أتأقلم مع فكرة زواجه قررت الانفصال قرارًا تأخرت كثيرًا في أخذه،
وتم طلاقى للمرة الثانية، لكن هناك فرقا كبيرا بين سبب الطلاق الاول من زوج انانى، كان يهيننى ويضربنى، وبين الطلاق الثانى من زوج لم اقابل فى دماثة خلقه احد، ابن اصول بحق.
الآن ألوم نفسي لأنني بالفعل آذيت عصام رغم أنه لم يكن يستحق الأذى ومرارًا أشعرته بعجزه رغم أنه كان قدر الله له.. واستنزفت ماله عمدا وكأنني أنتـقم منه.. وبدأت مرحلة شديدة السوء فى حياتى، كمُطلقة
يعرف أهلها وصديقاتها أنها لأكثر من عامين تكذب على زوجها و تعايره بما فيه وليس فيه!
-صديقاتي يتهربن مني خشية على أزواجهن، وزوجات أخوىّ يخشين على أنفسهن مني لأنني ممثلة بارعة وأمي تنظر لي نظرة لوم وعتاب لكن عينيها تفصح قائلة “لطالما نصحتك في الانفصال بحكمة، أو الرضاء بما قسمه الله”!
أركض من عمل إلى آخر لأعول نفسي، وأتحرك من مصلحة إلى أخرى لأنجز أعمال الناس فيصيبني صداع عظيم لا يهدأ لأيام أذهب للطبيب فيخبرني أني أعاني أورامًا في رأسي وبحاجة لعلاج طويل..تلمع في ذهني كلمة عصام ” من تمارض مرض، أسألُ الله أن يكتب عليك ما تدَّعينه لأنك آذيتني”.
-أكتبُ لعصام رسالة طويلة، أخبره أنني آذيته عامدةً لكنني لقيت جزائي، واستنزفت صبره وماله وحنانه حتى جعلت منه رجل وامرأة البيت، وأسأله أن يغفر لي حتى يغفر الله ذنبي بحقه!
لم يرد!
فأرسلت له مرة ثانية وثالثة ورابعة..بعد شهور ارسل له للمرة الخامسة جاءني الرد الصادم “عذرًا زوجتي تلد بالمشفى سأهاتفك بعد أن أنتهي”!
كان هذا الخبر كالصاعقة علىّ
وكدت أُجن، كيف؟ الم يقل الاطباء الذين ذهبنا اليهم ان حالته نادرة وتحتاج الى علاج طويل؟ كيف حدث هذا؟..
أدركت ان العلاج اثمر نتيجته حين استقر مع زوجة تستحقه،
أراقبه عن بعد فأجده يكتب عن زوجته الرائعة كل يوم فأحسدها على حبه، وأرى صورهما مع طفلتهما، ابكى حسرة وندما.. وحين أنظر إلى صور طفلته فأجدني حتى اللحظة مريضة أورام لن تتزوج
! ولم تنجب ولن تنجب